القضاء في اليمن يفتح ملفات تورط قيادات الإخوان في الفساد والإرهاب
بدأ القضاء اليمني بفتح ملفات قضايا الفساد والإرهاب التي ظلت عالقة لسنوات بسبب هيمنة تنظيم الإخوان الإرهابي على السلطة القضايا.
وينظر إلى فتح قضايا الإرهاب في مناطق الحكومة اليمنية أنها أوسع ملاحقة لقيادات تنظيم الإخوان التي تورطت خلال الأعوام الأخيرة في اغتيال قيادات ومسؤولين عسكريين وسياسيين في الدولة.
ونقلت صحيفة العين الإخبارية، عن مصدر قضائي، قوله إن العاصمة المؤقتة عدن شهدت، الاثنين 22 أغسطس 2022، انطلاق محاكمة المتهمين في العمليتين الإرهابيتين اللتين استهدفتا اغتيال محافظ عدن وزير الدولة أحمد لملس ووزير الزراعة سالم السقطري، وتفجير مطار عدن.
وعقدت أولى جلسات المحاكمة في المحكمة الجزائية المتخصصة بقضايا الإرهاب في عدن، وفقا للمصدر.
وتتهم السلطات اليمنية، وفق المحضر 3 ضباط موالين للإخوان هما “وديع حداد”، و”محمد أحمد الميسري” و”أحمد البيضاني” بأنهم “منفذو العملية الإرهابية التي استهدفت اغتيال محافظ عدن ووزير الزراعة، والعملية الأخرى التي استهدفت مطار عدن الدولي أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني الماضيين وأودت بحياة عشرات الأبرياء.
ويتبع الـ3 الضباط القيادي الإخواني البارز أمجد خالد الذي يقود لواء النقل العسكري، ويتخذ من الحدود المتداخلة بين لحج وتعز نقطة انطلاق لهجمات في عدن.
وجاء فتح أولى قضايا الإرهاب في عدن بعدما أعاد رئيس المجلس الرئاسي تشكيل مجلس القضاء الأعلى والمحكمة العليا، وهيئة التفتيش القضائي في 8 أغسطس/ آب الجاري ضمن إصلاحات واسعة للقضاء.
اغتيال العميد الحمادي
وبخلاف قضايا التفجيرات والعمليات الإرهابية في عدن التي تظهر التحقيقات الأولية شراكة بين الحوثيين والإخوان في استهداف قادة المجلس الانتقالي، ينظر إلى قضية اغتيال قائد اللواء 35 مدرع أنها من أكبر وأخطر القضايا، والملفات التي يتورط فيها حزب الإصلاح.
ومن شأن فتح ملف قضية اغتيال قائد اللواء 35 مدرع العميد ركن عدنان الحمادي، أن تكشف خيوط المؤامرة الكبرى الذي دبرها حزب الإصلاح وكبار قياداته في تعز ومأرب لا سيما، وأنه منذ الترافع في القضية في أغسطس 2020 استنفر الإخوان كل ثقلهم في الشرعية وعمدوا لتعطيل القضاء برمته ووقف مسار القضية.
وبحسب مصادر مطلعة على ملف القضية، فإن تنظيم الإخوان وقف خلف اختفاء 300 مستند من ملف قضية اغتيال الحمادي فضلا عن فقدان سجل هواتف جميع المتهمين وتسجيلات المكالمات بين المتهمين وداعميهم من قيادات الإخوان بتعز ومأرب.
وأشارت المصادر إلى أن كبار قيادات الإخوان ضالعة في مخطط اغتيال العميد الحمادي بينهم مسؤول بارز تم القبض عليه لحظة وقوع الجريمة في ديسمبر/كانون الأول 2019، إلى جانب ما عثر عليه من أدلة في هواتف المتهمين والتي تشير إلى أن عملية اغتيال منظمة دبرها الإخوان للإطاحة بالرجل الذي وقف حجر عثرة أمام تمددهم من تعز نحو عدن.
وأوضحت أن مؤامرة الإخوان لم تتوقف عند اغتيال الرجل وإنما امتدت إلى اغتيال قضيته أمام القضاء بعد أن شهد مسار القضية وفاة مفاجأة لـ2 من القضاة، وهم رئيس النيابة، وآخر بدرجة وكيل، وذلك يوم رفع ملف القضية وعقد أول جلسة لمحاكمة القتلة من العناصر الإخوانية.
وشهد مسار القضية أيضا إقالة وكيل النيابة ماجد الحكيمي بعد حضوره جلستين فقط من نظر القضية، قبل أن يتم الإطاحة برئيس المحكمة الجزائية المتخصصة بقضايا أمن الدولة، وهيب فضل، الذي كان يتسلم القضية والإطاحة بالنائب العام علي الأعوش ما عطل القضية حتى اليوم.
آنذاك، قرر رئيس المحكمة المتخصصة القاضي وهيب فضل إلزام رئيس الجمهورية بتشكيل مجلس قضاء أعلى للقيام بدوره وفق ما ينصه القانون في توفير الحماية للقضاء بما يكفل استقلاليته وعدم التدخل في شؤونه، إشارة للإخوان وعبثهم بالقضية، لكن ذلك لم يتحقق إلا مؤخرا بعد هيكلة القضاء من قبل مجلس القيادة الرئاسي الذي تسلم السلطة في إبريل/نيسان الماضي.
وكان ناشطون ومسؤولون يمنيون، الإثنين، طالبوا خلال مظاهرة في مدينة تعز مجلس القيادة الرئاسي بسرعة البت في قضية قائد اللواء 35 مدرع وملاحقة القتلة و المخططين والممولين من قيادات تنظيم الإخوان الإرهابي.
وقال الناشط السياسي اليمني رامز الشارحي: “ستعود إجراءات التحقيق في كل من تدور حولهم الشبهات في عملية اغتيال القائد الحمادي، عدالة القضاء ستنتصر هذه المرة بعد إزالة المعوقات في هرم السلطة القضائية”.
قضايا الفساد
في الصدد، أوقفت نيابة الأموال العامة المختصة بقضايا الفساد في عدن قيادات المنطقة الحرة بالمحافظة ومكتب الأراضي فضلا عن بدء التحقيق في فساد ملف النفط الضالع فيه قيادات إخوانية بارزة.
وقالت النيابة العامة في بيان اطلعت “العين الإخبارية” نسخة منه، أن “نيابة الأموال العامة الثانية المختصة بقضايا الفساد اتخذت العديد من الإجراءات الحاسمة في عدة قضايا منظورة لديها وكان من أهمها استدعاء المتهمين في قضايا فساد وهم قيادات المنطقة الحرة الحالية والسابقة”.
وذكر البيان أنها استكملت جمع الأدلة وأقوال شهود الإثبات، مؤكدة أن قيادات المنطقة الحرة في ميناء عدن ارتكبت مخالفات جسيمة خلال عملهم لتقرر النيابة منعهم من السفر وتوقيفهم عن العمل ومخاطبة رئيس الوزراء بذلك.
وتقدمت النيابة العامة بطلب قرار لوزارة الشؤون القانونية عبر النائب العام لإعداد مشروع قرار يقدم لمجلس الوزراء يتعلق بإلغاء قرار مجلس الوزراء رقم 24 لعام 2009 الخاص بتعديل تخصيص قطاع أحد قطاعات المنطقة الحرة يسمح بموجبه إقامة مشاريع سكنية وخدماتية.
في السياق، وجهت نيابة مكافحة الفساد وزير الخدمة المدنية والتأمينات بسرعة “تغيير قيادة المؤسسة العامة للتأمينات” لفشلهم في إدارة هذا الصرح العظيم بموجب المخالفات الواردة بتقرير الجهاز المركزي.
وقال البيان إن “النيابة العامة بصدد مباشرة التحقيق بعدة قضايا تمس الاقتصاد الوطني من ضمنها مخالفات شركة الاستثمارات النفطية، وكذا المخالفات الجسيمة من قبل مكتب الأراضي محافظة عدن”.
وكان تنظيم الإخوان الإرهابي عمل طيلة 8 أعوام في تعيين شبكة واسعة من المحسوبين عليه أو المتحالفين انتهازيا معه في مستويات مختلفة ضمن المؤسسات العامة للدولة وعلى المستوى المحلي في المحافظات ما يجعل القضاء اليمني أمام تحدٍّ كبير في تفكيك النفوذ الواسع الذي بناه حزب الإصلاح في المناطق المحررة.