فرحة غائبة وبضائع بلا زبائن.. اليمنيون يستقبلون رمضان بجيوب فارغة
بعد نحو عشر سنوات من حرب انطلقت بعد سيطرة جماعة “الحوثي” على العاصمة اليمنية صنعاء في سبتمبر/ أيلول 2014، يستقبل اليمنيون شهر رمضان في ظروف معيشية صعبة أثرت على فرحتهم باستقبال شهر الرحمة والمغفرة.
“نستقبل رمضاننا العاشر ونحن نعيش أسوأ أوضاع معيشية في العالم، فلم نعد نملك قوتنا اليومي بسبب الظروف الصعبة التي يعاني منها بلدنا جراء الحرب”، هكذا بدأ المواطن اليمني عبدالله ناصر، في رواية حكايته عن الشهر الفضيل.
وقال ناصر: “لم نقم بشراء أي شيء لمتطلبات شهر رمضان، فنحن لا نملك المال، وبالكاد نستطيع توفير قوت كل يوم بيومه”.
يقطن ناصر في مدينة تعز جنوب غربي اليمن، حيث يعتمد على الأموال التي يجنيها من نقل الركاب على دراجته النارية في توفير المستلزمات الأساسية لأفراد أسرته السبعة.
وأضاف الرجل الستيني وهو يقود دراجته النارية: “أعمل في نقل الركاب بشكل يومي، من أجل توفير المستلزمات الأساسية للبيت، أما رمضان فلم يعد يهمنا منه سوى الصيام، طلبا للرحمة والغفران وحسن الخاتمة”.
وتابع: “لم أعد أقوى على العمل بسبب كبر سني ومعاناتي من أمراض متعددة، لكنني مضطر للعمل حتى في نهار رمضان من أجل توفير القوت اليومي لأسرتي المكونة من سبعة أفراد”.
ويعد ناصر واحدا من ملايين اليمنيين الذين يواجهون واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية بالعالم، جراء تداعيات الحرب التي مزقت البلد الفقير منذ نحو تسع سنوات.
وتشير التقديرات إلى أن 17.6 ملايين شخص باليمن (من أصل 35 مليونا)، يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد في عام 2024، وفق تقرير صادر في فبراير/ شباط الماضي عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا”.
ويستقبل اليمنيون رمضانهم العاشر دون أفق لحل الصراع في البلاد، إضافة لاستمرار تدهور العملة المحلية وارتفاع حاد في الأسعار، حيث اقترب سعر صرف الدولار الواحد من 1700 ريال، مرتفعا من ألف ريال فقط عقب تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في أبريل/ نيسان 2022.
رمضان بلا استعداد
أم حبيب، ربة بيت في العقد السادس، تشكو هي الأخرى من ظروف صعبة تعاني منها أسرتها في تعز، أكثر المحافظات اليمنية سكانا، ما أثر بشكل كبير على فرحتها بقدوم رمضان.
وقالت أم حبيب للأناضول: “لم نشتر بعد احتياجات الشهر الكريم، وحالتنا المعيشية صعبة، والغلاء يحاصرنا من كل اتجاه بسبب ظروف البلاد، والكثير مما يجب شراءه لشهر رمضان بات بعيدا عن متناول اليد”.
وتقارن أم حبيب بين وضعها الحالي وقبل اندلاع الحرب قائلة: “كنا نستعد لرمضان بتوفير كل احتياجاته مثل التمر الذي كنا نشتريه منتصف شعبان، لكن الوضع الآن لا يطاق، فالحرب ولدت الفقر والمرض، ما أثر نفسيا على معظم الناس وحرمانهم من فرحة الشهر الكريم”.
وأردفت: “هذه الأوضاع القاسية لا حل لها سوى عودة السلام في كل أرجاء اليمن، لا فرح حقيقيا في أي شهر إلا بانتهاء الصراعات وتحسين أوضاع الناس المعيشية”.
بضائع بلا زبائن
يستقبل اليمنيون شهر رمضان والأسواق مكدسة بمختلف البضائع والسلع التي باتت بعيدة عن متناول أيديهم بسبب الفقر.
التاجر اليمني معاذ المريسي، قال للأناضول، إن “معظم المواطنين يعانون كثيرا مع اقتراب شهر رمضان المبارك”.
وأضاف: “ومع قرب رمضان وبمبادرات ذاتية من التجار، وضعنا تخفيضات في الأسعار على السلع من أجل تشجيع الناس على الشراء تقديرا لظروفهم”.
وأوضح المريسي أن التجار يواجهون “ركودا مستمرا بسبب ضعف القدرة الشرائية للمواطنين نتيجة الحرب”.
فرحة غائبة
الكاتبة اليمنية في الشؤون الاجتماعية إفتخار عبده، قالت إن الفرحة باستقبال شهر رمضان “غابت عن وجوه اليمنيين، إذْ لم تعد الحياة كما كانت قبل الحرب”.
وأضافت للأناضول: “مع قدوم رمضان عاشر في ظل الصراع، يهتم المواطن اليمني فقط في كيفية حصوله على قوت يومه، بخلاف الماضي حيث كان الشهر موسما لتغيير أثاث البيت ونحو ذلك”.
وتابعت: “اليوم، أصبح قدوم رمضان مصدر قلق وخوف للكثير من أرباب الأسر، كون جيوبهم أصبحت خالية، وفي واقع يشهد غلاء فاحشا في الأسعار، وتراجع كبير في المساعدات التي كانت تقدمها المنظمات الإغاثية”.
وأشارت الكاتبة إلى أنه “رغم حالة التهدئة في جبهات القتال، إلا أن أوضاع المواطنين تزداد سوءا من الناحية المعيشية بسبب تراجع العملة وتوقف تصدير النفط وأزمة البحر الأحمر (هجمات الحوثيين على السفن)، إضافة إلى عدم تحقق السلام الذي يعد المحرك الرئيسي لإعادة فرحة اليمنيين، وخاصة فرحة رمضان”.
ومنذ مطلع العام الجاري يشن تحالف “حارس الازدهار” الذي تقوده واشنطن غارات يقول إنها تستهدف “مواقع للحوثيين” في مناطق مختلفة من اليمن، ردا على هجماتها في البحر الأحمر، وهو ما قوبل برد من الجماعة من حين لآخر، ما أثر على كمية البضائع المستوردة إلى اليمن عبر البحر.
عن الأناضول