إعلام أمريكي: لاجدية للحوثيين في السلام
رأت مجلة “فورين بوليسي” الامريكية، أن مليشيا الحوثي أظهرت عدم جديتها منذ بدء المفاوضات بالسعي إلى حل سلمي لإنهاء الصراع، بل حاولت دائما الاستفادة مما يجري لتدمير الاقتصاد اليمني والتربح من الحرب.
وما يزال معظم اليمنيون متشككون بشأن آفاق محادثات السلام مع الحوثيين، باعتقادهم أن الحوثيين ليسوا مخلصين في السعي إلى حل سلمي وسط استمرار عنفهم وخطابهم المتطرف.
المجلة الامريكية اشارت في تقريرها ان الحوثيين لطالما عبروا بشكل مباشر أو غير مباشر في بياناتهم العلنية واجتماعاتهم الخاصة عن أن محادثات السلام يجب أن تستجيب لمطالبهم، دون أن يخفوا التزامهم الأيديولوجي بمتابعة أهدافهم السياسية والدينية من خلال الصراع والعنف.
وتساءل التقرير حول ما إذا كان الحوثيون على استعداد لتقديم تنازلات، إذ أن صعوبة التوصل إلى اتفاق بشأن إجراءات إنسانية بسيطة، مثل تخفيف حصار مدينة تعز الذي دام لسنوات، يجعل من الصعب أن نكون متفائلين بشأن استعدادهم لتقديم تنازلات في القضايا الأساسية المتعلقة بتقاسم السلطة والحكم وترسيخ نظام سياسي يمكن لجميع اليمنيين المصادقة عليه.
وأكد تحليل مرصد (ALCED) المختص برصد وتتبع النزاعات حول العالم، ان استخدام الحوثيين لهجمات الصواريخ والطائرات بدون طيار والمدفعية، شكل 97 بالمائة من انتهاكات الهدنة، علاوة على ذلك أثار هجوم الحوثيين على حي سكني في تعز في يوليو قبل أسبوعين فقط من تجديد الهدنة حيث أصيب 11 طفلاً وقتل واحد، إدانة من الأمم المتحدة، عززت العودة السريعة للجماعة إلى العنف الشكوك بأن الحوثيين ربما يتحينون الوقت فقط قبل تجديد هجومهم العسكري بمجرد انتهاء وقف إطلاق النار.
يرى التقرير ان الحوثيين استفادوا مؤسسياً وشخصياً من صعود اقتصاد الحرب، فكلما تمكن الحوثيون من مواصلة الحرب، زادت قدرتهم على التحكم في موارد الدولة مع الاعتماد على المساعدات والضرائب غير القانونية والمزيد من التمكين الاقتصادي الذي يحافظ على المستوى الأعلى لمحتوى حركتهم مع الوضع الراهن.
مؤكدا في الوقت ذاته، أن السيطرة على خزائن البنوك والموارد الطبيعية والضرائب المفروضة على السفن التي ترسو في الحديدة هي واحدة من أهم مصادر دخل الحوثيين، إضافة إلى تحصيل أرباح تقدر بالملايين من قطاع الاتصالات والضرائب على الصناعات الرئيسية. مشيرا الى ان الحوثيين حافظوا على مكاسب لدعم أتباعهم عبر تحويل المساعدات لمقاتليهم والأسر التي تعتمد عليهم.
يكشف تقرير “فورين بوليسي” ان موارد الحوثيين تذهب نحو المجهود الحربي، كما يظهر في العرض العسكري الكبير الذي أقيم في بداية سبتمبر، بعد شهر من تجديد الهدنة، وفي انتهاك لاتفاق وقف إطلاق النار في الحديدة الذي تم التوصل إليه في نهاية عام 2018.
وفي حين أشار الخبراء في كثير من الأحيان إلى أن الحوثيين قد يرون في الحد من العنف وسيلة لتحقيق الشرعية الدولية، فإنه يمكن القول إن هذه الشرعية قد تم تحقيقها بالفعل، حيث تعترف الأمم المتحدة بهم على أنهم طرف الصراع الرئيس في اليمن، وعملت على تأمين مطالبهم في مبادرات السلام المختلفة، وقد تمت الإشارة إلى زعيمهم بلقبه الديني، “سيد”، والذي يرفض العديد من اليمنيين استخدامه بسبب الدلالة الطبقية والملكيات اللاهوتية المرتبطة به.
وبالمثل أشارت الأمم المتحدة والوكالات الأخرى إلى الحركة باسم “أنصار الله”، وهو اسم يعتقد العديد من اليمنيين أنه يضفي الشرعية على حركة الحوثيين كمؤسسة سياسية.
خلال ست جولات من الصراع من 2004 إلى 2010، ووساطة الأمم المتحدة في المفاوضات مع حكومة هادي في سبتمبر 2014، ومفاوضات استوكهولم في ديسمبر 2018، تكشف أن سجل الحوثيين في انتهاك الاتفاقيات، أمر راسخ ومتأصل فيهم.
يرجح التقرير أن تتجنب قيادة الحوثيين التوصل إلى تسوية سياسية، إذ ان أي اتفاق لتقاسم السلطة سيترك جزءا كبيرا من مؤسستهم السياسية والاستخباراتية دون سيطرة كاملة، وهذا يعني أيضا أنهم سيخسرون قدرا كبيرا من القوة السياسية والاقتصادية التي لن تكون متاحة لهم على الفور في تسوية سياسية تفاوضية.
وعلى الرغم من سجل الحوثي المراوغ، فإن التخلي عن المفاوضات ليس خيارا، إذ ان فشل المفاوضات قد يعني نتيجة أسوأ لمستقبل اليمن، كما أنه سيترك بلا شك سلطة الحوثيين دون منازع في المناطق التي يسيطرون عليها حالياً، وهو ما لا يصب في مصلحة اليمن أو المنطقة الأوسع، وبالتالي فإن القضية بالنسبة للحكومة اليمنية والمجتمع الدولي التي تدعم التوصل إلى حل تفاوضي للصراع هي كيفية ضمان أن يتضمن أي اتفاق سلام حواجز حماية مناسبة لمنع تراجع الحوثيين.
لكن تقرير “فورين بوليسي” يرى ان التحدي الذي يواجه الأمم المتحدة والمجتمع الدولي سيتجاوز مجرد التوصل إلى اتفاق والتأكد من التزام الحوثيين بشروطه، إذ يجب أن تضمن الأمم المتحدة تحييد الدوافع التي من شانها العودة إلى العنف، وأن تعامل شروط اتفاقية سلام مستدام جميع الأطراف المعنية بشكل عادل، ولكي تكون العملية عادلة، يجب التعامل مع انتهاكات الاتفاقية على الفور، ويمكن الاتفاق على العقوبات مسبقا لمعالجة عدم الامتثال، علاوة على ذلك ونظرًا للنشاط العسكري المتزايد حول مدينة تعز، يجب على الأمم المتحدة اتخاذ تدابير لحفظ السلام لمنع توسع الحوثيين في مناطق جديدة.