“اللجنة المركزية” أحدث محاولات الحوثيين للجباية باسم القضية الفلسطينية
في أحدث محاولاتها لاستغلال القضية الفلسطينية والمتاجرة بدماء شهداء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، للتربح ممّا يجري من أحداث في المنطقة والإقليم، شكّل الحوثيون ما سمّيت بـ “اللجنة المركزية للحملة الوطنية لنصرة الأقصى” والتي تتمثّل أبرز مهامها في جمع تبرّعات مالية و”التعبئة” في بلد تصنّفه الأمم المتحدة بأحد أكبر الأزمات الإنسانية في العالم مع احتياج ما يقدّر بنحو 21.6 مليون شخص إلى المساعدات الإنسانية أو الحماية هذا العام.
وتعلم الميليشيا الحوثية الموالية لإيران جيّداً أن أي مساعدات عينية أو نقدية تجمعها باسم شعب فلسطين لن تصل إلى قطاع غزة، وأنها لا تمثّل الشعب اليمني وأن حكومتها غير معترف بها دولياً وأن أي موقف رسمي لليمن يتعلّق بقضية عربية أو إسلامية تتخّذه الحكومة الشرعية كحق سيادي وسياسي لها وأن أي تنسيق ينبغي أن يتم عبر جامعة الدول العربية أو منظّمة التعاون الإسلامي.
غير أن الميليشيا الحوثية تحاول تكرير تجربتها خلال سنوات الحرب التي اندلعت أواخر مارس عام 2015 بحرمان اليمنيين في مناطق سيطرتها من حقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والخدمات الأساسية والرواتب والمعاشات وفي نفس الوقت تنظّم حملات جباية يتم فيها إجبار اليمنيين ومطالبتهم بالتبرّع تحت مسميّات كثيرة مثل “دعم المجهود الحربي” و”دعم الجبهات” و”دعم الطيران المسيّر” و”دعم القوة الصاروخية” و”التبرّع لأسر الشهداء والجرحى” و”دعم البنك المركزي” “والمولد النبوي” وغيرها من المناسبات الطائفية التي تسعى من خلالها إلى تكريس سيطرتها وهيمنتها على الشعب والمجتمع.
كما يعلم الحوثيون أيضاً أن إسرائيل تشنّ حملة عسكرية غير مسبوقة على قطاع غزة وتحاصره اقتصادياً بعد أن قطعت عنه خدمات المياه والكهرباء والاتصالات والإنترنت ومنعت عنه الوقود، ولا تسمح إلا بالقليل جداً من شاحنات الإغاثة الإنسانية بالوصول إلى القطاع من مصر عن طريق معبر رفح، وأنه ليس لدى الحوثيين أي طريق أو طريقة لإيصال أي مساعدات مزعومة إلى أبناء الشعب الفلسطيني في غزة، وأن أي مساعدات أو مبالغ مالية ستذهب في النهاية لإثراء قادة ومسؤولي ومشرفي الحوثيين وشراء الأراضي والعقارات وإنشاء المزيد من المشاريع الاستثمارية الخاصة بهم.
وأوردت وكالة “سبأ” في نسختها الحوثية خبراً مفاده أن اللجنة الحوثية الجديدة “أقرّت خطة عملها لنصرة الأقصى والشعب الفلسطيني”، وفقاً لما قضت به توجيهات رئيس ما يسمّى “المجلس السياسي الأعلى” مهدي المشّاط.
وتضم اللجنة التي يرأسها مستشار المشّاط “محمد مفتاح” في عضويتها مدير ما يسمّى “مكتب رئاسة الجمهورية” ورئيس ما يسمّى “المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي” أحمد حامد الذي يوصف بأنه الرجل القوي في الميليشيا وأحد أكبر المسؤولين المتورّطين في قضايا الفساد المستشري في صنعاء والمحافظات التي يسيطر عليها الحوثيون.
كما تضم اللجنة وزير إعلام الحوثيين ضيف الله الشامي ومسؤول ما يسمّى “برنامج الصمود الوطني” قاسم الحمران.
ويؤكد فريق خبراء الأمم المتحدة المعني باليمن (لجنة العقوبات) في تقرير صدر عام 2021 صلات حامد بالأمن الوقائي وجهاز الأمن والاستخبارات وتأثيره على التعيينات المدنية وتخويف المعارضين، وأنشطة الفساد بما في ذلك تحويل المعونة الإنسانية، وتقديم الدعم إلى مدير البحث الجنائي سلطان زابن بعد تورّطه في قمع النساء.
ويوضّح التقرير الأممي أنه “في يناير 2020 دخل شقيق عبد الملك الحوثي وزير التربية والتعليم يحيى الحوثي في نزاع مباشر مع حامد، واتهمه بخلق توتّرات مع جهات فاعلة في مجال العمل الإنساني من خلال المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية. وعلى الرغم من ذلك استطاع حامد أن يوطّد سلطته”.
وتناول التقرير مساعي أحمد حامد وعدد من قادة الحوثيين إثراء أنفسهم من الموارد الحكومية والعامة المحدودة وبناء قواعد متنافسة للسلطة تم تأمينها من خلال الهياكل الأمنية والاستخباراتية المنفصلة التابعة لهم، لافتاً إلى أن ظهور كتل السلطة المتمايزة هذه على أساس المصالح الاقتصادية يقوّض الجهود المبذولة في مجالي السلام والعمل الإنساني.