تناغم غير مسبوق بين القيادات العسكرية… معركة تحرير صنعاء تقترب

تشهد الساحة اليمنية تحولاً لافتًا في الخطاب السياسي والعسكري لعدد من أبرز القادة، في مقدمتهم طارق محمد عبدالله صالح، وسلطان العرادة، وعيدروس الزبيدي، الذين أطلقوا رسائل موحدة غير مسبوقة تؤكد أن معركة استعادة صنعاء باتت أقرب من أي وقت مضى، وأن إعادة ترتيب الجبهة الوطنية باتت أولوية لا تقبل التأجيل.
ففي الوقت الذي شدد فيه سلطان العرادة على ضرورة “إنهاء حالة التراخي وتحريك جبهات القتال في كل الاتجاهات لاستعادة الدولة ومؤسساتها”، أكد طارق صالح أن المرحلة الحالية مخصصة لإعادة “ترتيب مسرح العمليات العسكرية” من الساحل الغربي حتى عمق المحافظات اليمنية الشمالية، بما يقطع آخر شرايين الإمداد التي يعتمد عليها الحوثيون منذ سنوات.
وتقاطع هذا التوجه مع تصريحات قوية أدلى بها عيدروس الزبيدي، الذي أكد أن تحرير محافظة البيضاء هو المفتاح الحقيقي لتغيير موازين القوى، باعتبارها العقدة المركزية التي تربط مناطق التهريب وخطوط الدعم القادمة للميليشيا من الشرق والغرب.
وأوضح الزبيدي أن تأمين المحافظات الجنوبية يشكل الانطلاقة الضرورية لأي معركة حقيقية لتحرير الشمال، مشيرًا إلى أن “المعارك الجانبية انتهت، والهدف المقبل هو صنعاء… سلماً أو حرباً”.
وخلال تصريحاته، أعلن الزبيدي دعمه الكامل للمقاومة الشعبية في البيضاء، مؤكدًا أن القوات المتمركزة في المحافظات الجنوبية ستظل سندًا للقوى الوطنية في الشمال، وأن “قوات الشمال هي الذخيرة.
وقال: “واجبنا أن نكون إلى جانب أبناء المحافظات الشمالية في معركة استعادة الأرض والكرامة”.
وجدّد التأكيد على الشراكة الاستراتيجية مع التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية، مشددًا على أن ترتيبات الأمن القومي العربي لن تُكتب بمعزل عن الدور الحاسم للقوات اليمنية في المحافظات الجنوبية.
اصطفاف حقيقي
يرى مراقبون أن تقارب الخطاب بين الزبيدي وطارق صالح وسلطان العرادة يمثل أخطر رسالة تصل إلى الحوثيين منذ سنوات، إذ يعكس حالة اصطفاف حقيقي بين القوى القادرة فعليًا على تحريك الجبهات، في لحظة تحوّل إقليمي ودولي يزيد من عزلة الجماعة وتآكل مصادر تمويلها.
ويشير المراقبون إلى أن التركيز المتزامن على البيضاء لم يأتِ عبثًا؛ فالمحافظة تمثل العقدة الجغرافية التي تتحكم بحركة الميليشيا نحو مأرب، وبخطوط التهريب القادمة من شبوة والبيضاء والطرق الصحراوية شرقاً، وإذا ما تم تحريرها، فإن الحوثيين سيفقدون عمقهم الاستراتيجي، وستنكشف صنعاء من ثلاثة محاور رئيسية.
ويؤكد محللون عسكريون أن ما يميز اللحظة الحالية هو أن القوى اليمنية في المحافظات الجنوبية أظهرت جاهزية كبيرة للدخول في معركة استعادة الشمال، وهو ما يخلق لأول مرة، توازناً جديداً يمنع الحوثي من اللعب على ورقة الانقسامات التي اعتمد عليها طيلة عقد من الزمن.
ويذهب مراقبون سياسيون إلى أن الخطاب الأخير للقيادات الثلاث يوجّه رسالة مفادها أن مرحلة إدارة الصراع انتهت، وبدأت مرحلة حسمه، وأن وحدة المسار العسكري بين هذه القوى ستجعل صنعاء أقرب إلى خيار التحرير، سواء عبر الضغط العسكري المباشر أو عبر فرض تسوية لا يستطيع الحوثي تفاديها.
ويعتبر المراقبون، أن الحوثي اليوم هو الأكثر توتراً، لأن خطوط الإمداد التي اعتمد عليها لسنوات تتعرض للإغلاق البطيء والمتدرج، ولأن التحركات العسكرية القادمة من الشرق والساحل الغربي والبيضاء تُرسم في غرفة قرار واحدة لأول مرة.





