إيران والحوثيون وإسرائيل.. ثلاثية المصالح الخفية في البحر الأحمر (تحليل)

أكد مراقبون ومحللون سياسيون، أن إعلان المهمة البحرية الأوروبية (NAVFOR ATALANTA) ضبط مركب شراعي إيراني متورط في عملية قرصنة ضد ناقلة نفط مالطية، يكشف مجددًا الوجه الحقيقي لشبكات التهريب والقرصنة التي تُغذيها طهران وأذرعها في المنطقة، وعلى رأسها مليشيا الحوثي الذراع الإيرانية في اليمن.

ويرى المحللون، أن الحادثة ليست معزولة، بل تأتي في توقيت بالغ الدقة، يتزامن مع حالة الهدوء المفاجئ الذي تبنّاه الحوثيون في البحر الأحمر منذ أسابيع، بعد أن أوقفوا هجماتهم على السفن التجارية بزعم “التفرغ لدعم الشعب الفلسطيني”، إلا أن هذا التوقف، بحسب الخبراء، لم يكن إلا مناورة سياسية مكشوفة، هدفها تضليل المجتمع الدولي، وإقناع العالم بأن الحوثي “فاعل مقاوم” في حين أنه يمارس التخادم غير المباشر مع إسرائيل في خدمة مخططاتها التوسعية في المنطقة.

وأوضحوا أن التحقيقات الأوروبية التي ربطت المركب الإيراني بعملية القرصنة تفتح الباب أمام سلسلة من الأدلة المتراكمة التي تثبت استخدام طهران للغطاء الحوثي لتأمين عمليات نقل الأسلحة والتمويل وتسهيل تهريب النفط، تحت واجهة “الدعم اللوجستي”، بينما يتم توجيه تلك الموارد لعمليات غير مشروعة في خليج عدن والمحيط الهندي.

وأشار المراقبون إلى أن هذا التحالف الخفي بين الذراع الإيرانية في اليمن وبعض قوى “الاقتصاد الأسود” في المنطقة، يعكس تحول الحوثيين من جماعة انقلابية إلى مافيا بحرية مسلّحة، تمارس القرصنة والابتزاز باسم “محور المقاومة”، وتنسّق ضمنياً مع أطراف تستفيد من اضطراب الملاحة البحرية، وعلى رأسها إسرائيل التي تحاول استغلال هذه الفوضى لتحقيق تمدد أمني واقتصادي في البحر الأحمر وباب المندب.

وفيما تتحدث مصادر استخباراتية غربية عن ارتباطات لوجستية بين إيران والحوثيين في نقل الأسلحة عبر سفن مدنية وشراعية، يرى المحللون أن ما جرى كشفه في بيان “أتلانتا” قد يكون ضربة استخباراتية مركّزة وجهت لإيران، ورسالة مباشرة بأن الأنشطة الإيرانية في البحر لم تعد خفية، وأن “التخادم” بين الحوثيين وطهران لن يحميهم من الملاحقة القانونية والعسكرية الدولية.

ويرى مراقبون أن الحوثي تعمد التهدئة الإعلامية والعسكرية في البحر الأحمر بعد ازدياد الضغط الدولي عليه، لكنه لم يتوقف عن العمل الميداني، بل حوّله إلى أسلوب أكثر سرّية عبر واجهات بحرية مرتبطة بشبكات تهريب إيرانية – صومالية – حوثية مشتركة، لضمان استمرار التمويل وحماية قنوات الدعم العسكري.

ويؤكد محللون عسكريون أن إيران تستخدم الحوثيين كواجهة متقدمة لإدارة عملياتها في البحر العربي والقرن الإفريقي، وأنّ “الهدوء الحوثي” الحالي ما هو إلا استراحة تكتيكية هدفها إعادة التموضع بعد تلقي ضربات موجعة من التحالف الدولي ومن الداخل اليمني على السواء.

ودعا المراقبون الحكومة اليمنية ومجلس القيادة الرئاسي إلى استثمار هذا التوقيت بعقلانية وذكاء سياسي، من خلال إطلاق حملة دبلوماسية دولية تربط بين أنشطة إيران البحرية والحوثيين في اليمن، وتطالب بتوسيع مهام الرقابة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن.

وتفعيل جهاز الاستخبارات البحرية اليمنية بالتعاون مع القوات الإقليمية، لتتبع مسارات التهريب التي يستخدمها الحوثيون.

إضافة إلى أهمية استغلال الانكشاف السياسي للحوثي بعد فضيحة المركب الإيراني لإقناع المجتمع الدولي بأن هذه الجماعة ليست سوى ذراع قرصنة إيرانية تهدد الأمن الإقليمي والدولي، يجب القضاء عليها.

وختم المراقبون تحليلهم بالقول إنّ الحوثي “يتظاهر بالعداء لإسرائيل بينما يقدم لها أكبر خدمة”، من خلال تفجير الأمن العربي من الداخل، وخلق فراغ بحري وأمني يسمح لتل أبيب بمدّ نفوذها إلى قلب الممرات البحرية اليمنية، وذلك هو جوهر التخادم بينهما الذي لم يعد خافياً على أحد.

زر الذهاب إلى الأعلى