الحكومة اليمنية تواجه أزمة مالية حادة بسبب خسارة إيرادات النفط
تواجه الحكومة اليمنية أزمة مالية حادة غير مسبوقة، نتيجة استمرار توقف إيرادات النفط، بسبب هجمات الميليشيات الحوثية على مواني التصدير منذ 6 أشهر؛ حيث يعد النفط المصدر الوحيد للعملة الصعبة في البلاد.
ويهدد استمرار هذه التداعيات الحكومة اليمنية بالعجز عن دفع رواتب الموظفين في مناطق سيطرتها، بالتزامن مع تأكيد الأمم المتحدة أن نحو 60 في المائة من الأسر اليمنية واجهت انخفاضات في دخلها خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
ووفق ما ذكره 3 من المسؤولين اليمنيين لـ«الشرق الأوسط»، فإن الحكومة تواجه أزمة مالية غير مسبوقة، نتيجة استمرار تهديدات ميليشيات الحوثي باستهداف مواني تصدير النفط في محافظتي حضرموت وشبوة، منذ الهجوم الذي استهدف ميناء الضبة خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ لأن هذه التهديدات لا تزال تحول دون استئناف التصدير.
وأكد المسؤولون اليمنيون أن احتياطي العملة الصعبة لدى البنك المركزي في عدن تناقص بشكل كبير، وأنه قد يعجز عن توفير الدولار الأميركي لتجار استيراد المواد الغذائية الأساسية والوقود، والمحافظة على استقرار سعر العملة المحلية في مقابل الدولار الأميركي، من خلال مزادات بيع العملة الأسبوعية التي ساعدت على تراجع سعر الدولار من 1800 ريال يمني إلى 1320 ريالاً، وهو السعر الحالي.
عجز غير مسبوق
حسبما ذكره المسؤولون اليمنيون، فإن مقدار العجز في الموازنة العامة لهذا العام بلغ مع نهاية شهر مايو (أيار) نسبة 80 في المائة، بسبب عدم استئناف تصدير النفط، نتيجة استمرار ميليشيات الحوثي في تهديد مواني تصدير النفط والشركات الملاحية على حد سواء، وعدم اتخاذ المجتمع الدولي مواقف جدية تجاه هذه التهديدات، في حين أن الحكومة الشرعية تتحمل مسؤولية جميع سكان البلاد، حتى الذين يعيشون في مناطق سيطرة الميليشيات.
كما تتحمل الحكومة مسؤولية توفير العملة الصعبة لاستيراد المواد الغذائية والأدوية والوقود من دون تمييز، بينما تقوم الميليشيات بإنفاق عائدات الدولة لصالح قادتها ومقاتليها وتجنيد الأطفال.
المسؤولون اليمنيون أكدوا أن الحكومة تراهن على الدعم الذي تقدمه السعودية والإمارات، والدعم الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة وبريطانيا، لتجاوز هذه الأزمة، وقالوا إنه رغم هذه الصعوبات والتحديات التي فرضتها المواجهات مع ميليشيات الحوثي، فإن الحكومة لن تتخلى عن مسؤولياتها تجاه مواطنيها في كل محافظات البلاد، وسوف تتغلب على هذه الظروف.
ورأى المسؤولون أن جملة الإصلاحات التي اتخذتها الحكومة خلال الأشهر الماضية لتحسين الإيرادات العامة وخفض الإنفاق بشكل كبير، خففت من المضاعفات التي نتجت عن توقف الصادرات النفطية.
انخفاض الدخل
بالتزامن مع ذلك، أكدت بيانات وزعها مكتب الأمم المتحدة في اليمن، أن 60 في المائة من الأسر اليمنية تعاني انخفاضاً في الدخل خلال الأشهر الثلاثة الماضية، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وأن الأسر الزراعية عانت انخفاضاً في الدخل بنسبة أعلى من الأسر غير الزراعية، بينما لجأ 20 في المائة من الأسر إلى استراتيجية طارئة لمواجهة سبل العيش.
وحسب هذه البيانات، فإن ما يقرب من 4 من كل 10 أسر في مناطق سيطرة الحكومة (39.2 في المائة) عانت انعدام الأمن الغذائي، بما يعادل المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي للأمن الغذائي وما فوقها، خلال شهر مارس (آذار) الماضي، وفقاً لمقياس تجربة انعدام الأمن الغذائي.
وبينت الأمم المتحدة أن 31.4 في المائة من الأسر تعاني الجوع المعتدل أو الشديد، ونحو 47 في المائة من الأسر لديها استهلاك غذائي غير كافٍ، في حين استهلك 42 في المائة من الأسر أقل من 4 مجموعات غذائية.
واستناداً إلى هذه البيانات تشهد محافظات البيضاء والضالع وتعز انتشاراً كبيراً لانعدام الأمن الغذائي في جميع مؤشراته الخمسة، وتم الإبلاغ عن ارتفاع معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي في محافظات عمران ولحج وحجة، في 3 على الأقل من 5 من هذه المؤشرات.
وأشارت البيانات إلى أن الأسر التي ليست لديها مصادر دخل، والأسر التي تحصل على دخل رئيسي من الأجور الزراعية وغير الزراعية، كانت أكثر القطاعات التي تعاني انعدام الأمن الغذائي، أما بين الأسر الزراعية فكان هناك انتشار أعلى لانعدام الأمن الغذائي بين منتجي الماشية وبائعيها.
وأكدت البيانات الأممية أن 63 في المائة من الأسر تعرضت لصدمات مختلفة، من بينها ارتفاع أسعار الغذاء والوقود وفقدان فرص العمل، ومع ذلك، انخفض عدد الأسر التي أفادت التقارير بأنها تعرضت للصدمات بنسبة 19 نقطة مئوية، مقارنة بشهر أبريل (نيسان) 2022.