تحذيرات من شبكة حوثية لخطف الأطفال للتجنيد والاتجار بأعضائهم في إب

في تطور خطير وغير مسبوق، كشفت مصادر حقوقية موثوقة عن تشكيل مليشيا الحوثي الإرهابية شبكة منظمة من اللجان المتخصصة في خطف الأطفال وتجنيدهم قسراً في محافظة إب، وسط اليمن.
وتأتي هذه الخطوة الإجرامية في إطار تصعيد ممنهج لانتهاكات الجماعة ضد الطفولة اليمنية، مع اتساع نطاق هذه العمليات لتشمل عدة محافظات يمنية.
وبحسب معلومات متطابقة من مصادر متعددة، فإن نجل مؤسس الجماعة الإرهابية، علي حسين بدر الدين الحوثي، يقف وراء إنشاء هذه اللجان التي تعمل بآلية تنظيمية دقيقة وأجهزة استخباراتية متخصصة، في محاولة لتوسيع دائرة السيطرة الأمنية والقمع الممنهج داخل المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيا.
رفض شعبي واستهداف ممنهج
تحتل محافظة إب موقعاً استراتيجياً في خريطة المليشيا الحوثية، إذ تعد من أكثر المحافظات اليمنية كثافة سكانية، ومن أشدها رفضاً ومقاومة للمشروع الحوثي الإيراني، وهو ما دفع المليشيا إلى تكثيف حملاتها القمعية والتجنيدية في المحافظة، في محاولة يائسة لكسر إرادة أهالي إب وإخضاعهم بالقوة.
وأكد مختصون في الشأن اليمني أن اختيار إب كبؤرة أساسية لهذه العمليات الإجرامية لم يأت عبثاً، بل يعكس إدراك المليشيا لحجم المقاومة الشعبية والرفض العارم لمشروعها الطائفي.
ووثقت تقارير حقوقية دولية أن محافظة إب تتصدر قائمة المحافظات اليمنية في معدلات تجنيد الأطفال، حيث بلغ عدد الحالات الموثقة خلال ستة أشهر فقط خمسمائة وخمسين طفلاً، متجاوزة بذلك جميع المحافظات الأخرى.
وحذر مختصون من أن استمرار هذه السياسة الممنهجة يهدد بتدمير جيل كامل من أبناء اليمن، مشيرين إلى أن المليشيا تحول الأطفال إلى وقود لحروبها العبثية، بعد غسل أدمغتهم بالأفكار الطائفية المتطرفة المستوردة من إيران.
شبكة للاتجار بالأعضاء
في تطور مروع يتجاوز حدود التجنيد القسري، كشفت معلومات مؤكدة أن مهام هذه اللجان لا تقتصر على خطف الأطفال وتجنيدهم إجبارياً فحسب، بل تمتد إلى أنشطة إجرامية منظمة تشمل الاتجار بالأطفال المخطوفين واستغلالهم في شبكات تجارة الأعضاء البشرية، وخاصة الكلى والأعضاء الحيوية الأخرى.
يؤكد مختصون في حقوق الإنسان أن هذه المعلومات، رغم خطورتها، تتسق مع نمط عمليات المليشيا الإجرامية وتاريخها الحافل بانتهاكات حقوق الإنسان.
ويشير الحقوقيون، إلى أن اختفاء أعداد كبيرة من الأطفال في مدينة إب ومديرياتها وأريافها خلال الفترة الأخيرة، بالتزامن مع حملات التجنيد المكثفة، يثير تساؤلات مرعبة حول مصير هؤلاء الأبرياء.
وأوضح خبراء أن تورط قيادات حوثية رفيعة المستوى، وعلى رأسها نجل مؤسس الجماعة، في هذه الأنشطة الإجرامية يعكس تحول المليشيا إلى منظومة إجرامية منظمة لا تتوقف عند حد معين من الانتهاكات، فبعد سنوات من جرائم الحرب والتجنيد القسري للأطفال، تنتقل المليشيا الآن إلى مرحلة جديدة أكثر ظلامية تشمل الاتجار بالبشر والأعضاء.
آلية عمل الشبكة الإجرامية
وفقاً لمحللين أمنيين، تعمل هذه اللجان تحت غطاء ما يسمى بـ”التعبئة العامة” و”الإسناد الشعبي”، مستغلة الظروف المعيشية الصعبة التي يعاني منها السكان، وخاصة في المناطق الريفية والفقيرة.
وتستخدم المليشيا أساليب متنوعة تشمل الترغيب والترهيب، والابتزاز العاطفي بذريعة “نصرة فلسطين” أو “الدفاع عن المذهب”، لخداع الأسر وإقناعها بدفع أطفالها إلى محارق الموت.
ويلفت مختصون إلى أن علي حسين الحوثي، الذي يتولى منصب وكيل قطاع الأمن والاستخبارات في ما يسمى وزارة الداخلية التابعة للمليشيا، قد أسس جهاز استخبارات الشرطة في مارس من عام ألفين وأربعة وعشرين، والذي يضم نحو خمسة عشر محققاً وضابط استخبارات، إلى جانب أكثر من خمسين عنصراً مختصاً بمراقبة حسابات التواصل الاجتماعي والهواتف المحمولة، كما يشمل الجهاز فريقاً نسائياً استخبارياً ينتشر في الأحياء السكنية لتنفيذ مهام تجسسية تحت غطاء مدني.
تصاعد مخيف في الأرقام
وكشفت تقارير حقوقية دولية عن تصاعد مرعب في أعداد الأطفال المجندين منذ السابع من أكتوبر 2023، مع بداية الأحداث في غزة، فقد استغلت المليشيا الحوثية القضية الفلسطينية ذريعة لتكثيف حملات التجنيد، في الوقت الذي تدفع فيه بهؤلاء الأطفال، بعد غسل أدمغتهم، إلى جبهات القتال الداخلية في مأرب وتعز والساحل الغربي، وليس إلى فلسطين كما تدعي.
وأشارت منظمة هيومن رايتس ووتش إلى أن المليشيا الحوثية كثفت عمليات تجنيد الأطفال بشكل ملحوظ منذ أكتوبر من عام 2023، محذرة من أن بعض الأطفال المجندين لا تتجاوز أعمارهم ثلاثة عشر عاماً.
ووثقت التقارير الحقوقية مئات الحالات خلال الأشهر القليلة الماضية، مع تأكيدات بأن الأرقام الحقيقية أكبر بكثير نظراً لصعوبة الوصول إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيا، وخوف العائلات من الإبلاغ.
وأكد التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان أن محافظة إب وحدها شهدت توثيق مئات الحالات خلال العام الماضي، مع اختفاء أعداد إضافية من الأطفال في ظروف غامضة.
وسقط عشرات الأطفال المجندين قتلى في جبهات القتال، بينما أصيب آخرون بإعاقات دائمة، في الوقت الذي تحاول فيه المليشيا تحويل هذه المآسي إلى أدوات دعائية لتجنيد المزيد من الضحايا.
دعوات عاجلة للتدخل الدولي
وحذر مختصون من أن استمرار هذه الجرائم دون رادع دولي فعال يعني كارثة إنسانية بكل المقاييس، مطالبين المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية بتحرك عاجل لوقف هذه الانتهاكات الجسيمة.
وأكدوا أن تجنيد الأطفال واستخدامهم في النزاعات المسلحة يشكل جريمة حرب بموجب القانون الدولي والبروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل الذي صادقت عليه اليمن عام ألفين وسبعة.
وأضاف مختصون أن الاتجار بالأطفال واستغلالهم في تجارة الأعضاء يمثل جريمة ضد الإنسانية تستوجب ملاحقة مرتكبيها أمام المحكمة الجنائية الدولية.
وطالب مختصون في حقوق الطفل بفرض عقوبات دولية مشددة على القيادات الحوثية المتورطة في هذه الانتهاكات، وعلى رأسهم علي حسين بدر الدين الحوثي، مؤكدين أن الصمت الدولي على هذه الجرائم يشجع المليشيا على التمادي في انتهاكاتها.
صرخة أهالي إب
في ظل هذا الواقع المأساوي، يعيش أهالي محافظة إب حالة من الرعب والقلق على مصير أطفالهم، في الوقت الذي تشن فيه المليشيا حملات ممنهجة لاستهدافهم.
ويواجه الأهالي ضغوطاً هائلة من مشرفي المليشيا ومسلحيها، الذين يداهمون المنازل والمدارس والمساجد للضغط على الأسر لتسليم أطفالها.
وأوضح مختصون أن المليشيا تستخدم أساليب ابتزاز متعددة، تشمل التهديد بالاعتقال والحرمان من المساعدات الإنسانية، أو الوعود الكاذبة بالامتيازات المادية، لإجبار العائلات على الخضوع. كما تستغل الأئمة والخطباء الموالين لها في المساجد لنشر خطابات التحريض والتعبئة الطائفية، وتحويل المدارس إلى مراكز للتجنيد والتعبئة العقائدية.
وناشد أهالي إب، الذين يواجهون هذه المحنة في صمت قسري، المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية للتدخل العاجل لإنقاذ أطفالهم من براثن هذه المليشيا الإجرامية. وأكدوا أن ما يجري في محافظتهم يمثل جريمة إبادة جماعية بحق جيل كامل، وأن الصمت على هذه الجرائم يعني التواطؤ معها.
مستقبل مهدد بالظلام
في خضم هذه المأساة الإنسانية، يحذر مختصون من أن استمرار المليشيا الحوثية في هذه السياسات الإجرامية يهدد بتدمير مستقبل اليمن بأكمله.
فالأطفال الذين يتم تجنيدهم وغسل أدمغتهم بالأفكار الطائفية المتطرفة، حتى لو نجوا من الموت في ساحات القتال، سيعانون من آثار نفسية وعقائدية عميقة يصعب علاجها، مما يخلق جيلاً مدمراً غير قادر على المساهمة في بناء مستقبل اليمن.
وأكد خبراء في علم النفس أن الأطفال الذين يتعرضون للتجنيد القسري وغسيل الدماغ والمشاركة في أعمال عنف يعانون من اضطرابات نفسية حادة، بما في ذلك اضطراب ما بعد الصدمة، والاكتئاب، والقلق المزمن، وصعوبات في إعادة الاندماج الاجتماعي. وحذروا من أن هؤلاء الأطفال سيحملون ندوب هذه التجربة المروعة طوال حياتهم، مما يؤثر على قدرتهم على العيش بشكل طبيعي والمساهمة في بناء مجتمعاتهم.
وتمثل شبكة التجنيد القسري والاتجار بالأطفال التي أنشأتها المليشيا الحوثية في محافظة إب ومحافظات يمنية أخرى أحد أبشع الفصول في تاريخ الانتهاكات التي ترتكبها هذه الجماعة الإرهابية.
وتكشف هذه الجرائم عن الوجه الحقيقي للمليشيا كمنظمة إجرامية لا تتورع عن استهداف أضعف فئات المجتمع لتحقيق أهدافها السياسية والعسكرية.
إن إدراك خطورة ما يجري، والتحرك العاجل من قبل المجتمع الدولي لوقف هذه الجرائم، يمثل واجباً إنسانياً وأخلاقياً لا يمكن التهاون فيه.
فالصمت على هذه الانتهاكات يعني المشاركة في جريمة تدمير جيل كامل من أطفال اليمن، ويهدد بتحويل البلاد إلى بؤرة دائمة للعنف والتطرف.





