لمواجهة غلاء الأسعار.. اليمن يوقف الصادرات الزراعية في رمضان

شهدت أسعار الفواكة والخضراوات في اليمن استقرارا نسبيًا في أعقاب قرار حكومي بوقف الصادرات الزراعية والحيوانية للخارج في شهر رمضان.

وأعلنت وزارة الصناعة والتجارة في الحكومة المعترف بها دوليا، يوم الأربعاء، منع تصدير الخضراوات والفاكهة واللحوم خلال شهر رمضان إلى الخارج، وذلك بعد ارتفاع أسعارها لمستويات قياسية في الأسواق المحلية.

وأصدر وزير الصناعة والتجارة اليمني محمد الأشول قرارًا وزاريًا، حصلت “العين الإخبارية” على نسخة منه، يقضي بمنع تصدير المنتجات الزراعية والحيوانية خلال شهر رمضان دون مزيد من التفاصيل.

ومع اقتراب شهر رمضان ارتفعت أسعار الخضراوات والفواكة والمواشي في الأسواق اليمنية جنوبي وشرقي البلاد تزامنًا مع موجة غلاء ضربت معظم السلع والمواد الغذائية والاستهلاكية في البلاد بسبب حرب مليشيات الحوثي وتداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية.

ويعد حجم الصادرات الزراعية في اليمن متواضعًا؛ إذ يتراوح بنسبة 3 إلى 5% وغالبيتهم تذهب إلى دول الخليج العربي ودول القرن الأفريقي، وتستفيد البلد من العملات الصعبة في شراء جزء من احتياجاتها من المواد الغذائية الأخرى، والأسمدة والمبيدات الحشرية.

وتشمل المنتجات المصدرة من الفواكه، المانجو، العنب، الموز البطيخ، والحمضيات مثل البرتقال والليمون، حيث تنتج اليمن كميات كبيرة من الخضراوات والأسماك، بما يحقق اكتفائها الذاتي، إذ تعتمد الأسواق اليمنية على 70% منها، فيما تصدر الكميات الأخرى إلى الخارج.

مخاوف من كساد
وأثار القرار الوزاري مخاوف لدى مزارعين وتجار من حدوث كساد بالمنتجات الزراعية، ويخشى البعض أن تواجه الفواكة والخضراوات، نقصا في الطلب المحلي وزيادة حجم المعروض إثر ضعف القيمة الشرائية لدى السكان بسبب نهب مليشيات الحوثي للمرتبات.

ويرى رجل الأعمال اليمني محمد الغنامي، أن القرار المتخذ له بالطبع عواقب محتملة على القطاع الزراعي في اليمن حتى وإن كان لشهر واحد ما قد يعرض المنتجات المحلية لانخفاض أسعارها بشكل لا يتناسب مع التكاليف.

ويشير الغنامي الذي يرأس إتحاد تجار المخا اليمنية، وهو إتلاف يضم رجال الأعمال، إلى إحتمال حدوث كساد في المنتجات الزراعية، لا سيما وأن كميات التصدير تمثل الفائض من تلك المنتجات، وليست على حساب الأسواق المحلية.

وقال رجل الأعمال اليمني لـ”العين الإخبارية”، إن قطاع الزراعة ينتظر بالطبع عواقب محتملة للقرار الذي اتخذ إثر ارتفاع الأسعار كونه ناجم عن كميات التصدير، وهو اعتقاد يتنافى مع العوامل الحقيقية.

وأرجع الغنامي، ارتفاع الأسعار إلى ارتفاع أسعار المشتقات النفطية وأجور مواصلات النقل، فضلا عن أجور العاملين، وإرتفاع تكلفة شراء الأسمدة والمبيدات الحشرية وليس ناجما عن قلة المعروض من تلك المنتجات في الأسواق.

تقليص حجم المنتجات
وعكست تلك العوامل نفسها على أسعار المنتجات الزراعية، بحسب رجل الأعمال اليمني، عبدالجبار النوبة، الذي يرى أن اتخاذ القرار جاء مع بدء موسم حصاد البصل في الأودية الزراعية الواقعة غربي البلاد.

ويرى “النوبة” الذي تنقل سفنه التجارية شحنات المنتجات الزراعية عبر ميناء المخا إلى القرن الأفريقي أن المصدرين والمزارعين سيتكبدون خسائر مالية غير متوقعة نظرًا لأن أغلب منتجات البصل في هذه الأودية مخصصة للتصدير للخارج.

ويضيف، أن الانخفاض المتوقع في كميات التصدير من الخضراوات والفواكه سيجعل الأسواق المحلية تعيش حالة كساد محتمل، بحكم أن المواطنين لا يشترون كافة المنتجات، وأن المصدر منها يعد الفائض فقط.

ويعتقد أن التصدير لم يكن يوما ما سببا في ارتفاع الأسعار لأن المزارع يهمه بيع منتجاته محليا، وانما عوامل أخرى تتمثل في الارتفاعات المالية المصاحبة.

ومن المتوقع أن يتجه المزارعين إلى تقليص حجم المنتجات الزراعية و التوقف عن إغراق الأسواق بمنتجات لا تقابل بشرائها، خلال المرحلة المقبلة.

وكانت المنتجات الزراعية شهدت تراجعا بسبب حرب مليشيات الحوثي، غير أنها عاودت ازدهارها من جديد، خصوصا في المدن والمناطق المحررة جنوبي وشرقي اليمن.

تأمين احتياجات المواطن
يرى الخبير الاقتصادي وحيد الفودعي أن الهدف من منع تصدير المنتجات الزراعية واللحوم هو تأمين احتياجات المواطن منها حيث أن تصديرها يعمل على تخفيض العرض المحلي لها وبالتالي زيادة أسعارها وفي بعض الأحيان ندرتها محليا.

وأوضح في تصريح، أنه في حال إيقاف تصدير هذه المنتجات سوف يعمل ذلك على زيادة عرضها وبالتالي انخفاض قيمتها محلياً ويكون باستطاعة المواطن شرائها، وستكون الدولة قد أمنت احتياجات المواطنين من المنتجات الزراعية في شهر رمضان والذي يزاداد الطلب فيه.

وأشار الفودعي إلى أن دخول المزارعين سوف تتأثر سلباً من القرار الوزاري الأخير، فالتصدير للخارج ربما يؤمن لهم دخل مرتفع اعلى من البيع في اليمن، لكنها في المقابل سيخفض استيراد اليمن للمنتجات الزراعية خاصة المماثلة أو البديلة، نتيجة اتجاه المواطنين لشراء منتجات محلية بدلاً من الخارجية.

أضاف: هذا يعني، أنه مقابل انخفاض الصادرات، ستنخفض الواردات بنفس القدر، وفي حال حدوث ذلك، لن يتأثر ميزان المدفوعات.

وتابع الفودعي خاتما تصريحه: إذا أنخفضت الصادرات بمقدار أكبر من الواردات سيكون الأثر سلبيا على ميزان المدفوعات، وعلى العكس من ذلك إذا انخفضت الصادرات بمقدار أقل من الواردات، أي أن الآثر سيكون إيجابيا على ميزان المدفوعات.

العين

 

زر الذهاب إلى الأعلى