عسكرة الحوثيين لموانئ اليمن تشغل المجتمع الدولي
تشغل الهجمات التي يشنها المتمردون الحوثيون على ممر الملاحة الدولي في البحر الأحمر والتي كان آخرها اختطاف سفينة الشحن التجارية التابعة لدولة الإمارات “روابي” المجتمع الدولي.
وأعربت بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاقية الحديدة في اليمن الثلاثاء عن قلقها من “عسكرة” موانئ الحديدة على البحر الأحمر غرب اليمن.
وقالت البعثة الأممية في بيان إنها تلاحظ “بقلق بالغ الادعاءات المتعلقة باستخدام موانئ الحديدة لأغراض عسكرية”. وطالبت “القيام بإجراءات التفتيش”، مؤكدة أنها “تقف على أهبة الاستعداد لمعالجة شواغل عسكرة الموانئ”.
وحوّل الحوثيون موانئ الحديدة والصليف وراس عيسى إلى قواعد لشن عمليات قرصنة وزرع الألغام البحرية وتهديد طريق الملاحة الدولي بالقرب من مضيق باب المندب.
وكانت إحدى أبرز تلك العمليات احتجاز سفينة “روابي” التي تنقل معدات لمستشفى ميداني، وقد طالب التحالف العربي بالإفراج عنها، وإلا فإنه سيضطر إلى التحرك ضد الموانئ التي يستغلها المتمردون.
وتقدمت دولة الإمارات في وقت لاحق بشكوى رسمية لمجلس الأمن الدولي حول اختطاف الحوثيين لسفينة الشحن، التي تضم أحد عشر شخصا من جنسيات مختلفة.
وكشف التحالف في اليومين الماضيين عن صور وأفلام ومعلومات تتعلق بالأنشطة العسكرية الحوثية في موانئ الحديدة الثلاثة بالتزامن مع قرب انعقاد جلسة لمجلس الأمن الدولي لمناقشة أحدث تقارير فريق الخبراء الدوليين الخاص باليمن، والذي تطرق في جزء كبير منه إلى عمليات تهريب إيران للآلاف من قطع الأسلحة للمتمردين.
وتشير مصادر سياسية مطلعة لـ”العرب” إلى أن التحولات في المواقف الدولية إزاء الحوثيين والإدانات التي وجهتها الأمم المتحدة وواشنطن والاتحاد الأوروبي لاختطافهم سفينة الشحن الإماراتية، توفّر غطاء دبلوماسيا وسياسيا للتحالف العربي لتنفيذ عملية عسكرية في الحديدة.
وتلفت تلك الأوساط إلى أن مطالبة البعثة الأممية بإجراءات تفتيشية للموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون، وسط شكوك في إمكانية قبول المتمردين الأمر قد يقود إلى منح ضوء أخضر للتحالف العربي للتحرك.
وأكد المتحدث باسم التحالف العميد تركي المالكي، خلال مؤتمر صحافي الثلاثاء في عتق مركز محافظة شبوة التي نجحت ألوية العمالقة الجنوبية مؤخرا في تحريرها بالكامل من سيطرة الحوثيين، أن لديهم أدلة ثابتة لا تقبل الشك في أن المتمردين يستعملون ميناء الحديدة بشكل واضح من أجل تهريب الأسلحة.
واعتبر الباحث العسكري اليمني وضاح العوبلي أن كل الظروف على المستويين الإقليمي والدولي مهيأة أكثر من أي وقت مضى لتنفيذ معركة تحرير محافظة وموانئ الحديدة.
وقال العوبلي في تصريح لـ”العرب”، “إذا ما ربطنا بين عمليات القرصنة الحوثية على السفن في البحر الأحمر، وتتالي القبض على السفن الإيرانية التي تهرب الأسلحة للحوثيين، وبين المعلومات والتقارير الاستخباراتية الموثقة والمتعلقة باستخدام الحوثيين لمنشآت موانئ الحديدة لأغراض عسكرية، وقبل كل ذلك تعنت الحوثيين في رفض أي صيانة أو تفريغ لخزان النفط ‘صافر’ الذي يهدد بكارثة بيئية بحرية كبيرة، وكذلك الألغام البحرية المنتشرة، وتم الربط بين كل هذه الحيثيات وبين الاستراتيجية الإقليمية والدولية المعتمدة للأمن البحري وتأمين خطوط الملاحة ورفض أي تهديد لها، فإننا سنكون أمام ملف متكامل من المبررات والمسببات والدوافع المشروعة لشن عملية عسكرية بهدف تحييد ممرات الملاحة والمضائق البحرية والحركة عبرهما عن أي تهديد حوثي”.
في المقابل استبعد المحلل السياسي اليمني محمود الطاهر تنفيذ التحالف عملية عسكرية وشيكة في الحديدة، معتبرا أن تصاعد موقف التحالف والموقف الدولي تجاه القرصنة الحوثية واستغلال تلك الموانئ في تنفيذ هجمات إرهابية يندرج في إطار الضغط على الميليشيا الحوثية بهدف إقناعها بعملية السلام.
وأضاف الطاهر في تصريح لـ”العرب”، “لو كانت هناك عملية عسكرية منتظرة لتحرير الحديدة، لأعلنت الحكومة اليمنية تخليها عن اتفاق ستوكهولم فور إعادة التموضع للقوات المشتركة في نوفمبر الماضي”.
واعتبر أن بث التحالف أدلة تكشف مدى خطورة بقاء موانئ الحديدة تحت سيطرة الميليشيا الحوثية يؤكد أن ما يقوم به الحوثيون من عمل خطير لا يهدد اليمن أو دول الجوار بل يهدد الملاحة الدولية.
وأكد الباحث السياسي اليمني نجيب غلاب في تصريحات لـ”العرب” أن استخدام الحوثيين لموانئ الحديدة لأغراض عسكرية مؤكد. ووصف غلاب الحديث عن هذه الحقائق بشكل متزايد خلال الآونة الأخيرة بأنه محاولة فقط للفت انتباه الرأي العام الدولي ورسالة لمن ليست لديه معلومات كافية بالذات الدول التي لا تهتم كثيرا بالملف اليمني.
وقال “طالما التهريب مستمر وقائم فإمكانية القرصنة وتهديد أمن البحر الأحمر والتجارة الدولية نتيجة غير قابلة للجدال ويتم توظيف الأمر حاليا بالحدّ الأدنى، وبما يحقق أهداف إيران الاستراتيجية التي تهتم بمسألتين في اليمن؛ أولها تحول تأثيرها في البحر الأحمر إلى قوة مضافة لمصالحها وجعل اليمن مركز ثقل لإدارة حروب الفوضى”.
ويرى غلاب أن إيران أصبحت تمتلك عمليا تأثيرا قادرا على تهديد الأمن والسلم الدوليين، بل وضرب أمن البحر الأحمر بطريقة مؤلمة للجميع، وهو الأمر الذي يجعل معركة الأمن والسلم الدوليين وأمن أوروبا والعرب وحتى بريطانيا عملية حاسمة وقوية في الساحل الغربي لليمن، وهو ما يرتبط استراتيجيا بالحرب الجارية في اليمن وتداعياتها وفي مقدمة ذلك تحرك التحالف العربي للفت الانتباه لما يحدث في الحديدة والصليف وبقية الساحل الغربي وإرسال رسالة واضحة بأنه لا بد من إعادة قراءة المخاطر التي تمثلها إيران.