شباب الدليفري.. “جيش بلا لقب” في معركة كورونا
ثمّة جيش في الخطوط الأولى لمعركة «كورونا»، لم يمنحه أحد لقباً أو يسبغ عليه لوناً كما أسبغ على الفرق الطبية لقب «الجيش الأبيض».
إنه جيش عمّال التوصيل الذي لعب دوراً هاماً في المعركة ضد الفيروس، في ظل بقاء الناس في منازلهم وتزايد عدد الطلبات عبر الإنترنت بأضعاف عما كانت قبل الوباء.
في مارس الماضي، كان الوباء ينتشر على نحو طفيف في العالم، لكنه كان حينها يجتاح الصين.
تشن كاي، عامل التوصيل في مدينة نانجينغ التابعة لمقاطعة جيانغسو شرقي البلاد، كان واحداً من هؤلاء الذين لم يكونوا يسلّمون الطعام والمنتجات للعملاء فحسب، بل يقدّمون الحب والأمل أيضاً، كما كتبت شبكة الصين الإخبارية.
تشن عمل في هذا القطاع أربع سنوات، وقال إنه يشعر أن وظيفته ذات مغزى كبير، حيث يمكن أن تقلل من المخاطر الناجمة عن خروج الناس لتناول الطعام أو شراء الضروريات اليومية.
ولضمان السلامة، كان تشن وزملاؤه يقومون بقياس درجة حرارة الجسم، وارتداء الأقنعة وتطهير صناديق التوصيل قبل بدء العمل كل يوم.
وأعدت بعض الشركات بطاقات السلامة التي تكتب عليها أسماء المُعد والبائع وعامل التوصيل ودرجات حرارة أجسامهم على كل منتج.
وقال تشن إنه مع استئناف العديد من الشركات العمل، تزايدت الحركة على الشوارع وكذلك الطلبات يوماً بعد يوم.
بقي عدد ضخم من الصينيين في المنازل بسبب انتشار الوباء، في حين ألقى سائقو خدمة التوصيل السريع أنفسهم في الخطر لضمان الحياة الطبيعية للآخرين.
غلاف «تايم»
مجلة «تايم» الأمريكية تنبّهت لدور هذا الجيش، وأصدرت في 19 مارس الماضي ست صور شخصية على غلافها لتحكي الحياة اليومية للأشخاص العاديين في مختلف البلدان وسط تفشي الفيروس.
وحسب «صحيفة الشعب اليومية» الصينية أونلاين، أصبح عامل خدمة التوصيل السريع الصيني قاو تشي شياو الوجه الصيني الوحيد الذي تم اختياره في «تايم» التي أشادت بـ «الإحساس بالرسالة» لدى هؤلاء عمّال التوصيل، قائلة: «كانت العائلات ستعاني من الجوع، ولا يمكن للمرضى الحصول على لوازم البقاء على قيد الحياة لولا هؤلاء العمال في خدمة التوصيل».
شياو ثابر كعامل خدمة توصيل سريع للسنة الخامسة في بكين، طيلة تفشي الوباء، حيث كان يتعين عليه أيضاً تلقي اختبار صحي كل صباح ويستغرق 20 دقيقة لتعقيم دراجته النارية وملابسه لتجنب عدوى الفيروس أثناء رحلته، ومع ذلك، فإنه كان يواجه المخاطر الصحية كل يوم.
وكان يسير أكثر من مائة كيلومتر على الدراجة النارية يومياً خلال الوباء للتوصيل من 40 إلى 70 طرداً.
كما أرسل ذات مرة شاحن هاتف محمول إلى مريض مصاب بـ «كورونا» تم عزله في المستشفى.
وقال قاو: «لم أجرؤ على ذلك في البداية، ولكن فكرت في أن المريض وحيد وسيمل من دون ترفيه، فجمعت شجاعتي وذهبت إلى المستشفى».
ونقلت «تايم» عن عامل توصيل صيني آخر واسمه غاو قوله «لا يمكن أن نبقى بعيدين عن الزبائن طوال الوقت، فقد أوصلت طلباً لامرأة مسنة مصابة بداء السكري. قمت بأخذ وصفتها إلى المستشفى ثم عدت والدواء معي لأوصله إليها».
ويضيف غاو إنه مكث لبعض الوقت يتحدث مع السيدة، موضّحاً «لأنني أعرف ما معنى أن يكون المسن وحيداً»، حيث قام بعد ذلك بإعداد الطعام لها.
ويذكر تقرير «تايم» أن راتب عمال التوصيل ليس مرتفعاً، وهم معرضون للغرامة إذا اشتكوا، ولكن اندلاع الوباء رفع مكانتهم في ذهن الجماهير باستمرار، واكتسبوا المزيد من الاحترام.
همزة وصل
وحين وصل الوباء إلى المغرب فرضت المملكة حالة الطوارئ الصحية، ولزم المغاربة بيوتهم امتثالاً لتعليمات التباعد الاجتماعي، ولجأت العديد من الأسر للمواقع الإلكترونية وتطبيقاتها للحصول على المنتجات الضرورية لتجنب المخاطرة بالخروج إلى الشارع، وبات عمال التوصيل المنزلي يضطلعون بدور همزة الوصل الوحيدة، بين المنتجين والمستهلكين، كما كتب موقع «موروكو نيوز» المغربي، ونقل عن منير، وهو عامل توصيل منزلي، قوله إنه يقوم بعمل محفوف بالمخاطر.
ويضيف «كانت مخاوفي في السابق تقتصر على مجاراة عقارب الساعة لتوصيل الوجبات في أقل من 30 دقيقة.
أما الآن فالخوف الأكبر من التقاط العدوى بفعل التنقل والتعامل اليومي مع الزبائن والاختلاط في المراكز التجارية».
الزبائن بلا شك خائفون، لكن الخوف حالة إنسانية لا يستثنى منها عمال التوصيل. يقول منير «أنا خائف كذلك.
لديّ زوجة تنتظرني في البيت، وطفلة لم تبلغ ربيعها الأول. ولكن هكذا هي طبيعة عملي. ما من خيار آخر أمامي».
محرّك غوغل
محرك البحث العالمي «غوغل» بدوره ثمن جهود عمال توصيل الطلبات للمنازل، الذين اعتبرهم المحرك من أهم الجنود لمواجهة فيروس «كورونا» في كل بلاد العالم.
ووفقاً لموقع «صدى البلد» الإلكتروني، فقد غير المحرك، في 15 أبريل، آخر حرفين في اسمه «google» لتتحول إلى سيارة نقل في إشارة واضحة للجهود المبذولة من هؤلاء الأشخاص في حماية البشر من الخروج من المنزل، وتعرض حياتهم لخطر الإصابة بالفيروس.
واعتاد المحرك أن يتفاعل مع المناسبات المختلفة لدول العالم من خلال تغييرات في شكل كلمة «غوغل» ليعبر عن شكر لفئة معينة أو توعية أو احتفال بشخصية بارزة أو ذكرى مهمة في تاريخ البشرية.