رمضان في اليمن.. أوضاع مأساوية عنوانها الحرب والفقر والمرض
رمضان يحل على اليمنيين وهم يعيشون ويلات الحرب التي أشعلتها ميليشيا الحوثي الإرهابية، ويضاف هذا العام أزمة وباء كورونا الذي بدأ في الانتشار وحصد أرواح المواطنين، ورغم كل ذلك الظروف الصعبة يأملون في غدٍ أفضل.
اختفت مظاهر الفرح باستقبال شهر رمضان من شوارعها، وسحقت الأوضاع المتدهورة الطبقة الوسطى وذوي الدخل المحدود ليصبحوا فقراء ومحتاجين.
أوضاع مأساوية
سالم محمد وهو أحد النازحين في مخيم البيرين شمال غرب تعز يقول لصحيفة «البيان» إن قدوم شهر رمضان يكون مصدراً للفرح والسعادة موضحاً أنه يعيش في خيمة دون أهل أو جيران، يقاومون الجوع والعطش في خيمهم التي لا تقيهم الأمطار ولا تحميهم من حرارة الشمس.
ويقول أحمد علي: «شُردنا من منازلنا من قبل الحوثيين ونعيش حالة مأساوية في المخيمات، ولا تتوفر لنا لقمة العيش، ومع موسم الأمطار تمزقت خيامنا وأصبحنا نفترش الأرض ونلتحف السماء»، وتمنى أحمد علي أن يكون رمضان شهراً للفرج من المعاناة والهموم الذي يعيشها مع أسرته وأن يعودوا إلى حياتهم الطبيعية في منزلة مع أقربائه وجيرانه لتعود لهم الأيام الآمنة التي كانوا يعيشونها.
أما مُعلّم في مدرسة ثانوية بصنعاء، لن يستطيع أن يشتري التمر لعائلته في رمضان هذا العام، وأمثاله عائلات كثيرة؛ لِأنّ سعر التمر لم يعد بمقدور نسبة كبيرة من اليمنيين الذين أنهكتهم الحرب، ونتيجة لذلك يفطر هو وعائلته على “سمبوسة”.
سعر كيلو التمر في اليمن وصل سعره إلى نحو 1500، وبعضه إلى 2000 ريال، ونحن ظروفنا صعبة، وبالكاد نعيش، ولهذا استغنينا عن التمر منذ العام الماضي»، يقول محمود، وهو يعمل في وزارة التربية والتعليم منذ 28 سنة، مؤكدًا «أنّ الحرب قد عوّدت اليمنيين على الاستغناء عن أشياء كثيرة كانوا يعتقدون أنهم لن يستطيعوا العيش بدونها، وإذا بهم يتركونها؛ لأنهم لا يستطيعون شراءها».
طارق ابن محمود، عمره 12 سنة، صار يعمل منذ بدء الإجازة الصيفية في سوبر ماركت، مقابل 30 ألف ريال في الشهر.
و يوضّح محمود في حديث لأحد وسائل الإعلام: «لم يكن أمامي خيار؛ فصاحب السوبر ماركت عرَض هذا العمل ليساعدني، وابني وافق، ومن خلال ما يحصل عليه ابني، وما أحصل عليه أنا من نصف راتب كلّ شهرين، وما أحصل عليه من عمل في مكتب أحد الأصدقاء صرنا نعيش».
في السوبر ماركت يعمل طارق لساعات طويلة، وهو يجدُ أمامه كميات من التمر معروضة للبيع، بينما هو غير قادر على شراء أيّ منه؛ لأن ثمة احتياجات ضرورية ترى عائلته أنها أهم كالقمح والزيت والسكر وغيرها من متطلبات المعيشة.
تراجع نسبة الشراء
أبو محمد صاحب السوبر ماركت، الذي يعمل فيه طارق، تحدّث عن تراجع مبيعات التمر سنويًّا: «ففي كل رمضان منذ بدء الحرب تتراجع مبيعات التمر لتكون أقل من السنة الماضية، لدرجة أنه يبقى لدينا من التمر إلى ما بعد رمضان، على الرغم من أننا صرنا – سنويًّا – نشتري كمية أقلّ مما اشتريناه في السنة الماضية».
ويُشيرُ إلى أنّ الكثير من الزبائن الذين كانوا يشترون التمر واحتياجات رمضان لم يعد يفعلون ذلك، بل صاروا يشترون احتياجات يومية، وكأنهم في أيام عادية؛ بسبب توقف صرف الرواتب وارتفاع الأسعار.
وبقدر ما تعكس محلات السوبر ماركت ما آلت إليه علاقة الناس بالإنفاق، تعكس أيضًا ما صار إليه الوضع الإنساني للمجتمع؛ فظهرت ظواهر جديدة للتسول، ومن أبرزها ما يصادفك في بعض محلات السوبر ماركت.
فبمجرد دخول السوبر ماركت، وبينما أنت تأخذ حاجتك من أيّ رِف؛ إذا بصوتٍ خفيض خلفك يناديك بضعف، وعندما تلتفتُ تجدها امرأة تطلبُ منك أن تشتري لها علبة زبادي أو كيس خبز… فهؤلاء لا يريدون مالاً، هُم، فقط، يريدون ما يسدّون به رمق جوعهم، وربما اعتادوا على ذلك؛ لأنهم لم يجدوا حلاً لإنقاذهم من الجوع في ظل كثرة المتسولين.
الجوع حالة يمنية
الجوع أصبح حالة يمنيّة تتضخم كلّ يوم، وهو ما يُمكن قراءته في مَن تجدهم يفقدون وعيهم على الرصيف، فيلتف حولهم الناس ليكتشفوا أنهم جوعى، ويكونون أحيانًا رجالًا أو نساءً أو أطفالًا.
قصص كثيرة يرويها لك الرصيف عن معاناة الناس الناجمة عن الحرب والحصار الذي تفرضه الشقيقة الكبرى (السعودية) على اليمن، في سياق حرب عدوانية أدت إلى تدمير الكثير من مقدرات البلاد الفقير.
وتبرز هذه القصص كثيرًا في رمضان لخصوصية هذا الشهر، وما يُمثّله في حياة اليمنيين الذين اعتادوا فيه التيسير على أنفسهم مع ممارسة طقوسهم الإيمانية وتقاليدهم المتوارثة، لكن الظروف الناجمة عن الحرب والحصار أدت إلى تغيير الكثير من أحواله، وعلى الرغم من ذلك تجدهم يبدون حريصين على عيش أجواء هذا الشهر الفضيل، ولو بالقليل.
تقليص المساعدات
كان أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، الأربعاء 29 إبريل 2020/ 6 رمضان، تقليص المساعدات في المناطق الخاضعة لسيطرة ميليشيات الحوثي الانقلابية، إلى النصف.
وقال البرنامج في بيان، إن عملياته تواجه نقصًا حادًا في التمويل إثر العمل في بيئة بالغة الصعوبة في المناطق الخاضعة لسيطرة السلطات في صنعاء (الحوثيين).
وأضاف: لم يعد أمام البرنامج في الوقت الراهن خيار آخر سوى تقليص المساعدات الغذائية إلى النصف لتفادي توقف المساعدات بشكل كامل في المستقبل.
وأوضح البيان أن هذا الأمر يتيح الحفاظ على شبكة أمان للأسر الأكثر احتياجًا في اليمن لأطول فترة ممكنة والتي تعتمد على المساعدات الغذائية المقدمة من برنامج الأغذية العالمي.
وأكد أن ذلك سيبدأ من أواخر شهر إبريل الجاري، وستحصل الأسر على مساعدات غذائية على أشهر متناوبة بدلاً من المساعدات الشهرية.
وبحسب البيان، فإن المحافظات يجري تقسيمها إلى مجموعتين: المجموعة الأولى منها ستشمل محافظات البيضاء والمحويت وعمران والحديدة وإب وريمة وصنعاء وصعدة.
وأضاف أن المجموعة الثانية تشمل محافظات الضالع والجوف وذمار وحجة ومأرب وأمانة العاصمة وتعز.
وأشار إلى أن العمل سيجري بالتناوب بين المجموعتين أعلاه وذلك إلى حين الحصول على تمويل إضافي يتمكن من خلاله البرنامج استئناف عملياته بشكل كامل.