الهدنة تفصح عن عدم رغبة الحوثيين في التسوية للمرة الثانية
مُددت الهدنة التي طال انتظارها في اليمن في شهر يونيو 2022 لشهرين آخرين, لكن عدم رغبة الحوثيين على التعاون لا يزال يشكل عقبة أمام انهاء الحرب.
وقد شهد الصراع في اليمن في شهر أبريل 2022 تقدمًا ايجابيا كبيرًا، حيث اتفقت الأطراف الرئيسية المتحاربة على هدنة لمدة شهرين وإجراءات لبناء الثقة مثل إعادة فتح مطار صنعاء أمام الرحلات التجارية وتسليم شحنات الوقود التي تشتد حاجة البلاد إليها وإيصالها الى ميناء الحديدة.
تاليا تم تمديد الهدنة التي قوبلت بتفاؤل حذر في ظل الإخفاقات العديدة للجهود السابقة لشهرين آخرين في أوائل شهر يونيو 2022، وتوقفت الهجمات عبر الحدود من السعوديين والحوثيين حتى الآن.
وأفاد مجلس اللاجئين النرويجي أن عدد القتلى المدنيين في النزاع قد انخفض بنسبة خمسين بالمائة خلال الشهر الأول من الهدنة.
رافق الهدنة أيضاً تطور كبير في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، حيث سلم الرئيس السابق عبدربه منصور هادي السلطة إلى مجلس القيادة الرئاسي المكون من ثمانية أعضاء والذي يضم قادة بارزين في المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي.
وقد كان هذا القرار هو أحدث محاولة لتوحيد القوات المناهضة للحوثيين في البلاد واستعادة شرعية الحكومة، على الرغم من أن النجاح النهائي للمجلس لا يزال غير واضح، فقد تمت الإشادة بهذا الجهد على نطاق واسع باعتباره خطوة إيجابية نحو السلام.
وعلى الرغم من كل هذه التطورات إلا أن هناك مؤشرات على أن الهدنة الحالية من غير المرجح لها أن تكون إشارة لنهاية حرب اليمن، حيث يتبادل الجانبان اتهامات بانتهاكات للاتفاقية.
محاصرة تعز
يحاصر الحوثيون تعز منذ عام 2016 بقطع الطرق المؤدية إلى وسط المدينة – التي تسيطر عليها الحكومة المعترف بها دوليًا – وبالتالي تسبب ذلك بإعاقة نقل البضائع والوقود والحد من حركة السكان المحليين و كان لهذا الحصار تأثير دراماتيكي ومميت في بعض الأحيان على حياة تعز، ويعتبر استمرار إغلاق الطرق الآن أحد العوائق الرئيسية أمام تحقيق السلام.
كان الاتفاق على استئناف المحادثات بشأن إغلاق الطرق أحد تدابير بناء الثقة الثلاثة التي تم ضمها في الهدنة الجارية، حيث تم الوفاء الى حد كبير بالاثنين الآخرين عندما وافقت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا والرياض على السماح للرحلات الجوية التجارية من وإلى صنعاء، واستئناف وصول شحنات الوقود إلى الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون.
في وقت سابق من هذا الشهر، أشادت وسائل إعلام حوثية وإيرانية بالحوثيين لإعادة فتحهم الوشيك للطرق الفرعية في انحاء تعز. لكن في الواقع، لاتزال المحادثات جارية بشأن هذه القضية. ومع ذلك ، بعد ثلاثة أشهر من الهدنة لا يزال الطريق الرئيسي المؤدي الى تعز مغلقًا، و خصوم الحوثيين يتهمونهم بالتفاوض بسوء نية، وبالتالي يظهر نمط شائع في حرب اليمن التي استمرت سبع سنوات مرة أخرى.
هزيمة عسكرية للحوثي
يناقش بعض المناوئين للمليشيا الحوثية بأن الطريقة الوحيدة لتصحيح هذا الخلل هي متابعة الخيار العسكري ضد الجماعة، وبالتالي إضعاف الحوثيين لدرجة أنهم سيضطرون للجوء إلى التفاوض.
لا ينبغي فهم عدم استعداد الحوثيين على تقديم تنازلات بشكل أساسي على أنه دعوة لإنهاء الهدنة والعودة الى الحرب، بل يجب فهمه على أنه اعتراف بشيء كان صحيحًا لفترة طويلة وهو السيطرة على شمال اليمن، وهذا من غير المرجح أن يتغير في المستقبل المنظور.
ببساطة، لا يقدم الحوثيون تنازلات حقيقية لأنهم ليسوا مضطرين لذلك، فهناك القليل من العواقب التي تواجهها قيادتهم بسبب الاستهزاء بقضايا المطالب من قبل منافسيهم أو المجتمع الدولي..
هذه الديناميكية تضع الحكومات والهيئات الدولية في اليمن في موقف صعب، فعلى سبيل المثال، إعادة فتح مطار صنعاء للرحلات التجارية والسماح باستيراد الوقود كانت من المطالب الحوثية التي لقيها خصومهم.
وقد كانت هذه أيضًا خطوات عاجلة جداً بالنسبة للمدنيين من اليمنيين الذين لم يتمكنوا من السفر خارج البلاد وكانوا في أمس الحاجة إلى الوقود. ولكن استخدام هذين المطلبين الحوثيين كأداة ضغط ضد الجماعة لن يؤدي إلا إلى إلحاق الضرر بالمواطنين العاديين ، مما سيؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني الكارثي في اليمن بالفعل.
هناك احتمال أن يفاجئ الحوثيون الجميع ويضحون بمصالحهم من أجل فرصة سلام دائم من خلال إعادة فتح طريق تعز الرئيسي، تماماً كما في المفاوضات السابقة. بالرغم من أن السنوات القليلة الماضية تشير إلى أن هذا غير مرجح. لكن في غضون ذلك ، قد نحتاج إلى البدء في تقبل حقيقة أنه عندما يقدم جانب واحد فقط من النزاع تنازلات بينما يقدم الطرف الآخر مطالب فقط ، فهذه لا تعد هدنة – إنها استسلام.
الكاتبة: هانا بورتر