تناقض دولي بين المطالبة بمعاقبة الحوثيين والضغط لوقف عمليات استهدافهم
وصف مراقبون سياسيون المواقف الدولية تجاه الأزمة اليمنية بأنها انعكاس لحالة الارتباك التي يتعاطى بها العالم مع التصعيد الحوثي، مشيرين إلى أن الإدانة الدولية والأممية للميليشيات الحوثية والمطالبة بمعاقبة الجماعة المدعومة من إيران مع استمرار الخطاب التقليدي حول ضرورة وقف التصعيد من قبل كافة الأطراف والضغط على التحالف العربي لوقف عملياته الجوية، مؤشرات على عدم جدية القوى الدولية الفاعلة في الملف اليمني في معاقبة الحوثيين ووضع حد لهجماتهم الإرهابية.
وشهد الموقف الدولي تحوّلا لافتا على صعيد تحميل الحوثيين مسؤولة استمرار الحرب في اليمن وفشل خيارات السلام التي طرحتها الأمم المتحدة عبر مبعوثها السابق إلى اليمن مارتن غريفيث “الإعلان المشترك”.
ويقلّل مراقبون للشأن اليمني من فاعلية الإدانات الدولية في الضغط على الحوثيين، مؤكدين أن ردع الجماعة الراديكالية المموّلة من إيران يحتاج لخطوات عملية تتجاوز حد الإدانة من قبيل فرض عقوبات اقتصادية وإدراج الجماعة مجددا في قائمة المنظمات الإرهابية في واشنطن وتوقف الضغط الذي يمارسه المجتمع الدولي على التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة السعودية.
ووفقا للباحث السياسي اليمني ورئيس مركز فنار لبحوث السياسات عزت مصطفى إنه “من الواضح من خلال بيانات التنديد التي سارعت بإعلانها الدول من مختلف أنحاء العالم وكذا بيان مجلس الأمن حول الهجمات التي استهدفت الإمارات أن العمل العسكري والاستخباري سيمتد لمعاقبة المزيد من المتورطين في هذا العمل”.
وأضاف مصطفى أن “بيان مجلس الأمن الذي امتاز بالوضوح في دلالاته يعبّر عن أن الإجراء الأممي الأخير هو مقدمة لمنح الغطاء والدعم الدولي لأعمال عقابية أكبر بحق الجماعة الحوثية ربما لم تكن تتوقعها الجماعة حتى في أسوأ الاحتمالات التي دارت في ذهنها؛ كما أن البيان يعد مقدمة تمهيدية تحيل إلى إمكانية إعادة إدراج الحوثيين في قوائم الإرهاب”.
ويرى مدير مركز فنار أن المواقف الدولية التي أدانت الهجوم الحوثي على أبوظبي “تعطي تفويضاً للإمارات بملاحقة المتورطين في الاعتداء عليها الذي سيلاقي دعماً من العديد من الدول سياسياً وربما لوجستياً واستخبارياً”.
ويؤكد محللون سياسيون أن المواقف الدولية يجب أن تكون أكثر وضوحا في تحميل الحوثي وحده المسؤولية عن استمرار الحرب في اليمن ومحاولة نقل التوتر إلى مدى جيوسياسي أوسع يتطابق مع أجندة طهران.
ويؤكد خبراء سياسيون أن المواقف الدولية مازالت لا ترقى إلى حجم التهديدات التي يمثلها التصعيد الحوثي في المنطقة، في ظل حالة من التناقض بين مواقف مجلس الأمن الداعية لمعاقبة الحوثيين وبين الدعوة لوقف هجمات التحالف العربي بقيادة السعودية.
وفي تصريح لـ”العرب” يشير الباحث السياسي اليمني محمود الطاهر إلى أن “المجتمع الدولي ينظر إلى الحرب في اليمن من زاوية إنسانية بحتة، ويقلق من التقارير التي تروّجها وسائل الإعلام الإيرانية عن وجود ضحايا، لكنّي أعتقد أنها من باب الإدانات الدبلوماسية والرسائل بأهمية التسريع من وتيرة حسم الأمر في اليمن لصالح الحكومة الشرعية.”
وعن السيناريوهات القادمة سياسيا وعسكريا يؤكد الطاهر أن “الإمارات انتزعت اعترافًا أمميًا بأن الحوثيين جماعة إرهابية، وستعود إلى جامعة الدول العربية بهدف حشد طاقات أخرى لإعادة زخم التحالف العربي وتقويته، بهدف القضاء على الإرهاب الجديد الذي بات يهدد الجميع“.
وتابع “أعتقد أن الوضع ما بعد الهجمات الإرهابية على أبوظبي غير الوضع ما قبلها، ومحاولة بعض المنظمات الدولية الإيرانية أو الإخوانية في التأثير على المجتمع الدولي لإنقاذ الحوثيين لن تثني عن معاقبتهم ومحاسبتهم، لأنهم وفقًا للبيان الأخير أصبحوا جماعة إرهابية تهدد الأمن والاستقرار الدوليين”.
المصدر: صحيفة العب