انقلاب حوثي على آلية الاتفاق الأممي تسبب بأزمة وقود في اليمن (تفاصيل)
كشف مصدر حكومي مطلع، عن الآلية التي افتعل بها الحوثيون أزمة المشتقات النفطية مؤخرا، وحاولوا من خلالها تحميل الحكومة والتحالف العربي مسؤولية عدم الوفاء والالتزام بتنفيذ كامل بنود الهدنة السارية والعمل على عرقلة جهود تمديدها.
ومطلع سبتمبر الجاري، عادت طوابير السيارات أمام محطات المحروقات في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، شمال وغربي اليمن، تزامن ذلك مع إعلان الجماعة منع التحالف والحكومة دخول السفن إلى موانئ الحديدة واحتجاز عشر منها في عرض البحر الأحمر.
طابور وقود أمام شركة النفط في صنعاء
تلك الاتهامات نفتها الحكومة، مؤكدة “على عدم وجود أي قيود من جانبها لدخول سفن المشتقات النفطية الى موانئ الحديدة، وحرصها على منح كافة التسهيلات الإضافية في هذا الجانب من أجل تخفيف المعاناة الإنسانية، وتفويت فرصة المليشيا الحوثية لابتزاز المجتمع الدولي، وإثرائها غير المشروع من الأسواق السوداء”.
ماذا حدث؟
منذ إعلان الهدنة الأممية مطلع أبريل الفائت، وتجديدها لمرتين حتى الثاني من أكتوبر المقبل، عادت ميليشيا الحوثي بعد مفاوضات طويلة للعمل بالاتفاق السابق المنظم لاستيراد المشتقات النفطية والذي كان معمول به منذ نهاية عام 2019 حتى انقلاب الجماعة عليه وسحبها الإيرادات مطلع عام 2020 ما تسبب في أزمة مشتقات خانقة شهدتها جميع المناطق الخاضعة لنفوذها.
وقال المصدر الحكومي لـ”المصدر أونلاين”، إنه “منذ ديسمبر ٢٠١٩ اتفقنا على آلية لإدخال سفن الوقود للحديدة، بعدما أصدرت الحكومة القرارين ٧٥ و ٤٩ منع الحوثيون التجار من التنفيذ وحصلت أزمة نفطية داخل البلاد”.
وأضاف المصدر أن “القراران ٤٩ و٧٥ ينظمان عملية دخول المشتقات النفطية بما يضمن الحرب على الإرهاب والحرب على النفط الإيراني المهرب وأيضا قيود على الشركات اليمنية المستوردة بحيث تمنع الشركات الجديدة التي كانت أغلبها حوثية من الحصول على تراخيص استيراد الوقود، ووقتها تم منع استيراد سفن النفط إلا بشروط معينة”.
وأوضح أنه “في سبتمبر عام 2019 تم الذهاب للأردن وحصل حوار وتم الاتفاق على آلية لإدخال المشتقات، يقوم من خلالها التجار بتسليم أوراقهم مكتملة لمكتب المبعوث تتضمن الطلبات الأساسية المحددة في القرارات ويراجعها مكتب المبعوث وتسلم للحكومة اليمنية وتقوم الحكومة بإصدار تصاريح للسفن للدخول إلى موانئ الحديدة بالتعاون مع الأشقاء عبر اللجنة المشتركة ايهوك”.
وتعود المشكلة أساساً، إلى الإجراءات الأحادية التي قام بها الحوثيون في مارس 2020، بالانقلاب على اتفاق تنظيم استيراد المشتقات النفطية الذي تم إبرامه بشكل منفصل كإجراء إضافي ضمن اتفاق ستوكهولم 2018.
وأعلن الحوثيون في مارس 2020، سحب الإيرادات من حساب بنكي خاص بمرتبات الموظفين في بنك الحديدة، يفترض أنه خاضع لإشراف الأمم المتحدة، وهي خطوة انتقدها المبعوث الأممي السابق بشدة، متهما الحوثيين بالانقلاب الصريح على الاتفاق وسحب الأموال المخصصة لدفع المرتبات من الحساب البنكي في الحديدة.
كيف أدارت الحكومة الأزمة؟
يقول المصدر الرسمي إن الحكومة تعاملت بحرص على مصالح المواطنين، الذين واجهوا أزمة المشتقات النفطية في مناطق سيطرة الجماعة، حيث “ظلت الحكومة تدخل المشتقات من موانئ عدن وحضرموت وتغطي السوق عبر القاطرات الى مناطق الحوثي”.
وتابع: “كلما تشتد الأزمة كانت الحكومة تدخل سفينة من الحديدة بناء على طلب المبعوث، وصلت عدد السفن تقريبا إلى ١٨ سفينة كانت في الميناء وظلت تقريبا أكثر من عام في الميناء”.
واستطرد: بعدها جاءت الهدنة وتم الاتفاق على إدخال السفن بذات الآلية السابقة خلال فترة الهدنة بحيث تورد الإيرادات الى البنك في الحديدة تحت إشراف مكتب المبعوث، وعلى أساس ان يتم نقاش تفاصيل المواضيع مثل الرواتب وغيرها حلال فترة الهدنة”.
وأردف: “تم تجديد الهدنة مرتين والالية شغالة والامور ماشية تمام ودخلت حوالي 35 سفينة من الميناء”.
وتابع من بدء سريان الهدنة “سلم التجار الأوراق لمكتب المبعوث وهي ذاتها تسلم للحكومة وفيها بيانات الحمولات والشركات الموردة وجهات الاستيراد”، حيث تمنح التصاريح بالتعاون بين الحكومة واللجنة المشتركة مع الاشقاء في تحالف دعم الشرعية”.
وبين “الآلية هي كل هذه التفاصيل بما فيها توريد العائدات الضرائب والجمارك من شحنات النفط للبنك لتخصيصها لدفع الرواتب”.
انقلاب 10 أغسطس
وعن الأزمة الأخيرة والمتسبب فيها، قال المصدر الحكومي إن الأزمة مصطنعة، مضيفا “بتاريخ ١٠ اغسطس قام الحوثي بإجبار التجار على عدم تقديم الوثائق لمكتب المبعوث وبالتالي لا تصل الوثائق للحكومة وبالتالي لم تحصل على تصاريح وهذا جعل السفن تتراكم حتى وصلت الى 15 سفينة قبل يومين”.
وأشار إلى أن الحوثيين أوقفوا بإجراءاتهم التصعيدية “كل اللجان والمشاركة في النقاشات وامتنعوا عن لقاء المبعوث الأممي”.
سوق سوداء في مناطق سيطرة الحوثيين (وسائل التواصل)
وعن استجابة الحكومة وسماحها بدخول السفن مؤخرا دون الحصول على البيانات الخاصة بحمولتها، قال المصدر الحكومي إن “السفراء والاشقاء والمبعوث والمجتمع الدولي وجهوا مناشدة للرئيس العليمي للسماح بدخول السفن لأغراض إنسانية ولإعطاء الهدنة فرصة وبحيث يكون هذا الإجراء مؤقت، بحيث يقوم المبعوث باستلام الوثائق ويقدم طلب رسمي بإدخال السفن”.
وأضاف: “التزم السفراء للرئيس العليمي بإعلان الحقيقة للناس وان الحوثي هو سبب الأزمة”، وهذا ما حدث فعلا بعد ساعات من السماح بدخول السفن بصورة استثنائية.
لماذا افتعل الحوثيون الأزمة؟
وعن سبب افتعال الحوثي للأزمة وانقلابه على الآلية الجاري العمل بها منذ بداية الهدنة، قال المصدر إن مليشيا الحوثي “تستهدف الآلية اولا لكي يستغل الفرصة لإلغاء دور للحكومة والاكتفاء بآلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش (UNVIM)”.
وأوضح أنه في حال نجح الحوثيون في ذلك فهذا سيسمح “للشركات الحوثية بالدخول بعد تعطيل مفاعيل القرارات الحكومية والآلية، ولذلك هو يسعى لخلق ازمة ولتحسين شروط التفاوض في تجديد الهدنة المحتمل”.
وبحسب المصدر الحكومي الذي تحدث لـ”المصدر أونلاين”، فإن الحوثيين أرادوا افتعال الأزمة للتنصل أيضا من صرف المرتبات والاستفادة من إيرادات جمارك وضرائب المشتقات الواصلة والتصرف فيها لصالح المجهود الحربي.
والخميس الماضي، أعلنت الحكومة السماح بدخول عدد من سفن الوقود إلى ميناء الحديدة الخاضع لسيطرة جماعة الحوثي المدعومة من إيران، مؤكدة في ذات الإعلان أن “المليشيا أجبرت شركات النفط على مخالفة القوانين النافذة المعمول بها منذ بداية الهدنة”.
والجمعة، قالت سلطة الميليشيا إن أربع سفن للوقود وصلت الى ميناء الحديدة الخاضعة لسيطرتها، زاعمة أن وصول السفن جاء بعد احتجازها لأيام ومنع وصولها من قبل التحالف والحكومة.
ترحيب دولي وتأكيد على مسؤولية الحوثيين
سماح الحكومة الاستثنائي بدخول السفن إلى موانئ الحديدة، قوبل بترحيب دولي وغربي كبير.
حيث رحبت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي، بالقرار “الشجاع” الذي اتخذه الرئيس رشاد العليمي بالسماح بدخول السفن إلى موانئ الحديدة “رغم افتعال الحوثيين للعراقيل”.
وقالت السفارة الفرنسية في بيان مقتضب، إن “هذا القرار يدل على أن الرئيس رشاد العليمي على قدر كبير من المسؤولية والتزامه الراسخ بالسلام، ورغبته، مرة أخرى، بوضع مصالح الشعب اليمني في المقام الأول”.
وأضافت: “كان للعرقلة التي قام بها الحوثيون عواقب إنسانية وخيمة، حيث أدى إلى زيادة أسعار البنزين وقلة توفر المشتقات النفطية في الخدمات العامة الأساسية بما في ذلك المستشفيات”.
من جهته رحب السفير الأمريكي بـ”القرار الشهم والحكيم للرئيس لتسهيل دخول سفن المشتقات النفطية إلي ميناء الحديدة”، وقال إن “هذا القرار يبرز الالتزام البالغ لمجلس القيادة نحو السلام ورغبته لمنح أولوية قصوى الشعب اليمني”.
وأضاف أن “هذا القرار الهام يتعاطى مع التأخير الناتج عن منع لخيرا الحوثيين للموردين من اتباع آلية جيدة تم وضعها بالتنسيق مع الأمم المتحدة والتي قد سهلت الدخول السلس لسفن المشتقات النفطية منذ بداية الهدنة في بداية أبريل الماضي”.
وأشار فاجن “إلى أن تأخير الحوثيين لدخول سفن المشتقات النفطية كانت له نتائج إنسانية سلبية متمثلة برفع أسعار المشتقات النفطية وشحة توفرها في الأسواق للخدمات الأساسية العامة بما في ذلك المستشفيات”.
ورحب سفير بريطانيا لدى اليمن بخطوة الحكومة اليمنية وقال إن “افعال الحوثيين كان سيتسبب في معاناة غير مقبولة”.
بدوره قال الاتحاد الأوروبي “نرحب بلفتة الرئيس العليمي لتسهيل دخول سفن الوقود إلى ميناء الحديدة”.
وأضاف في بيان على حساب بعثته على تويتر: “ويتوقع الاتحاد الأوروبي ان يبادل الحوثيون لفتة النية الحسنة هذه من أجل اليمنيين، خصوصاً في هذا المفترق الحاسم، واحترام الهدنة وبنودها والياتها وتجنب الافعال المقوضة لها”.
المصدر اونلاين