استياء دولي من تعنت الحوثيين وسط ارتفاع العنف والانتهاكات
تزامناً مع بدء المبعوث الأممي الجديد أعماله في اليمن، ارتفعت نبرة الاستياء الدولي من انتهاكات الحوثيين في اليمن، واستهدافهم للبنى التحتية السعودية، وسط تحذيرات من طول أمد الأزمة وعدم تعاونهم في الوصول إلى حلول سياسية.
ورغم الزيارات المتكررة للمنطقة للمبعوث الأميركي تيم ليندركينغ، والتي وصلت إلى سبع مرات منذ بدء تسلمه منصبه فبراير (شباط) الماضي، إلا أنه لم يستطع تحقيق أي اختراق يذكر، إذ نادى بوقف إطلاق النار والعودة إلى طاولة المفاوضات، وهو ما لم يتحقق حتى الآن.
واستمالةً للرأي العام الأميركي، خصوصاً المشرعين في الكونغرس، اتخذت الإدارة الأميركية أسلوباً جديداً في بياناتها بالتذكير بوجود أكثر من 70 ألف أميركي في السعودية، يواجهون خطراً محدقاً من الاعتداءات الحوثية، وسط تخوف العديد من المراقبين اليمنيين من انشغال الإدارة الأميركية بالأزمة في أفغانستان، عن تصاعد أعمال العنف في اليمن والتي راح ضحيتها نحو 130 ألف شخص.
وفي بيان أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأميركي، شدد على إدانة الولايات المتحدة بشدة هجوم الحوثيين الأخير على السعودية، وقال إنه منذ بداية العام الجاري، «تعرضت السعودية لأكثر من 240 هجوماً من الحوثيين، الذين عرضوا الشعب السعودي للخطر إلى جانب أكثر من 70 ألف مواطن أميركي يقيمون في السعودية»، لافتاً إلى أن الحوثيين كثفوا هجماتهم داخل اليمن في الأسابيع الأخيرة، لا سيما هجومهم على مأرب.
وأضاف الوزير الأميركي: «يؤدي هذا الهجوم المكلف والمتعثر إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن. إن هجمات الحوثيين تديم الصراع وتطيل من معاناة الشعب اليمني وتهدد جهود السلام في لحظة حرجة»، داعياً الحوثيين مرة أخرى إلى الالتزام بوقف إطلاق النار، والدخول في مفاوضات تحت رعاية الأمم المتحدة.
ورغم الجهود الدولية والمساعي الحثيثة لإنهاء الأزمة اليمنية، إلا أن الأمم المتحدة اعترفت بعدم وجود بوادر وملامح تلوح في الأفق لإنهاء الأزمة اليمنية، والتي جاءت على لسان مسؤول كبير في الأمم المتحدة لشؤون منطقة الشرق الأوسط، في جلسة لمجلس الأمن الأسبوع الماضي، قائلاً: «إن الأطراف في اليمن لم تحرز أي تقدم للتوصل إلى اتفاق سياسي لتسوية الحرب الأهلية، التي دخلت عامها السابع».
خالد خياري، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادئ، أكد أن كافة بنود خطة السلام لعام 2015 لم تتحقق حتى الآن، والتي دعت إلى وقف إطلاق النار على الصعيد الوطني، وإعادة فتح مطار صنعاء، وتخفيف القيود على تدفق الوقود والبضائع عبر ميناء الحديدة، واستئناف المفاوضات السياسية وجهاً لوجه، مضيفاً: «إن الحوثيين يرهنون فتح موانئ الحديدة ومطار صنعاء، وإنهاء ما يسمونه «العدوان والاحتلال»، شرطاً لتجديد مشاركتهم في العملية السياسية».
فيما اتهمت مجموعتان حقوقيتان الحوثيين باستخدام التجويع كأسلوب حرب، حاثتين مجلس الأمن الدولي على إحالة المشاركين المعارضين إلى المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في الجرائم المزعومة، موثقين في تقرير نشرت وكالة أسوشييتد برس خبراً عنه، قيود الحوثيين على الأنشطة الإنسانية في اليمن، والتي حرمت المدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرتهم من «المساعدات التي لا غنى عنها، بما في ذلك الغذاء».
كما وثق التقرير الحقوقي استخدام الحوثيين الواسع والعشوائي للألغام الأرضية، مما أدى إلى قتل وتشويه الرعاة ومواشيهم ومنع المزارعين من الوصول إلى الأراضي الزراعية، مقدرة سقوط أكثر من 130 ألف شخص خلال سبعة أعوام من اندلاع الحرب، وأدت إلى أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
وفي سياق منفصل، أثارت تصريحات جين ساكي المتحدثة الرسمية في البيت الأبيض سجالا إعلامياً بعدما زعمت في مؤتمرها الصحافي الاثنين الماضي، بأن الولايات المتحدة ليست لديها أي قوات في اليمن أو الصومال، وذلك في معرض إجابتها للدفاع عن الانسحاب العسكري الأميركي الكامل من أفغانستان.
وجادلت ساكي بأن الولايات المتحدة ستكون قادرة على تنفيذ عمليات مكافحة الإرهاب في أفغانستان من دون وجود قوات هناك، بناءً على أمثلة اليمن والصومال، حيث لا يوجد للولايات المتحدة في الواقع قوات على الأرض، وعلى عكس مزاعمها، نشرت كل من «سي إن إن»، و«ياهو نيوز»، و«واشنطن إكزامنير»، تصحيحاً لهذه التصريحات، بأنه عندما يتعلق الأمر باليمن والصومال، فإن تصريحات ساكي ليست دقيقة تماماً، مستندين على بيانات البيت الأبيض في يونيو (حزيران) الماضي، الذي كشف عن تواجد أفراد عسكريين أميركيين في اليمن، ووفقاً لوزارة الدفاع كان للولايات المتحدة وجود صغير في الصومال.
ونشرت وسائل الإعلام خطاباً للرئيس الأميركي جو بايدن بعث به إلى نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب في الكونغرس، مفصحاً فيه عن التواجد الأميركي في اليمن، ويشير خطاب بايدن إلى «تواجد عدد صغير من القوات العسكرية الأميركية في اليمن للقيام بعمليات ضد القاعدة في شبه الجزيرة العربية وداعش».
وأفاد بايدن في خطابه أيضاً، بأن القوات المسلحة الأميركية تنتشر في السعودية لحماية قوات الولايات المتحدة ومصالحها في المنطقة «من الأعمال العدائية الإيرانية، أو الجماعات المدعومة من إيران»، لافتا إلى أن هذه القوات، تعمل بالتنسيق مع الحكومة السعودية، وتوفر قدرات دفاعية جوية وصاروخية، وتدعم تشغيل الطائرات المقاتلة الأميركية، ويبلغ العدد الإجمالي لقوات الولايات المتحدة في المملكة العربية السعودية حوالي 2742 عسكريا.
•صحيفة الشرق الأوسط