صحيفة دولية: الحكومة اليمنية يدرس فرض عدد من الإجراءات الاقتصادية والمالية على المليشيا
تدرس الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا خوض حرب اقتصادية في مواجهة التصعيد الحوثي، بعد تراجع الخيار العسكري نتيجة المزاج الإقليمي والدولي المتمسك بوقف إطلاق النار ومنع انزلاق المشهد اليمني نحو العنف، رغم انتهاء الهدنة الأممية في الثاني من أكتوبر دون التوصل إلى اتفاق على تمديدها.
وقالت مصادر يمنية مطلعة إن مجلس القيادة الرئاسي يدرس فرض عدد من الإجراءات الاقتصادية والمالية التي يمكن أن تضيق الخناق على الحوثيين، ردا على الهجمات الحوثية التي طالت موانئ تصدير النفط في المحافظات المحررة.
ورجحت المصادر أن تصدر الحكومة اليمنية قائمة بأسماء الشركات والمؤسسات الاقتصادية العاملة مع الحوثيين، بعد إعلان مجلس الدفاع الوطني (أعلى هيئة دستورية في الشرعية) عن تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية، على خلفية هجوم حوثي استهدف بطائرتين مسيرتين ميناء الضبة النفطي في محافظة حضرموت جنوب البلاد.
ووجه مجلس الدفاع الوطني في وقت سابق الحكومة باستكمال الإجراءات اللازمة لتنفيذ قرار تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية، وتوعد بفرض عقوبات صارمة ضد أي كيانات أو أفراد يقدمون الدعم والمساعدة، أو التسهيلات أو أي شكل من أشكال التعاون والتعامل مع جماعة الحوثيين.
وعقدت الحكومة سلسلة من الاجتماعات في أعقاب القرار، تمحورت حول مناقشة إجراءات تنفيذ قرار تصنيف جماعة الحوثي منظمة إرهابية، وضمت ووزيري المالية والتخطيط ومحافظ البنك المركزي، في مؤشر على الأبعاد الاقتصادية لتوجه الشرعية اليمنية في صراعها المحتمل مع الميليشيات الحوثية.
ولدى الحكومة اليمنية العديد من أوراق الضغط الاقتصادية، من بينها إنهاء كافة الامتيازات الممنوحة للحوثيين بموجب اتفاق السويد الخاص بالحديدة وكذلك اتفاق الهدنة الذي ما يزال ساريا بالرغم من انتهائه.
وتشير مصادر إلى أن الشرعية اليمنية ما تزال قادرة على إلحاق الضرر بمصادر تمويل الحوثيين، إما عبر إلغاء البنود الاقتصادية في اتفاقي السويد والهدنة الأممية أو من خلال تجفيف مصادر التمويل الحوثي التي مازالت تأتي من داخل المنظومة الاقتصادية في المناطق المحررة والتي تم غض الطرف عنها خلال السنوات الماضية إما لأسباب سياسية أو نتيجة تبادل المصالح بين شبكات النفوذ بين الشرعية والحوثيين.
وشكّل الهجوم الحوثي على موانئ تصدير النفط تحديا سياسيا واقتصاديا كبيرا على الشرعية اليمنية، نتيجة الانعكاسات المتوقعة لمثل هذه الهجمات التي ستحد من تصدير النفط وتضر بالملف الاقتصادي والمالي في المناطق المحررة أو نتيجة تزايد الضغوط الداخلية على مجلس القيادة الرئاسي لاتخاذ قرارات رد حازمة، تتطلب توافقا إقليميا ودوليا.
ووصف الخبير الاقتصادي اليمني عبدالحميد المساجدي تصعيد جماعة الحوثي عبر قصف موانئ النفط في الضبة ورضوم، بأنه تأكيد على عدم جديتها وجاهزيتها لإعلاء مصالح اليمنيين وإنهاء معاناتهم الإنسانية التي طالما تاجرت بها، وابتزت بها المجتمع الدولي.
وأشار المساجدي في تصريح لـ”العرب” إلى أنه بعد قرار تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية، ينبغي أن يتحول هذا التصنيف إلى مصفوفة عمل لاتخاذ إجراءات في مختلف المجالات وعلى رأسها الشق الاقتصادي، ومنها تجفيف مصادر التمويل الحوثي، والمتمثل في إيرادات الاتصالات، والرسوم المتحصلة في ميناء الحديدة كضرائب وجمارك، ورسوم عبور الأجواء وغيرها من الرسوم التي ترفد الخزينة الحوثية بالمئات من المليارات، وفي نفس الوقت تفعيل مؤسسات الاتصالات وكافة مؤسسات الدولة العاملة في عدن، لضمان تقديم الخدمات بكفاءة عالية وتلافي القصور الحاصل خلال الفترات الماضية.
وأكد المساجدي أن من بين أهم تلك الإجراءات المطلوبة لمواجهة التصعيد الحوثي، إلزام الشركات بنقل مراكزها التجارية إلى العاصمة عدن ودفع كافة رسومها القانونية الضريبية والجمركية لوزارة المالية في عدن وتوريدها إلى البنك المركزي ومن يخالف ذلك يمنع من الاستيراد أو الوصول إلى الخدمات المالية التي يقدمها البنك المركزي في عدن.
وأضاف أنه من الضروري إلزام كافة الوكلاء التجاريين بنقل مراكزهم التجارية والمالية إلى العاصمة عدن، ووضع قوائم سوداء بكافة الشركات الحوثية أو المتعاملة مع الجماعة أو التي تقدم لها خدمات مباشرة أو غير مباشرة ووضعها في القوائم السوداء ومخاطبة الدول لتجميد أرصدتها ومنع التعامل معها، وإلزام التجار بتحويل وارداتهم عبر الموانئ المحررة.
وتابع “في نفس الوقت وحتى لا تكون تلك الإجراءات مجرد خطوات انتقامية ينبغي أن تتواكب تلك الإجراءات مع منظومة متكاملة لإصلاح الملف الاقتصادي لدى الشرعية اليمنية، وتعزيز قيم الشفافية والمساءلة ومكافحة الفساد، وعلى رأسها استكمال تنفيذ وتلبية الشروط التي وضعها الشركاء في التحالف لتحويل الهبة أو الوديعة السعودية – الإماراتية لحسابات البنك المركزي في عدن لكسب ثقة المجتمع التجاري وجذبهم للتعامل معه وفي نفس الوقت لحماية العملة الوطنية وتحسين قيمتها، وإعادة الثقة فيها”.
واعتبر الباحث السياسي اليمني محمود الطاهر في تصريح لـ”العرب” أن تصنيف الحوثي جماعة إرهابية من قبل أعلى سلطة أمنية وعسكرية في البلاد، من ضمن خيارات كثيرة تمتلكها الحكومة الشرعية في مواجهة الميليشيا الحوثية لإجبارها على القبول بالسلام.
ومن بين تلك الخيارات: الاتجاه إلى إغلاق مطار صنعاء وميناء الحديدة، وإلغاء اتفاق ستوكهولم وكافة التسهيلات التي تم تسهيلها للحوثي ومنها إلغاء الجوازات التي تصدر من صنعاء ومنع السفر بها، إضافة إلى منع التعامل مع أي شركات أو منظمات داعمة للحوثي، والتحرك العسكري على الأرض في جميع جبهات اليمن لمطاردة الإرهاب الحوثي وتحرير المحافظات الواقعة تحت سيطرته.