الحوثي يحوّل الجامعات إلى معسكرات طائفية.. استهداف التعليم في زبيد وصنعاء تحت التهديد

كشفت مصادر أكاديمية في محافظة الحديدة عن انتهاك خطير جديد ترتكبه مليشيا الحوثي الإرهابية بحق قطاع التعليم العالي، بعد إجبار طلاب كلية التربية في مدينة زبيد على حضور دورات طائفية قسرية، تحت التهديد بحرمانهم من دخول الامتحانات، في سلوك يؤكد مضي المليشيا في تدمير ما تبقى من حيادية العملية التعليمية.

وأوضحت المصادر أن شخصًا منتحلًا صفة عميد كلية التربية في زبيد، يُدعى علي مصلح، قام بإلزام الطلاب بالاحتشاد الإجباري لحضور هذه الدورات، التي يشرف عليها مسؤول الحشد الحوثي أحمد البشري، ملوحًا باتخاذ إجراءات عقابية بحق كل من يتخلف عن الحضور، في مخالفة صارخة للقوانين الأكاديمية والأعراف الجامعية.

وبحسب المصادر، فإن العميد الرسمي للكلية تبرأ من هذه الممارسات، مؤكدًا أنها نُفذت بتوجيهات مباشرة من منتحل صفة رئيس الجامعة المعين من قبل المليشيا، ما يكشف حجم العبث الذي طال البنية الإدارية للتعليم العالي، وتحويل المناصب الأكاديمية إلى أدوات تنفيذ أمنية وطائفية.

وأكدت المصادر أن قيادات حوثية من محافظات صعدة والبيضاء والحديدة شاركت في إدارة هذه الدورات، التي لا تمت بصلة للعملية التعليمية، بل تُستخدم كوسيلة ضغط نفسي وفكري على الطلاب، في إطار مشروع حوثي يهدف إلى إخضاع الجامعات لأجندة التعبئة والحشد، وتحويل قاعات الدرس إلى منصات لغسل العقول.

وفي سياق متصل، أفادت مصادر طلابية بأن مليشيا الحوثي تنفذ برنامجًا مماثلًا داخل جامعة صنعاء، شمل أكثر من ألف طالب من كلية المجتمع، إلى جانب عدد من أعضاء هيئة التدريس والموظفين، بإشراف مباشر من جهات تابعة لما تسمى وزارة التربية والتعليم والبحث العلمي الخاضعة للمليشيا.

وأوضحت المصادر أن المشاركين يُجبرون على الخضوع لأنشطة ذات طابع عسكري، تشمل تدريبات على التعامل مع الأسلحة، إلى جانب محاضرات طائفية وسُلالية، تحت مسمى “التأهيل لمواجهة الأعداء”، في تصعيد غير مسبوق ينسف الدور الأكاديمي للجامعة، ويحوّلها إلى معسكر تعبئة مفتوح.

خطورة ما يجري
ويقول مختصون، إن ما يحدث في زبيد وصنعاء لا يمثل انتهاكًا إداريًا عابرًا، بل جريمة ممنهجة تستهدف هوية التعليم اليمني ومستقبل أجياله، عبر تحويل الجامعات من فضاءات للمعرفة إلى أدوات حرب، وتطبيع العسكرة والطائفية داخل الحرم الجامعي.

وتكمن الخطورة في أن هذه الممارسات تُشرعن التجنيد الفكري والعسكري للطلاب، وتزرع ثقافة العنف بدل العلم، وتدفع بالمؤسسات الأكاديمية إلى مربع الصراع، بعد أن كانت أحد آخر المساحات المدنية في البلاد، وفقًا للمحللين.

ويرى مختصون تربويون أن استغلال الطلاب نفسيًا، وربط مستقبلهم الأكاديمي بالولاء الأيديولوجي، يشكل جريمة بحق المجتمع بأكمله، ويقود إلى إنتاج أجيال مسيّسة بالقوة، فاقدة للمهارات والمعايير العلمية، وهو ما يهدد الأمن الاجتماعي والوطني على المدى البعيد.

وأمام هذا التصعيد الخطير، يصبح الصمت تواطؤًا، ويغدو الدفاع عن التعليم واجبًا وطنيًا لا يقل أهمية عن الدفاع عن الأرض.

ويؤكد مراقبون أن على اليمنيين، طلابًا وأكاديميين وأسرًا، توثيق هذه الانتهاكات ورفضها بكل الوسائل المشروعة، وعدم الانجرار خلف محاولات الابتزاز التي تمارسها المليشيا.

كما تقع على عاتق الحكومة اليمنية مسؤولية عاجلة في تدويل هذه الجرائم، ورفعها إلى المنظمات الأممية المختصة، واعتبار ما يجري في الجامعات مناطق سيطرة الحوثي جريمة تجنيد قسري وانتهاكًا صارخًا للحق في التعليم.

ويشدد مختصون على ضرورة وضع ملف التعليم ضمن أولويات المواجهة الوطنية، باعتباره خط الدفاع الأخير عن هوية اليمن ومستقبله.

الواجب الوطني اليوم يفرض حماية العقول قبل السلاح، وإنقاذ الجامعات قبل سقوطها الكامل، لأن المعركة التي يخوضها الحوثي داخل قاعات الدراسة أخطر من أي جبهة عسكرية، كونها تستهدف الإنسان اليمني في وعيه ومستقبله، وفقًا للمختصين.

زر الذهاب إلى الأعلى