تقرير يكشف عن صاحب اليد الطولى للحوثي في كل مفاصل الدولة والمسيطر على أموال المساعدات الدولية
أظهر تقرير أعده العضو السابق في لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة بشأن اليمن جريجوري جونسون ومركز صنعاء للدراسات تفاصيل حول نفوذ أحمد حامد مدير مكتب رئيس المجلس السياسي غير المعترف به في صنعاء.
التقرير قال إن الرجل يوصف بأنه (رئيس الرئيس)، موردا سيرته منذ بدأ مرافقا لحسين الحوثي ووقوفه ضد عبدالله الرزامي ومساندا لصعود عبدالملك الحوثي خلفا لشقيقه بعد مقتله في صعدة على أيدي القوات الحكومية.
التقرير أشار إلى اجتماع خاص لكبار القادة والمسؤولين الحوثيين في صنعاء دعا إليه مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي وذلك في محاولة لوضع حد “للشائعة التي انتشرت واكتسبت زخمًا خلال الأشهر الأخيرة إذ تداول البعض على وسائل التواصل الاجتماعي وفي جلسات القات في جميع أنحاء المدينة الحديث عن أنه ليس سوى شخصية صوريّة”.
ونقل التقرير عن مصدر مطّلع إن المشاط وصف تلك الشائعات بـ”الهراء”، وقال: أحمد أخ عزيز لي، ولا يتخذ أي قرار قبل إجراء مشاورات مكثفة.
وقال التقرير إن “جزء كبير من السلطة التي يمتلكها حامد تعود إلى علاقته الطويلة والوثيقة بعبدالملك الحوثي، زعيم جماعة الحوثيين، ولِد أحمد حامد في قرية مران عام 1972 أي نفس المكان الذي ولد فيه حسين بدرالدين الحوثي، شقيق عبدالملك، ومؤسس جماعة الحوثيين الراحل، وكان من أوائل أتباع حسين الحوثي وأكثرهم إخلاصًا له، لكنه أيضًا قضى وقتًا طويلًا مع تابع آخر لحسين، وهو عبدالملك، الأخ الأصغر غير الشقيق لحسين الحوثي، إذ هما صديقان منذ الطفولة، وخلال حرب الحوثيين الأولى عام 2004، أمضى حامد وعبدالملك الحوثي معًا أسابيعًا في كهف تحت الحصار في جبال صعدة الوعرة، وانتهت تلك الحرب في سبتمبر/أيلول 2004 بمقتل حسين الحوثي على يد القوات الحكومية”.
وأضاف: “لم ينسَ عبدالملك أبدًا دعم حامد في بداية مسيرتهم، فغالبًا ما كان الاثنان معًا خلال حروب الحوثيين الست المتتالية ضد الحكومة اليمنية خلال الفترة من 2004 إلى 2010؛ ما أدى إلى تعميق الأواصر التي بدأت منذ طفولتهما. عندما سيطر الحوثيون على صنعاء أواخر عام 2014، عُيّن حامد مسؤولًا عن إعلام الجماعة، وهو الدور الذي تحوّل في النهاية إلى منصب وزير إعلام الحوثيين. لكنه كعبدالملك يعمل الآن خارج الهياكل الحاكمة الحالية. يوجد عبدالملك في مكان غير معروف شمالي اليمن، ولكن حامد هو الرجل الذي يُعتمد عليه في صنعاء”.
في يناير/كانون الثاني 2018، عيّن عبدالملك الحوثي أحمد حامد مديرًا لمكتب الصماد، وعندما قُتل الأخير في غارة جوية بعد بضعة أشهر، بقي حامد في منصب مدير مكتب الرئيس الجديد مهدي المشاط. وجود حامد في هذا المنصب أتاح لعبدالملك رصد الرئيس في حالِ أصبح قويًّا أكثر مما يجب، واستخدم حامد هذه السلطة لزيادة نفوذه في صنعاء، حتى أنه دخل في صراع مع أفراد من عائلة الحوثي.
وأشار التقرير إلى أن حامد لعب إلى جانب محمد الحوثي دورًا أساسيًّا في تعيين العديد من المشرفين، “وفي عالم سياسة الحوثيين حيث تعتبر العلاقات غير الرسمية أكثر أهمية من الألقاب الرسمية يقدم العديد من أولئك المشرفين تقاريرهم إلى حامد ويأخذون منه توجيهاتهم”.
ثقب أسود للمال والمساعدات
يتحدث التقرير عن تحركات حامد الأكبر والأكثر إثارة للجدل، وذلك في الجانب المالي حيث قال التقرير إن حامد “حوَّل الأموال من حسابات كل من صندوق رعاية الشباب وهو صندوق تابع لوزارة الشباب والرياضة، وحساب الهيئة العامة للتأمينات والمعاشات إلى سلطة مكتبه، بحسب مسؤول سابق بأحد تلك الصناديق ومسؤول برلماني مطّلع على تلك التحويلات”.
وأضاف: “بحسب المصادر ذاتها، وضع حامد في مايو/أيار 2018 الهيئة العامة للزكاة، المسؤولة عن جباية الزكاة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، تحت سلطة مكتبه أيضًا. حاول حامد بعد بضعة أشهر السيطرة على حساب وزارة الأوقاف والإرشاد التي تدر أيضًا إيرادات كبيرة ولكنه لم يتمكن من السيطرة المباشرة على حساباتها، لذلك قال المصدر البرلماني إن حامد أنشأ في نهاية الأمر إدارة موازية لها -تُعرف باسم الهيئة العامة للأوقاف– ثم ربطها بمكتب الرئاسة؛ ما أتاح له الوصول إلى تلك الموارد وإن كان من الباب الخلفي” أحدث تقرير صادر عن فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة وصف أحمد حامد بأنه “ربما يكون أقوى زعيم مدني حوثي من خارج أسرة الحوثي”.
ويضيف التقرير : “أما خارج اليمن فقد اشتُهر حامد بسيطرته على المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي، الذي حلّ مكان الهيئة الوطنية لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية التي كانت تحت سيطرته أيضًا، يشغل حامد منصب رئيس مجلس إدارة المجلس الذي يشرف على استلام وتوزيع جميع المساعدات الإنسانية في مناطق سيطرة الحوثيين، فكما وصف مدير يمني لمنظمة إغاثة محلية -في حديث لوكالة أسوشيتد برس- الوضع: لا يمكن حتى تنفيذ مشروع بسيط في شمال اليمن دون موافقة هذا المجلس وإشرافه”.
يتابع: “استخدم حامد عبر المجلس المساعدات الغذائية كسلاح وأداة لمكافأة الموالين ومعاقبة المعارضين”، وأن حامد “يتدخل من خلال منصبه على قمة هرم المجلس بشكل مباشر على جميع المساعدات التي تتدفق إلى شمالي اليمن، وهي المنطقة الأكثر اكتظاظًا بالسكان والأكثر حاجة للمساعدات في بلد تصف الأمم المتحدة الوضع فيه بأسوأ أزمة إنسانية في العالم”.
وذكر التقرير تحقيق وكالة أسوشيتد برس عام 2020، الذي أشار إلى أنه “في وقت من الأوقات كانت ثلاث وكالات مختلفة تابعة للأمم المتحدة تدفع رواتب شهرية يبلغ مجموعها 10 آلاف دولار لكبار المسؤولين في المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي، ومن المفترض أن حامد كان أحد أولئك المسؤولين. “كما قدمت وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة مبلغ مليون دولار كل ثلاثة أشهر إلى المجلس من أجل تكاليف لتأجير المكاتب والتكاليف الإدارية، ومنحت وكالة الهجرة التابعة للأمم المتحدة المجلس مبلغ 200 ألف دولار أخرى للأثاث والألياف الضوئية”..
وأورد التقرير تفاصيل عن مقترح حامد أن يحصل المجلس “على ضريبة نسبتها 2% من الميزانية التشغيلية لكل منظمة إنسانية تعمل في مناطق سيطرة الحوثيين، لكن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي مارسا الضغط ضد محاولة الابتزاز الواضحة، وسحبت الولايات المتحدة التمويل الإنساني من هناك في مارس/آذار 2020، مشيرة إلى مخاوف من أن الحوثيين كانوا يتلاعبون بالمساعدات لتمويل جهودهم الحربية”.
وبرغم اتهام برنامج الغذاء العالمي المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية بتحويل وبيع مساعدات تبلغ قيمتها ملايين الدولارات، استمر عبدالملك في دعم حامد ومساندته. ففي مقابلة أُجريت عام 2019، في خضم الجدل حول تحويل الحوثيين للمساعدات عن مسارها، شدد عبدالملك على أن جميع المساعدات الدولية يجب أن يتم تنسيقها من خلال المجلس الأعلى، مما يدل على دعمه لعملية تذهب فيها السلال الغذائية الثمينة وموارد المساعدات الأخرى إلى حيث يريدها حامد بالضبط”.
وأضاف إنه “لم يحاول سوى عدد قليل من الأشخاص في صنعاء تحدي حامد، حيث استقال منذ 2018 ثلاثة وزراء على الأقل ممن عينهم الحوثيون، وزراء الصحة والسياحة والمياه، بعد صدامات علنية مع حامد. كان هناك مسؤول آخر انتقد حامد علنًا، لكن أحد أقاربه احتُجز كما استُولي على منزله. جمّد حامد الحسابات البنكية لمعارضين آخرين. تعتقد لجنة خبراء الأمم المتحدة أنه يرأس أحد الأجنحة الثلاثة المتنافسة داخل جماعة الحوثيين، في حين يرأس الجناح الآخر محمد الحوثي، رئيس اللجنة الثورية العليا، والثالث يرأسه وزير الداخلية عبدالكريم الحوثي، عم عبدالملك”.
وختم التقرير حديثه عن تنامى نفوذ حامد “حين أصبح المشاط رئيسًا عام 2018، وقال مصدر في صنعاء إن المشاط لا يشارك في المعاملات الورقية البيروقراطية التي تمر عبر مكتبه، مما يسمح لحامد المعروف بإدمانه للعمل باكتساب المزيد من السلطة والنفوذ”.
• نقلًا عن شبكة الصحافة اليمنية