المليشيا تمرر عبر «برلمانها» قانونًا يخولها الاستحواذ والسيطرة على الودائع المالية واستثمارات البنوك
مررت ميليشيا الحوثي، الثلاثاء 21 مارس 2023، مشروع قانون “خطير” يعطيها حق الاستحواذ والسيطرة على جميع الودائع المصرفية في البنوك التجارية والإسلامية والقضاء على ما تبقى من هامش للاقتصاد الوطني المنهار والمقسم بسبب الصراع المستمر منذ 8 سنوات.
وأقر ما يسمى بـ”مجلس النواب” الغير المعترف به في صنعاء، “قانون منع التعاملات الربوية” الذي سبق ووافقت عليه حكومة الميليشيا في سبتمبر عام 2022م، وواجه المشروع معارضة قوية من جمعيات البنوك والمصارف وانتقدته الأمم المتحدة وفريق خبراء لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن.
وأوردت وكالة “ٍسبأ” بنسختها الحوثية في صنعاء، خبر إقرار المشرع كهامش لتهنئة “مجلس النواب لقائد الثورة والمجلس السياسي بحلول شهر رمضان”.
وقالت الوكالة الحوثية، إن الأعضاء أكدوا “في سياق نقاشاتهم أهمية القانون الذي يأتي امتثالاً لأوامر الله ونواهيه في تعزيز التعاملات وفقاً لمبادئ وقيم الشريعة الاسلامية السمحاء”.
وأضافت أنه “وبعد أن أجرى أعضاء مجلس النواب نقاشًا مستفيضاً، أقر المجلس مشروع القانون بصيغته النهائية بعد التصويت عليه مادة مادة”.
وأكدت مصادر برلمانية انسحاب أعضاء المجلس: أحمد سيف حاشد، خالد مجود الصعدي، مختار صادق أمين أبو رأس، عبدالرحمن الأكوع، من جلس المناقشة والتصويت، مؤكدين أن القانون الذي وصف بـ”الخطير” يعد “مزايدة بالدين لتيئيس المواطنين من أموالهم في البنوك ونهبها”.
وعلق النائب في برلمان الحوثي خالد الصعدي على القانون بالقول إنه قانون “تم تفصيله على نحو يستهدف أموال المودعين وليس قانون للمستقبل”، وقال النائب أحمد حاشد إن القانون على ما يحمله من خطورة كبيرة هو محاولة للتهرب من “المساءلة عن جرائم تلك الأموال التي قد تصرفت فيها أو نهبتها (الجماعة) وذلك بغسلها بهذا القانون الكارثي سيء الصيت”.
وفي تقريره الصادر في فبراير الماضي، حذر فريق خبراء لجنة العقوبات، من مخاطر تمرير القانون ونتائجه على الاقتصاد الهش وتعزيزه لحالة الانقسام السائدة في القطاع المصرفي والمالي في اليمن، إضافة لتعميقه المجاعة والأزمة الإنسانية التي تعصف بالبلاد.
وقال التقرير “إن العديد من أصحاب المصلحة أفادوا بأن القانون سيؤدي إلى انقسام تام للقطاع المصرفي والمالي في اليمن. كما أن جمعية البنوك اليمنية وغرف التجارة تعارض بشدة إصدار هذا القانون”.
وأضاف أن “كبير موظفين في مصرف باليمن أبلغ الفريق بأنه، على الرغم من أن المصرف مصرف إسلامي، فإن 90 في المائة من معاملاته الحالية لن يكون مسموحا بها بموجب القانون الجديد. وستتحمل المؤسسات المالية من كلا المصرفين المركزيين عبئا ثقيلا لامتثال هذا القانون”.
وأشار التقرير إلى أن “المصارف استثمرت حوالي 65 في المائة من ودائعها في أذون الخزانة (..) لدى البنك المركزي اليمني في صنعاء. ومنذ تقسيم البنك المركزي اليمني، لم تتلق المصارف التجارية أي فوائد من البنك المركزي اليمني في صنعاء، على الرغم من تحصيل الضرائب من المصارف”.
وأوضح أنه “وبما أنه لن تُدفع أي فائدة على الودائع بموجب القانون الجديد، ولا يمكن توليد الفوائد إلا من الاستثمارات التي تقوم بها المصارف، سيكون هناك عدم يقين بشأن العوائد التي يتوقعها العملاء من المصارف”.
وتابع: “المناخ الحالي في اليمن لا يكاد يتيح أي فرصة للأعمال أو الاستثمارات الجديدة. وبالتالي لن تتمكن المصارف من تقديم تسهيلات ائتمانية للأنشطة التجارية. ويعيش الملايين من الناس، لا سيما أصحاب المعاشات التقاعدية، على الفائدة الشهرية المكتسبة من ودائعهم المصرفية”.
وأكد التقرير أن “أي خطوة تتخذ على عجل لإلغاء الفائدة ستؤدي إلى تقويض ثقة الناس. وقد يسحب العملاء ودائعهم النقدية، خشية أن يزداد تآكل قيمتها، مما يثير الذعر والطلبات المفاجئة على المصارف. ولن تتمكن المصارف التجارية من تلبية الطلب المفاجئ بسبب نقص السيولة وستواجه خطر الإفلاس والإغلاق”.
وقال الخبراء إن “دوائر الأعمال تعارض إصدار القانون على أساس أنه سيؤثر تأثيرا سلبيا على التجارة الداخلية والواردات، حيث إنه لن يكون لدى المصارف رأس المال اللازم لإصدار خطابات اعتماد لتغطية الواردات. وبما أن اليمن يستورد حوالي 95 في المائة من احتياجاته الغذائية، فإن أي وضع من هذا القبيل ذي أثر سلبي على الواردات سيدفع البلد في اتجاه أزمة اقتصادية حادة”.
وأضاف الخبراء أن مصرفيين أبلغوا “الفريق بأن الهدف من القانون هو ضمان استخدام جميع الودائع المصرفية لتمويل مشاريع الحوثيين الجديدة، بما في ذلك خطتهم لإنشاء سوق للأسهم في اليمن”.
وأوضح الخبراء أن القانون “ينص على أن يتولى الفصل في المعاملات التجارية والمصرفية قاضٍ يتمتع بسلطات تقديرية واسعة، بما في ذلك فرض غرامة تصل إلى 3 ملايين ريال يمني والسجن لمدة تصل إلى سنتين”.
ويجيز القانون لسلطات (الحوثي) فحص جميع المعاملات التجارية الروتينية. ونظرا لتعقد هذه المعاملات وطبيعتها التقنية، قد يتعرض أطراف أي معاملة تجارية أو مصرفية للمضايقة ولإجراءات عقابية. ويمكن للحوثيين استغلال هذه الأحكام الجزائية لصالحهم”، وفقا للتقرير.