إهمال الحوثيين يضيف «داء الكلب» إلى قائمة الأوبئة

تكشف الإحصائيات الصحية في مناطق سيطرة الحوثيين في اليمن عن تسارع انهيار القطاع الصحي بسبب الإهمال والفساد، ما يؤثر على صحة وسلامة وحياة اليمنيين بشكل كبير. فبعد إعلان إحصائية عن وفاة 80 طفلاً حديث الولادة يومياً في تلك المناطق، أعلنت إحصائية أخرى وفاة 33 شخصاً بداء الكلب، وإصابة أكثر من 4 آلاف خلال العام الماضي.

ووفقاً لتقرير صادر، الأحد 22 يناير 2023، عن مركز الترصد الوبائي التابع لقطاع الصحة في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية؛ فإن حالات الوفاة الـ33 بداء الكلب في صنعاء، كانت من بين 4074 حالة إصابة تم الإبلاغ عنها، منها 2112 حالة من داخل العاصمة، و1935 من خارج مدينة صنعاء.

ويبين التقرير أن 40 في المائة من حالات الوفيات من الأطفال ما بين 5 سنوات و14 عاماً، وأن عدد الذكور المصابين بلغ 3004 من إجمالي الحالات المبلغ عنها، و1043 حالة من الإناث. وتأتي هذه الأرقام في ظل إهمال واضح لخطورة هذا الداء، وقصور تام في التعامل مع عشرات الآلاف من الكلاب الضالة في المدن والأرياف.

وقدرت بعض التقارير منتصف العام الماضي متوسط الإصابة بداء الكلب في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية، والمناطق المتأثرة بالحرب التي شنتها منذ الانقلاب قبل 8 سنوات، بـ11 ألف إصابة سنوياً، إلا أن العام قبل الماضي شهد 15 ألف إصابة، منها 46 حالة وفاة. وذكرت التقارير أن مركز مكافحة داء الكلب في المستشفى الجمهوري في صنعاء، يستقبل ما بين 50 و70 حالة يومياً من مختلف المناطق.

ودعت أوساط طبية في العاصمة صنعاء إلى توفير 50 ألف جرعة لقاح، و15 ألف مصل، و15 ألف حقنة، و30 ألف كيس صبغة لفحص رؤوس الكلاب، كل عام، وذلك لمواجهة الإصابات بالداء، منوهة إلى أن منظمة الصحة العالمية تكفلت بتوفير 15 في المائة فقط من تلك المتطلبات. واتهم مصدر طبي في العاصمة صنعاء الميليشيات الحوثية بالمتاجرة بمصل مكافحة داء الكلب، وبيعه للشركات التجارية والصيدليات. وحسب المصدر فإن المصاب بعضة كلب أو أي حيوان آخر؛ يضطر إلى البحث عن المصل لدى الصيدليات، وإن غالبية مراكز مكافحة الداء لا تقدم أي خدمة سوى معاينة الجروح الناجمة عن العضات.

ويعدّ مصل داء الكلب أحد أهم الأمصال التي تتوفر في المستشفيات والمراكز الصحية العمومية في معظم دول العالم؛ خصوصاً تلك التي تنتشر فيها الكلاب الضالة، وتوفرها غالبية الحكومات مجاناً لمواطنيها.

المصدر الذي طلب التحفظ على بياناته؛ نبه إلى عدم وجود توعية كافية بمخاطر هذا الداء، أو بكيفية التعامل مع الإصابات بعضات الحيوانات. ففي حين لا يدرك غالبية المواطنين أهمية وضرورة إسعاف المصاب بالعضات خلال أقل من 24 ساعة؛ فإن الغالبية الأكبر لا يعلمون أن الداء يمكن أن ينتقل من عضة أي حيوان، وليس الكلب فقط. وأضاف المصدر أن كثيراً من الحالات يتم إسعافها والإبلاغ عنها بعد مرور عدة أيام، أو عند ظهور أعراض المرض، حين يكون الفيروس قد تمكن من الجهاز العصبي للمصاب، وهي مرحلة يكون فيها المصاب في طريق اللاعودة من الداء، كما يقول المصدر.

وأكد مصدر آخر أن أطباء وعاملين في القطاع الصحي في مناطق سيطرة الميليشيات، قدموا مقترحات خلال أغسطس (آب) الماضي، بتنظيم فعاليات وحملات للتوعية بمخاطر داء الكلب، وأن المقترح جرى رفعه إلى القيادي الحوثي طه المتوكل، المنتحل صفة وزير الصحة اليمنية، تزامناً مع اليوم العالمي لمكافحة الداء، الموافق 28 من سبتمبر (أيلول).

وقال المصدر إن قادة الميليشيا رفضوا هذه المقترحات، وسخروا منها، واتهموا مقدميها بمحاولة إلهاء المؤسسات العامة عن تنظيم الاحتفالات بذكرى المولد النبوي، والذكرى الثامنة للانقلاب، اللتين تزامنتا العام الماضي مع اليوم العالمي لمكافحة الداء.

وكان طفل قد توفي أوائل ديسمبر (كانون الأول) الماضي في مديرية العدين التابعة لمحافظة إب، جنوب العاصمة صنعاء، بعد أن نقل العدوى إلى 8 من أقاربه، جراء عضه لهم، واضطر أقاربه إلى الانتقال إلى مركز المحافظة للحصول على المصل.

ولا يتوفر مصل داء الكلب إلا في الصيدليات الكبرى وفي مراكز المحافظات فقط، ويتفاوت سعره من صيدلية إلى أخرى، كما يزيد في المحافظات النائية، إلا أن الصيدليات لا توفره بأقل من 40 ألف ريال غالباً (الدولار يساوي 560 ريالاً في مناطق سيطرة الميليشيات).

ويعدّ مركز مكافحة داء الكلب في المستشفى الجمهوري بصنعاء الجهة العمومية الوحيدة التي تقدم المصل للمصابين، إلا أن سعر المصل فيه يصل إلى 20 ألف ريال، على الرغم من أن الرسوم الرسمية المقررة مقابل المعاينة وإعطاء الجرعة الواحدة لا تزيد على 500 ريال، إلا أن المصاب يتعرض للمساومة والابتزاز من الميليشيات المسيطرة على المستشفى والمركز.

وطبقاً لإحصائيات متفرقة؛ فإن أعداد الكلاب الضالة والشاردة في العاصمة صنعاء ومحيطها السكني تزيد على 70 ألف كلب، مع غياب شبه تام لمكافحة انتشارها، ومواجهة ازديادها وخطرها على السكان.

وفي حين يعزو السكان زيادة أعداد الكلاب إلى غياب الجهات المسؤولة عن مكافحة تكاثرها؛ زعم القياديون الحوثيون الذين يديرون صندوق النظافة والتحسين، منتصف العام الماضي، إبادة 7 آلاف و218 من الكلاب الضالة والمسعورة في العاصمة صنعاء ومديريات سنحان وهمدان وبني حشيش والحيمة الخارجية وجحانة.

ومع ذلك، يشكو سكان هذه المناطق باستمرار من ازدياد أعداد الكلاب وانتشارها في الطرقات العامة، على الرغم من أنها تهاجر باستمرار في اتجاه العاصمة صنعاء؛ حيث تعيش على بقايا الطعام في مقالب القمامة وأمام المطاعم؛ إلا أن استمرار التزاوج والإنجاب يجعل أعدادها في ازدياد مستمر.


صحيفة الشرق الأوسط

زر الذهاب إلى الأعلى