خارطة الحوثي للسلام.. ابتزاز سياسي جديد في ثوب إنساني والسعودية ترفض الوقوع في الفخ مجدداً

رأى مراقبون ومحللون سياسيون، أن إصرار مليشيا الحوثي على ما تسميه “خارطة طريق السلام”، في هذا التوقيت، ليس سوى مناورة سياسية مكشوفة تهدف إلى إعادة إنتاج نفوذها وإحياء مسار تفاوضي يخدم أجندتها الإيرانية، بعد تراجع زخمها العسكري وتزايد الضغوط الدولية عقب تصنيفها كجماعة إرهابية.

وجاءت دعوة الجماعة الأخيرة للمبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، لاتخاذ “خطوات أكثر فاعلية” في تنفيذ خارطة الطريق ومعالجة الملف الإنساني “دون تأخير”، ضمن محاولة جديدة لتوظيف البعد الإنساني كورقة ضغط على المجتمع الدولي، في الوقت الذي تواصل فيه احتجاز موظفين دوليين واقتحام مكاتب منظمات إنسانية، آخرها مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر في صنعاء.

ويؤكد المراقبون، أن الحوثيين يتمسكون بخارطة الطريق لأنها تمثّل بالنسبة لهم غطاءً سياسياً لاستمرار السيطرة على صنعاء ومناطق النفوذ دون تقديم أي التزامات حقيقية، فالخارطة، كما يصفها الخبراء، “مشوهة” لأنها تُقصي الحكومة اليمنية من المعادلة، وتحوّل الحوثي إلى كيان أمر واقع يتعامل معه المجتمع الدولي كشريك شرعي، وهو ما تسعى الجماعة لتثبيته بأي ثمن قبل أي مفاوضات سلام حقيقية.

ويضيف المراقبون أن الحديث المتكرر عن “الملف الإنساني” ما هو إلا ستار لاستعادة التمويلات الدولية بعد توقف كثير من المنح والمساعدات نتيجة تورط الحوثيين في نهبها واستخدامها لتمويل عملياتهم العسكرية.

تجاهل سعودي
أما تجاهل المملكة العربية السعودية لمطالب الحوثيين، بعد أن كانت في فترة سابقة قريبة من توقيع اتفاق معهم عبر مسار ثنائي غير مباشر، فيرجع – بحسب المحللين – إلى تبدل في الرؤية السعودية تجاه الملف اليمني.

فبعد أن أدركت الرياض أن الحوثيين يستغلون أي مبادرة سلام لكسب الوقت والتقاط الأنفاس، خاصة بعد موجة الهجمات ضد السفن في البحر الأحمر، باتت المملكة أكثر تمسكاً بضرورة عودة الحكومة اليمنية إلى واجهة التفاوض، ورفض أي اتفاق لا يشمل مرجعية سياسية واضحة تضمن وحدة اليمن واستقراره.

لعبة أدوار مكشوفة
ويرى مراقبون أن تصعيد الحوثيين في خطاب “المقاومة” وتوقفهم المريب عن مهاجمة السفن الإسرائيلية خلال الأسابيع الماضية يعكس تخادماً خفياً يخدم مصالح الطرفين.

فالحوثي – بحسبهم – يحاول الظهور بمظهر المدافع عن فلسطين لامتصاص النقمة الشعبية وتبرير ولائه لإيران، بينما يتيح هذا السلوك لإسرائيل ذرائع إضافية لتوسيع تدخلها العسكري في البحر الأحمر بحجة “حماية الملاحة”، وهو ما يصب في النهاية في تعقيد المشهد اليمني وتدويل الملف لصالح قوى خارجية.

ويؤكد المحللون أن المرحلة المقبلة ستشهد تصاعداً في محاولات الحوثيين لتوظيف ملف السلام والإنسانية كأدوات ضغط وابتزاز سياسي، مقابل استمرار السعودية وشركائها الإقليميين في اتباع نهج أكثر حذراً وصرامة لإفشال أي محاولة حوثية لإعادة تدوير مشروعها الطائفي تحت لافتة “السلام”.

زر الذهاب إلى الأعلى