وزراء يفكرون بالاستقالة بسبب عجز الحكومة المعترف بها عن حل الأزمات
ألقى تدهور الأوضاع الإنسانية والاقتصادية والخدمات بظلاله على الحكومة اليمنية وسط تعثر مساعيها في إيجاد مخرج لهذه الملفات المعقدة، نتيجة عراقيل عدة تقف أمامها، فيما ترددت أحاديث بكثرة في الأيام الأخيرة عن تذمر داخلها بسبب هذا الفشل، وتفكير بعض الوزراء بالاستقالة خصوصاً عقب تزايد الاحتجاجات في العديد من المناطق والمدن.
وقالت مصادر حكومية رفيعة، بينها وزيران، لـ”العربي الجديد”، إن عدداً من الوزراء في الحكومة اليمنية يفكرون بشكل جدي في الاستقالة ومغادرة الحكومة على خلفية عدم قدرتهم على التخفيف من تداعيات تدهور الأوضاع، وحتى لا يكونوا جزءاً من المعاناة التي يتحملها المواطنون. وأوضحت أن هذا الطرح برز جراء فشل الحكومة اليمنية والوزارات في القيام بدورها في حل الملفات التي أنهكت المواطنين، وغياب أي رؤية أو بوادر لأي حلول واضحة تدفع نحو انفراجه قريبة تعيد أمل الناس بقدرة حكومتهم على حل مشاكلهم، رغم الاحتجاجات والمطالبات بحل مشاكل الخدمات وفي مقدمتها الكهرباء.
•ضرر البقاء في الحكومة اليمنية
ووفق المصادر، فإن هناك اعتقاداً يسود لدى عدد من الوزراء بأن ضرر البقاء في الحكومة اليمنية أصبح أكبر من الخروج منها، خصوصاً مِن قبل من يعايش واقع الناس في عدن وباقي المناطق مع تدهور الخدمات، لا سيما الكهرباء التي تنقطع لساعات طويلة في ظل حرارة مرتفعة خلال فصل الصيف وتواصل هذه المشكلة المعقدة، إلى جانب تدهور جديد لقيمة العملة اليمنية وارتفاع الأسعار بما فيها الخبز. وبحسب المصادر، فإن بعض الوزراء باتوا يتجنبون الخروج إلى الشوارع.
وبرأي المصادر، فإن الفشل في حل مشكلة الكهرباء تتعدد أسبابه، في ظل تورط قوى سياسية وعسكرية في هذا الملف وتحقيق أرباح منه، وصلت إلى حد احتكار بيع وشراء الوقود ومنع تزويد محطات الكهرباء بالوقود، وإغراق المدن بالظلام، وبالتالي، استخدامه وسيلةَ ضغط لفرض أسعار مرتفعة على الحكومة اليمنية تصل أحياناً إلى ضعف الكلفة، لا سيما أن الكثير من الأطراف باتت تملك شركات لاستيراد وبيع الوقود، الذي يعتبر واحداً من أهم مصادر إيراداتها.
يذكر أن العاصمة المؤقتة عدن وبعض المناطق والمدن اليمنية الأخرى تشهد احتجاجات غاضبة وقطع طرق ضد تردي الخدمات وانقطاع الكهرباء لساعات طويلة مع ارتفاع درجة الحرارة. وأدى هذا الأمر إلى جانب أزمة انقطاع المياه إلى تكدس المواطنين في السواحل والشوارع والمراكز التجارية والفنادق وحتى المستشفيات الخاصة بحثاً عن منفذ ينقذ الأطفال وكبار السن والمرضى من الرطوبة والحرارة المرتفعة. وأضيف إلى ذلك إغلاق المخابز الخيرية أبوابها احتجاجاً على انهيار العملة وارتفاع أسعار المواد الأولية، إلى جانب زيادة تكاليف شراء الوقود لتوليد الكهرباء، خاصة لتشغيل الأفران.
وقال المواطن محمد أمين، لـ”العربي الجديد”، إنه يضطر لإخراج والده ووالدته وأطفاله إلى الساحل نظراً لوجود قليل من البرودة، وذلك لتمكينهم من النوم قليلاً في الليل، حين يمتد انقطاع الكهرباء لساعات طويلة، خاصة بعد امتلاء الفنادق بالناس الهاربين من منازلهم بسبب درجة الحرارة المرتفعة، ما أدى أيضاً إلى ارتفاع أسعار الغرف في الفنادق والشقق.
•لا تحرك للحكومة
من جهته، لخص عبد الرحمن هلال، وهو موظف في إحدى الدوائر الحكومية في عدن صعوبة الوضع، قائلاً لـ”العربي الجديد”: أنا غير قادر على القيام بعملي نفسياً وفكرياً وجسدياً وحتى معنوياً، وهو ما قد لا تفهمه الحكومة اليمنية والأطراف السياسية. وأضاف: أما إذا فهموا هذا الأمر، فالوضع أسوأ لأنهم لا يتحركون لإخراجنا من هذه الحالة، فنحن لم نعد قادرين بصفتنا موظفين على تسهيل معاملات الناس وتقديم الخدمات لهم، أو الحضور للعمل مع انقطاع الكهرباء أثناء الدوام، وعدم قدرة الكثير من الحضور إلى الدوام لارتفاع درجة الحرارة بسبب قلة النوم وتوقف الأجهزة والمعدات في المرافق والمكاتب عن العمل.
أما المدرسة سلمى رأفت فقالت لـ”العربي الجديد”، بينما كانت تجلس في أحد المستشفيات الخاصة وأمامها كراسات وتقوم بتصحيح فروض الطلاب، إنها لا تستطيع القيام بهذه الأمور في المنزل، لذلك تستخدم هي وزميلاتها من المدرسات باحة أحد المستشفيات الخاصة والمراكز التجارية للقيام بذلك، نظراً لكونها أماكن مكيفة لوجود كهرباء خاصة.