السماح بقَطر «سونيون».. «هدنة إيران» تفضح تبعية الحوثي

أربك إعلان إيران السماح بوصول زوارق القطر وسفن الإنقاذ إلى ناقلة”سونيون” النفطية المشتعلة في البحر الأحمر منذ أكثر من أسبوع، الحوثيون وأوقعهم في حرج بالغ لفضحه تبعيتهم المطلقة لطهران.

وسارعت مليشيات الحوثي على لسان ناطقها محمد عبدالسلام، بتدارك مأزق الموقف المحرج من خلال نفي ما أعلنته إيران من وجود “هدنة مؤقتة” لقطر الناقلة، وأن الاتفاق اقتصر على “السماح بسحب السفينة”، في إشارة حملت تأكيدا ضمنيا في الوقت ذاته لما ذكرته طهران.

وفي موقف جديد يثبت أنها المحرك الرئيسي للحوثيين ولهجماتهم البحرية، أكدت طهران على لسان بعثتها لدى الأمم المتحدة موافقة وكلائها باليمن على “هدنة مؤقتة تسمح لقوارب صغيرة وسفن إنقاذ بالوصول إلى ناقلة النفط سونيون في البحر الأحمر من أجل قطرها”.

وشكلت هذه الخطوة مرة أخرى حرجا بالغا للحوثيين الذين لطالما نفوا إعلاميا وسياسيا تبعية طهران خصوصا استهدافهم للسفن التجارية في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن بزعم “نصرة الفلسطينين” وليس “تنفيذا للأجندة الإيرانية في المنطقة”، وذهب زعيم المليشيات لاتهام من يروج ذلك بـ”العمالة لاسرائيل”.

تبرير يكشف التبعية

لم يربك الإعلان الإيراني جماعة الحوثي ويحرجها فحسب، بل فضح مجددا التبعية رغم مسارعة ناطق الجماعة للخروج في موقف متباين ينفي ويؤكد في آن واحد، وهو مؤشر واضح لحالة “إرباك”، بحسب مراقبين.

وكتب ناطق الحوثيون بعد لحظات من نقل وسائل إعلام الإعلان الإيراني، تغريدة على منصة “إكس” قال فيها إنه “بعد تواصل جهات دولية عدة معنا خصوصا الأوروبية تم السماح لهم بسحب سفينة النفط المحترقة سونيون”، وذلك دون أن الإشارة لـ “الهدنة المؤقتة” الإيرانية في محاولة لتخفيف وطأة تصريحات طهران على الجماعة.

وكان مصدر مسؤول في البحرية اليمنية قال لـموقع “العين الإخبارية”، إن مليشيات الحوثي كانت ترفض قطر سفينة “سونيون” التي استهدفتها في 21 أغسطس الجاري وبقيت طافية كتهديد بيئي خطير إثر وجود حرائق حول فتحات خزانات النفط الخام على سطح الناقلة.

وأكد أن “محاولات قطر السفينة النفطية اصطدمت بتهديدات لمليشيات الحوثي” التي أبقت زوارقها المسلحة في المنطقة واستهدفت منع أي جهود لتجنيب الشواطئ اليمنية والبحر الأحمر برمته تلوثا قاتلا من حمولة نفطية تقترب من حمولة “قنبلة صافر” التي أثارت قلقا دوليا واسعا وحُشدت ملايين الدولارات لإنقاذها.

ويكشف حديث المصدر اليمني حقيقة الموافقة المفاجئة لمليشيات الحوثي من “السماح بقطر ناقلة سونيون” إذ أن تراجع التهديدات يفضح أنها “توجيهات إيرانية” ومن الواضح أنها استجابة لتحركات أوروبية مقابل مكاسب سياسية ستجنيها طهران.

وهذا ما أكده خبراء يمنيون أن “التراجع الحوثي المفاجئ بعد التهديدات والإعلان الإيراني الصريح عن السماح بقطر الناقلة دليلا جديدا يحمل رسالة إيرانية للمجتمع الدولي مفادها أن “طهران هي المتحكم في الهجمات البحرية ووضع البحر الأحمر” وتهديد حرية الملاحة.

كما جاء الإعلان الإيراني بعد يوم فقط من تعيين طهران مندوبا جديدا لها في صنعاء بمسمى “سفير” استمرار لدورها في استغلال الملف اليمني ومؤخرا ملف البحر الأحمر كأوراق لمساومة وابتزاز المنطقة والغرب والمجتمع الدولي، وفقا للخبراء.

البحث عن مخرج للورطة

وخلافا عن الموقف الحوثي الحريص على الظهور بنوع من الاستقلال عن التبعية أمام أتباعه كخطوة دأبت اتباعها الجماعة للاستهلاك الإعلامي، بدت المليشيات بعد الهجوم على “سونيون” في وحل يصعب التخلص منه بشأن هجماتها البحرية وحتى في تأخر ردها على اسرائيل.

ففي خضم الاصطدام مع المجتمع الدولي والغرب خصوصا في البحر الأحمر، لجأت مليشيات الحوثي لتكتيكات عديدة بحثا عن الخروج من ورطتها منها تبني خطاب يتلخص بأن “التنازل للجانب الأوروبي” أخف ضررا وأهون من “التنازل للجانب الأمريكي”.

وهذا النهج، أظهره للمرة الأولى زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي بخطاب مرئي قبل أسابيع، حين زعم أن “الدور الأوروبي يسعى لاحتواء المواقف وتحت سقف ضعيف” فيما “الدور الأمريكي يكون تحذيرا” وتحت الهيمنة وهي مفارقة تميزية لإيجاد مخرج وتجنب الحرج الشعبي عقب الفشل في مجابهة الأساطيل وتحت تأثير الضربات الأمريكية البريطانية.

وكشفت حالة “سونيون” الأمر نفسه، حيث حرص ناطق الجماعة محمد عبدالسلام على إظهار أن التواصل الدولي وخصوصا “الأوروبيين” كان “معنا” لبعث إشاره موافقة مبدئية بقبول أي جهد أوروبي ينقذ سمعة ورطتها سياسيا وشعبيا وذلك بجانب تخفيف ضغط حرج الإعلان الإيراني.

وكانت مهمة “أسبيدوس” أكدت استعدادها “قطر ناقلة سونيون لتجنب أزمة بيئية كارثية”، وأشارت إلى “التنسيق الوثيق والمشاركة الفعالة من جانب الدول الإقليمية”.

وصباح 21 أغسطس/آب الجاري، هاجم الحوثيون بـ3 زوارق مسلحة سفينة سونيون التي ترفع علم اليونان وتنقل أكثر من 150 ألف طن من النفط الخام قبالة الحديدة، إذ اشتبك أحد الزوارق مباشرة بالقذائف مع طاقمها الأمني قبل أن تنجح الناقلة من الإفلات لبضعة أميال بحرية.

وبعد ساعات، أطلق الحوثيون صاروخين مضادين للسفن على الناقلة النفطية على بعد 72 ميلا بحريا من الحديدة مما تسبب بإصابتها واشتعال حريق وفقدت قوة محركها، فيما تدخلت فرقاطة فرنسية لاحقا وأنقذت طاقم السفينة المكون من 25 بحارا، بحسب مصدر مسؤول في خفر السواحل اليمنية لـ”العين الإخبارية”.

وظل الحوثيون ينشرون زوارقهم في منطقة طفو السفينة وبثوا مقاطع دعائية توثق نحو 3 انفجارات في الناقلة يعتقد أنها ليس للهجوم الصاروخي الأول وإنما لمتفجرات زرعتها الجماعة لاحقا بحثا عن “صورة للنار المشتعلة” دون أن تلقي بالا لخطر حدوث تسرب نفطي من شأنه أن يقتل سواحل اليمن بالتلوث ويحرم آلاف الصيادين من مصادر رزقهم وينذر بكارثة بيئية، وفقا لإدانات دولية.

نقلًا عن :” العين الإخبارية”

زر الذهاب إلى الأعلى