استهداف الحوثيين للسفن يفرض تداعيات اقتصادية وعسكرة للبحار

مع تصعيد مليشيا الحوثي، هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر، يزداد التوجّه لتشكيل قوة دولية هناك لحماية السفن والتجارة العالمية، الأمر الذي يثير قلقا بشأن تبعات “عسكرة” البحر والمنطقة.

ورغم إعلان واشنطن أن تهديد الحوثيين للسفن “يتطلب حلا دوليا”، في إشارة لتشكيل قوة دولية، فإن يوم الجمعة مرَّ ساخنا ومتوترا، مع تعرض عدة سفن لهجمات أو محاولة اختطاف.

ومنذ نوفمبر الماضي، يواصل الحوثيون استهداف السفن بالصواريخ والطائرات المسيّرة، بدعوى منع وصول إمدادات إلى إسرائيل خلال حربها الجارية على قطاع غزة، ما يزيد القلق من زيادة أسعار السلع في الأسواق العالمية، والتي لم تتعافَ بعد من تبعات أزمتي حرب أوكرانيا وكورونا.

عسكرة البحر الأحمر
يعدد الخبير الاقتصادي أبو بكر الديب، لموقع “سكاي نيوز عربية”، بعضا من الجوانب الأمنية والاقتصادية التي تؤثر سلبا على المنطقة والعالم جراء الهجمات الحوثية:

• يمثل البحر الأحمر حلقة الوصل البحرية الأسرع والأقصر بين آسيا وأوروبا، وشريانا حيويا يمر من خلاله نحو 10 في المئة من إمدادات النفط المنقولة بحرا على مستوى العالم، ما يساوي 6- 7 ملايين برميل نفط يومي، و12 في المئة من التجارة العالمية، وفقا لإدارة معلومات الطاقة الأميركية، وهو ما سيؤثر على سلاسل التوريد ويرفع أسعار السلع ويزيد التضخم.

• الهجمات والتهديدات الحوثية تتسبب في ارتفاع تكلفة التأمين على السفن التي ستحاول السير في طرق بديلة أكثر أمنا، لكن أكثر تكلفة في نفس الوقت، مثل طريق رأس الرجاء الصالح (حول إفريقيا)، وهو طويل جدا، ويزيد مبالغ التأمين والشحن.

• بعض شركات التأمين رفعت الأسعار فعلا الأسبوع الماضي بنسبة تصل إلى 200 في المئة، نظرا لزيادة المخاطر.

• بالنسبة إلى إسرائيل، يمر عبر البحر الأحمر أكثر من 50 في المئة من تجارتها الخارجية.

• مع دخول البحرية الفرنسية إلى جانب البحرية الأميركية والبريطانية للتصدي للهجمات الحوثية، تتصاعد المخاوف من عسكرة البحر الأحمر والمنطقة.

قوة ردع دولية
نتيجة لتوالي استهداف الحوثيين للسفن بالصواريخ والطائرات المسيّرة، أطلقت واشنطن تحذيرا في 12 ديسمبر، بأنها تأخذ الوضع في البحر الأحمر “على محمل الجد”.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، بات رايدر، خلال مؤتمر صحفي: “التصرفات التي رأيناها تؤدي إلى زعزعة الاستقرار، وهي خطيرة، ومن الواضح أنها تشكّل انتهاكا صارخا للقانون الدولي، وبالتالي فهذه مشكلة دولية تتطلب حلا دوليا”.

عن هذا “الحل الدولي”، يقول الباحث السياسي في الشأن الدولي أيمن سمير، لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن الولايات المتحدة عازمة على تشكيل قوة ردع دولية في البحر الأحمر، ستشارك فيها 39 دولة بقوات بحرية كبيرة، من ضمنها 35 سفينة حربية وطائرات مسيّرة، وقد وافقت 27 دولة حتى الآن للانضمام إليها.

ونوّه سمير إلى أن الهدف من تشكيل قوة دولية هو “منع الاحتكاك المباشر بين إسرائيل والحوثيين، والأهم هو عدم جرّ الولايات المتحدة إلى حرب مباشرة مع الجماعة التي تحركها طهران، إضافة لحماية التجارة العالمية”.

من جانبه، صرّح مكتب السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي يوم الأربعاء، بأن “الهجمات العديدة التي تنطلق من المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن، تهدّد الملاحة الدولية والأمن البحري، في انتهاك خطير للقانون الدولي”.

ماذا حدث الجمعة؟
شنَّت مليشيا الحوثي هجمات استهدفت سفينتين ترفعان علم ليبيريا في مضيق باب المندب، الجمعة.

ووفقا لمسؤول دفاعي أميركي، فإن مقذوفا، يعتقد أنه طائرة مسيّرة، أصاب إحدى السفينتين، وهي “إم.إس.سي بالاتيوم 3” المملوكة لشركة سويسرية، مما أدى إلى نشوب حريق دون وقوع إصابات.

وفي مؤشر على احتمال اتساع الهجمات البحرية ليشمل مناطق أخرى غير اليمن، نقلت وكالة “رويترز” عن بيان لقوة مكافحة القرصنة في الصومال التابعة للاتحاد الأوروبي، الجمعة، أن السفينة “فيكتوريا”، التابعة للبحرية الإسبانية، تبحر بأقصى سرعة تجاه سفينة تجارية، قد يكون قراصنة قد اختطفوها.

وفي ذات اليوم، قالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية إنها تلقّت تقريرا من أحد ضباط أمن السفينة، قال فيه إنه يعتقد أن الطاقم لم يعد يسيطر على السفينة التي تتجه حاليا نحو الصومال.

وتشير معلومات قاعدة بيانات الشحن العامة “إيكواسيز” إلى أن السفينة التي ترفع العلم المالطي تشغّلها شركة بلغارية.

زر الذهاب إلى الأعلى