عراقيل حوثية جديدة أمام «الغذاء العالمي»
أفادت مصادر إغاثية يمنية في محافظة حجة اليمنية (شمال غربي) بأن الميليشيات الحوثية احتجزت كميات كبيرة من المساعدات المقدمة من قبل برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة وحالت دون توزيعها على الفئات المحتاجة تمهيدا للسطو عليها.
وذكرت المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط» أن عناصر في الجماعة الحوثية هددوا القائمين على برنامج الغذاء الدولي بإتلاف 175 طنا من القمح الأممي بمزاعم أنها غير صالحة للاستخدام الآدمي وفرضوا حراسا على المخازن الضخمة للبرنامج في مديرية عبس، حيث يقع أكبر تجمع سكاني في محافظة حجة للأسر النازحة والمحتاجة للمساعدات.
ومع تصاعد الخلاف بين الجماعة الحوثية وبرنامج الأغذية وإخفاق المساعي الأممية في تنفيذ البرنامج التجريبي لصرف المساعدات الغذائية نقدا في صنعاء، زعمت الميليشيات في محافظة حجة أنها «ضبطت ست شاحنات تابعة لبرنامج الأغذية العالمي في مديرية عبس، على متنها ثلاثة آلاف و300 كيس طحين غير صالح للاستهلاك الآدمي».
وترجح مصادر يمنية أن الهجمة الشرسة للميليشيات الحوثية ضد الوكالات الأممية ومنظمات الإغاثة الدولية، تصاعدت مؤخرا على إثر الهجوم الذي شنه زعيم الجماعة على هذه المنظمات في خطبه الأخيرة ودعوته إلى عدم الاعتماد على المساعدات الدولية لزعمه أنها «محدودة وتخدم أجندات سياسية».
ونقلت المصادر الرسمية للجماعة عن القيادي الحوثي المنتمي إلى السلالة الحوثية في محافظة حجة، علان فضائل، والمعين من قبل الجماعة مسؤولا عن إدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية في المحافظة، أن عناصر الميليشيات في مديرية عبس قاموا في 11 مارس (آذار) الماضي بإيقاف ناقلة و21 شاحنة تحمل مساعدات غذائية تابعة لبرنامج الأغذية أمام مخزن التاج بمديرية عبس.
وزعم القيادي الحوثي المتهم من قبل سكان المحافظة بالسطو المتكرر على المساعدات الإنسانية أن جماعته اكتشفت أن ست شاحنات من الكمية غير صالحة للاستخدام الآدمي، غير أن مصادر إغاثية في المديرية اتهمت عناصر الميليشيات بأنهم يحاولون السطو على الكمية ويحولون دون توزيعها.
وفي حين قال القيادي الحوثي إن «البرنامج اعترض على قرار جماعته ولوح بتعليق المساعدات في حال تم إتلاف الكمية، زعم أن الميليشيات ستبقي الشحنة في المكان الذي احتجزت فيه إلى أن يتم النظر بشأنها».
وتعيد الحادثة الجديدة إلى الأذهان ما كان أكده برنامج الغذاء العالمي في بيان رسمي عن قيام الجماعة الحوثية بالسطو على نحو 127 طنا من الأغذية التابعة له في مديرية أسلم المجاورة في محافظة حجة نفسها في يناير (كانون الثاني) الماضي.
وكانت الجماعة في محافظة تعز أقدمت مؤخرا على احتجاز 160 طنا من القمح الأممي وقامت بإحراقه تحت ذريعة أن الكمية تالفة وغير صالحة للاستهلاك الآدمي، وهو ما نددت به الحكومة الشرعية في بيان رسمي.
وتخوض الوكالات الأممية وبخاصة برنامج الغذاء العالمي صراعا مستمرا مع قيادة الميليشيات الحوثية من أجل الاستمرار في توزيع المساعدات على الفئات الأكثر فقرا والتوقف عن إعاقة وصول العمل الإنساني أو السطو على المساعدات وتأخير توزيعها.
وخلال فبراير (شباط) الماضي قال برنامج الغذاء العالمي إنه قام بإيصال المساعدات الغذائية المنقذة للأرواح إلى 12.4 مليون من اليمنيين في شتى المناطق اليمنية.
وفي حين تتزايد مخاوف المانحين من ذهاب جانب ضخم من المساعدات إلى جيوب قادة الميليشيات الحوثية وأعوانهم، كانت تقارير غربية اتهمت موظفين أمميين بالفساد والتواطؤ مع الميليشيات، كما كشفت عن تحقيقات داخلية تجريها الأمم المتحدة في هذا الجانب.
وجددت الحكومة اليمنية في أحدث تصريحاتها دعوتها لمراجعة أداء الوكالات الأممية الإنسانية العاملة في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية على خلفية التقارير الغربية الأخيرة حول قيام الجماعة بإعاقة العمل الإنساني وابتزاز المنظمات وتحويل شق كبير من المساعدات لمصلحة مجهودها الحربي.
وأشارت التصريحات الحكومية إلى أن 30 في المائة من المساعدات الإنسانية تذهب لتمويل المجهود الحربي للميليشيات الحوثية، واستغلالها في التصعيد العسكري والحشد لجبهات القتال، بدلاً من تخصيصها لإعانة ملايين اليمنيين الذين يتضورون جوعاً ويفتقدون الرعاية الصحية والخدمات الأساسية في مناطق سيطرة الجماعة.
وفي حين تتخوف الأمم المتحدة من توقف نحو 30 برنامجا إغاثيا في اليمن ابتداء من هذا الشهر بسبب نقص التمويل، يقول عاملون يمنيون في برنامج الإغاثة إن الميليشيات الحوثية عادة ما تقدم على احتجاز كميات الغذاء لفترات طويلة أو تقوم بمنع توزيعها من المخازن ما يجعلها عرضة للتلف.
وكانت الولايات المتحدة أعلنت مؤخرا وقف مساعداتها الإنسانية في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية، ابتداء من نهاية مارس (آذار) الماضي بسبب فساد الجماعة وعراقيلها أمام الوصول الإنساني.
من جهته، كان مدير شعبة التنسيق لدى مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، راميش راجاسينغام، قال في كلمته أمام مجلس الأمن الدولي، في جلسته الأخيرة بشأن اليمن، إن أكثر من 30 برنامجاً، ستتوقف في أبريل (نيسان)، إذا لم يتم الحصول على تمويل.
واتهمت الحكومة اليمنية الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بنهب ما يقارب 900 قافلة إغاثية، خلال الفترة الماضية، قالت إنها كانت في طريقها لإغاثة المواطنين في مناطق مختلفة.
وشهد الشهر الماضي في صنعاء اجتماعات مكثفة بين ممثلي المنظمات الأممية والإنسانية وقيادات الجماعة الحوثية أملا في أن تخفف الجماعة من القيود التي فرضتها على أنشطة المنظمات.
واشترطت الجماعة الحوثية، على المنظمات الحصول على موافقة مسبقة من قادة الجماعة على جميع المشاريع الإغاثية التي تعتزم تنفيذها في مناطق سيطرة الميليشيات وتحديد السقف الزمني للتنفيذ، إضافة إلى القبول برقابة الجماعة على تنفيذ المشاريع. وفق ما ذكره لـ«الشرق الأوسط» عاملون في المجال الإنساني.
ورغم إعلان الجماعة أن برنامج الغذاء العالمي سيبدأ في صرف المساعدات النقدية في صنعاء في مارس الماضي، فإن عراقيل أخرى فرضتها الجماعة أدت إلى عرقلة إنجاز المشروع التجريبي.
وقال البرنامج في بيان سابق إنه «لا يمكن إطلاق المرحلة التجريبية إلا بعد حل القضايا العالقة» كما أوضح أنه «سيبدأ تقديم المساعدات النقدية إلى الأسر المستحقة عند توفر آلية التحقق البيومتري (نظام البصمة) لضمان وصول المساعدات النقدية للأسر المستحقة».
وكانت مصادر في الحكومة الشرعية وتقارير أممية اتهمت الجماعة بأنها تفرض على وكالات الإغاثة والمنظمات دفع اثنين في المائة من قيمة مشاريعها في مناطق سيطرتها، دون أن تلقي بالا لتبعات ذلك على ملايين السكان الذين يتضورون جوعا، غير أن الجماعة زعمت أنها تراجعت عن هذا القرار.
وفي مسعى تبريري للقيود التي فرضتها الجماعة الحوثية على المنظمات الإنسانية ووكالات الأمم المتحدة العاملة في مناطق سيطرة الميليشيات، كالت الجماعة الشهر الماضي تهما بـ«الفساد» و«الابتزاز» لهذه المنظمات، زاعمة أنها تجاوزت المعايير المفروضة.
المصدر: الشرق الأوسط