أين تذهب مساعدات ومنح مقدَّمة لليمنيين بمليارات الدولارات؟!
أين تذهب مساعدات ومنح مقدَّمة لليمنيين بمليارات الدولارات..؟!،.. تساؤل أثار موجة من التباينات بعد ان كشفت تقارير دولية وتحليلات اقتصادية تورط الحكومة الشرعية بجرائم فساد تزامنا مع تنامي مفاجئ لعقاراتها ومشاريعها الاستثمارية محليا وخارجيا، في ظل انعدام ابسط الخدمات الاساسية في مقدمتها الكهرباء التي تمثل احتياجا اساسيا في ظل ارتفاع درجة الحرارة بمختلف مناطق جنوبي البلاد.
وفي أحدث مستجدات الخدمات الشبه مفقودة، اعلن وزير الكهرباء اليمني قبل ايام، استقبال ميناء عدن أولى دفعات منحة المشتقات النفطية المقدمة من السعودية، والمقدرة بـ (422) مليون دولار امريكي، إلا ان ذلك لم يغير ذلك شيئا أمام استمرار انقطاعات التيار الكهربائي في عدن والمحافظات المجاورة لها، في ظل ارتفاع درجة الحرارة ومضاعفة معاناة المواطنين.
يقول سكّان محليون لوكالة “خبر”، استبشرنا خيرا مع اعلان الاشقاء في المملكة تقديم المنحة المخصصة لمحطات توليد الطاقة في عدن والمحافظات المجاورة لها، وتوقعنا ان يكن فصل الصيف لهذا العام أقل معاناة، إلا انه مرَّ أكثر (9) أيام على وصول اولى دفعات المنحة دون ان يتغير في ذلك شيئا باستثناء تضاعف المعاناة حد خروج المنظومة كليا عشية عيد الفطر لقرابة 24 ساعة.
وكانت مصادر في محطة الحسوة قد ارجعت ذلك الخروج إلى خلل فني بالغلاية رقم (5)، في حين اتهم السكَّان وزارة الكهرباء بالفساد، واستخدام مبررات الاعطال ونفاذ مادة الوقود لغرض النهب المنظم.
واستشهد السكان على ذلك الفساد من خلال، استمرار انقطاع التيار بعد اصلاح عطل “محطة الحسوة”، حيث تصل ساعات الانقطاع إلى 6 ساعات مقابل ساعتين توليد، أي ما يعادل 6 ساعات توليد كل 24 ساعة بنسبة تقارب 33 بالمئة. مؤكدين “ذلك يكشف حقيقة وجود فساد ينخر جسد الوزارة والمؤسسة”.
من جانبهم، علّق ناشطون يمنيون في مواقع التواصل الاجتماعي، على استمرار الانقطاع بالقول: “لن يتحسن وضع الكهرباء ولن تسلم السعودية من الخسارة”. مضيفين “لو انها -اي السعودية- وفّرت منظومات طاقات شمسية بذلك المبلغ الكبير لغطَّت احتياج المحافظات المستهدفة من المنحة”.
بالتزامن مع استمرار إرتفاع ساعات الانقطاع ودرجة الحرارة ومضاعفة معاناة المواطنين في مقدمتهم المرضى والنساء والاطفال وكبار السن، أكد السكَّان “ستذهب المنحة السعودية ادراج الفاسدين في وزارة ومؤسسة الكهرباء في ظل غياب الرقابة المباشرة من الاشقاء المانحين”.
ومؤخرا، اعلنت السعودية عبر البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، تقديم منحة للشعب اليمني مخصصة لتشغيل أكثر من 80 محطة توليد، بقيمة 422 مليون دولار أمريكي، بكميات قُدّر إجماليها 909,591 طنا متريا من الديزل، و 351,304 طنا متريا من المازوت.
واعلنت وزارة الكهرباء في البلاد، السبت 8 مايو/ ايار الجاري، استقبال ميناء عدن أولى دفعات المنحة إلا ان ذلك لم يغير في الواقع شيئا بحسب تأكيدات سكان محليون، موجهين اتهاماتهم المباشرة لحكومة بلادهم بالفساد.
ودائع ومساعدات
يأتي ذلك التشاؤم قرينا لوقائع مشهودة ومعاناة تتضاعف يوميا، خصوصا بعد توغل الفساد في مفاصل الحكومة الشرعية بمختلف قطاعاتها، وتبددت مليارات دولارات عشرات المنح والودائع والمساعدات التي تم ضخها -سابقا- إلى أهم قطاع مصرفي في البلاد “البنك المركزي اليمني”، دون ان يشفع ذلك للعملة الوطنية من استمرار الانهيار “بعد ان بلغ قيمة الدولار الامريكي الواحد 900 ريال يمني”، بعد ان كانت قيمته في الربع الاول من العام 2020م لا تتجاوز (550) ريالا، وسط تحذيرات اقتصادية مستمرة من خطر يحدّق به نتيجة الفساد المتوغل في البنك نفسه، ولكن تلك التحذيرات لم تلق اذنا صاغية من فاسدي البنك ليشهد اكبر عملية انهيار خلال الخمسة الاعوام الاخيرة مقتربا من حاجز الـ (1000) ريال لاكثر من مرة، وسط تعافي طفيف لم يدم سوى ايام وعودة متجددة إلى محيط (900) ريال.
أين تذهب ملايين الدولارات المقدمة منح ومساعدات لليمنيين..؟!،..
بينما يثير ذلك التساؤل الكثير من الشكوك، في ظل استمرار تردي معظم الخدمات الاساسية وانعدام اخرى امام حجم المساعدات المباشرة والغير مباشرة، قطع دابر ذلك الشك تأكيدات خبراء اقتصاديون تحدثوا لـ”خبر”، أن ذلك يعود إلى “نافذين في الحكومة” تحولوا إلى “مستثمرين واصحاب عقارات في الداخل والخارج، قاموا مرات عدّة وبطرق احتيالية بتجيير القانون لصالحهم وكبار المستثمرين في البلاد، والاستحواذ على نسب كبيرة بعضها تجاوز 50 بالمئة من تلك المساعدات والمنح”.
التقارير الدولية قبل التقديرات الاقتصادية تطابقت مع ذلك وكشفت عن تورط الحكومة والبنك المركزي على حد سوى، بأبشع جرائم الفساد، وغسيل الاموال بشراكة كبريات الشركات المحلية في البلاد.
الحكومة الشرعية، تحاول مرارا الهروب من المسؤولية والتبرير لفساد مسؤوليها، بحسب خبراء الاقتصاد، من خلال إرجاع اسباب انعدام الخدمات وانهيار العملة، إلى التزامات الدولة تجاه مرتبات الموظفين العسكريين والمدنيين، في ظل شحة الايرادات، متجاهلين مليارات الدولارات التي تم ضخها على مراحل متفاوتة سواء مساعدات او منح او مرتبات تكفل بها الاشقاء في السعودية تبددت، علاوة على ذلك ايرادات النفط والغاز في مأرب وغيرها من القطاعات النفطية المصدرة مع مراعاة تلك التي توقف التصدير فيها لما تعاني من صراعات تسببت بتعطيلها، فضلا عن عائدات الضرائب والجمارك التي تواجه جميعها منظومة فساد وجهت طعنة قاتلة في خاصرة الاقتصاد الوطني.
هروب حكومي
هروب الحكومة من الاقرار بالفشل، وعدم الايفاء بالتزاماتها تجاه مواطنيها لم يكن وليد اللحظة، وسبق لها ان خذلتهم مرارا، حين فشلت في تحرير العاصمة صنعاء طيلة سبع سنوات من الحرب، وتنصلها عن تسليم مرتبات الموظفين الواقعين في مناطق سيطرة الحوثيين بصفتها الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا، وحسم قضية المرتبات مع المليشيا الحوثية باعتبارها المسيطرة على موارد مناطق سيطرتها من جمارك وضرائب الشركات والافراد، وفوارق اسعار الوقود والغاز وغيره، فضلا عن ذلك خذلان -الحكومة- لرعاياها في تلك المناطق باستمرار خسائرها ميدانيا بعد ان ظلوا يترقبوا اقترابها من اسوار صنعاء.
الحكومة لم تفي بأي من وعودها لرعاياها، ففي حين فشلت في تحرير البلاد ككل وانقاذ رقاب المواطنين من صلف المليشيا، اخفقت في اتفاق الاردن الذي اشرف عليه المبعوث الاممي مارتن غريفيث “قبل ثلاثة اعوام” وقضي بتوريد الحوثيين ايرادات جمارك ميناء الحديدة الى حساب خاص في البنك المركزي بالحديدة، والالتزام بصرف مرتبات الموظفين بمناطق الحوثيين شهريا، بالتزامن فشلت في اخراج اتفاق السويد الى بر الامان وتحرير موانئ الحديدة التي كانت القوات المشتركة المدعومة من التحالف العربي على بعد مرمى حجر منها، واستكمال تحرير المحافظة وغيرها من المحافظات المجاورة لها في جبهة الساحل الغربي، وهو ذات الفشل الذي احرزته في جبهة شرقي صنعاء “مأرب والجوف”، ومثلها جبهة جنوب البلاد “الضالع وإب”، وغيرها.
اخفاقات الحكومة اقتصاديا وسياسيا وعسكريا وتنمويا طيلة سبع سنوات، جاءت مخيبة لآمال ملايين اليمنيين، ومثلما أعدّت مليشيا الحوثي المدعومة إيرانيا تهمة “التخوين والتخابر والعمالة للعدوان”- حد تسميتها-، للجناح النافذ في الحكومة الشرعية وابمتحكم بمفاصل قراراتها تُهم معدَّة سلفا، تتشابه إلى حد كبير مع التهم الحوثية من جانب التخوين والتُهم التخابرية، وهي سجية الجماعات والعصابات التي تجد في حكومة المؤسسات نهاية لمشاريعها الفردية والحزبية ذات الولاءات الخارجية.
نقلا عن وكالة خبر