تحالف الحوثي والقاعدة.. العولقي يدعو «الذئاب المنفردة» لاغتيال قادة أمريكيين

هدد زعيم تنظيم “القاعدة” في شبه الجزيرة العربية، سعد بن عاطف العولقي، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والملياردير إيلون ماسك، بالإضافة إلى شخصيات أمريكية بارزة أخرى، في أول رسالة مصورة له منذ توليه قيادة التنظيم في اليمن العام الماضي.
وجاءت التهديدات في رسالة استمرت لنصف ساعة، نشرها أنصار التنظيم، تضمنت دعوات صريحة لما يُسمى بـ”الذئاب المنفردة” لاغتيال قادة في المنطقة بسبب الحرب في غزة.
ظهرت في مقطع خطاب العولقي صور واضحة للرئيس ترامب وماسك، إلى جانب نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، ووزير الدفاع بيت هيجسيث، كما تضمن المقطع صورًا لشعارات شركات ماسك، بما في ذلك شركة تسلا لصناعة السيارات الكهربائية.
وأعلن العولقي بوضوح: “ليست هناك خطوط حمراء بعد ما حدث ويحدث لشعبنا في غزة. المعاملة بالمثل باتت مشروعة”.
استغلال مشاعر
يُظهر خطاب العولقي محاولة ماهرة لاستغلال المشاعر الشعبية تجاه ما يحدث في غزة لتبرير دعواته للعنف، لكن الأهم هو أن هذا الخطاب يأتي في إطار التنسيق مع الحوثيين من خلال غرفة العمليات المشتركة.
هذا التحالف يعني أن تهديدات “القاعدة” لا تأتي من تنظيم معزول، بل من جبهة موحدة تضم قوات الحوثيين وخبراتهم في العمليات البحرية والصاروخية، مما يضاعف من خطورة التهديدات ويوسع نطاق التنفيذ المحتمل.
البعد التكتيكي والدعائي
يمثل ظهور العولقي الأول كزعيم للتنظيم محاولة واضحة لإعادة تموضع “القاعدة” في اليمن على الخريطة الجهادية العالمية، خاصة في ظل المنافسة مع جماعة الحوثيين التي استحوذت على اهتمام إعلامي أكبر بسبب عملياتها في البحر الأحمر.
ويشير التوقيت المختار للرسالة – بعد أسابيع قليلة من تولي ترامب الرئاسة – إلى رغبة التنظيم في إرسال رسالة قوية للإدارة الأمريكية الجديدة، محاولاً استغلال التطورات في غزة لتبرير تصعيد خطابه التهديدي.
التطور في الخطاب الجهادي
ما يلفت الانتباه هو استهداف شخصيات غير تقليدية مثل إيلون ماسك، مما يشير إلى تطور في فهم التنظيم لشبكة النفوذ الأمريكية، فبدلاً من التركيز فقط على الشخصيات السياسية والعسكرية التقليدية، يستهدف العولقي رموزًا اقتصادية وتكنولوجية مؤثرة.
إدراج شعارات شركات ماسك في الرسالة يعكس فهمًا أعمق لطبيعة الاقتصاد الأمريكي الحديث ودور الشركات التكنولوجية الكبرى في تشكيل السياسات.
التنسيق والتعاون المشترك
يأتي هذا التصعيد في سياق التحالف الاستراتيجي المتنامي بين جماعة الحوثيين وتنظيم “القاعدة” في اليمن، حيث تشير المعلومات إلى وجود غرفة عمليات مشتركة وتوافق تام في الأهداف والاستراتيجيات بين الطرفين.
هذا التحالف تجسد عمليًا من خلال إفراج الحوثيين عن العديد من القيادات الكبيرة في تنظيم “القاعدة”، بل وتعيين قيادات بارزة من التنظيم في هياكل الحكومة الحوثية، مما يشير إلى مستوى متقدم من التكامل والتنسيق بين الجانبين.
ما يجعل تهديدات العولقي أكثر خطورة هو سياق التحالف الوثيق بين جماعة الحوثيين وتنظيم “القاعدة”، والذي تطور من مجرد تفاهمات تكتيكية إلى شراكة استراتيجية حقيقية، وهو تحالف لا يقتصر على التنسيق الميداني، بل يمتد إلى التكامل في الهياكل الإدارية والحكومية.
الإفراج عن قيادات “القاعدة” وإدماجهم في هياكل الحكومة الحوثية يشير إلى تطور نوعي في طبيعة هذا التحالف، حيث تحول من تعاون ظرفي إلى اندماج مؤسسي، وهوا ما يمنح تهديدات العولقي بُعدًا إضافيًا، حيث يمكن أن تستفيد من الموارد والإمكانيات التي يوفرها التحالف مع الحوثيين.
التهديد للأمن الداخلي الأمريكي
دعوة العولقي للـ”ذئاب المنفردة” تمثل تحديًا مباشرًا للأجهزة الأمنية الأمريكية، خاصة أن هذا النوع من التهديدات صعب التتبع والمنع.
الاستهداف الواضح لشخصيات بعينها يتطلب تعزيز الحماية الأمنية وإعادة تقييم مستويات التهديد.
ويقول مراقبونن إن تلك التهديدات قد تؤثر بشكل جذري على تعامل الإدارة الأمريكية الجديدة مع الملف اليمني، خاصة في ضوء الكشف عن مدى عمق التحالف بين الحوثيين و”القاعدة”، وهوا ما يعني أن أي استراتيجية أمريكية في اليمن يجب أن تتعامل مع تهديد مزدوج ومتكامل، وليس مع جماعات منفصلة.
كما قد يؤثر هذا الوضع على طبيعة التحالفات الإقليمية، حيث أصبح واضحًا أن الحوثيين ليسوا مجرد جماعة سياسية مسلحة، بل حلفاء مباشرون للتنظيمات الإرهابية، وهو ما قد يغير حسابات الدول الإقليمية والدولية في التعامل مع الأزمة اليمنية، وفقًا لمراقبين سياسيين.
تحالف إرهابي يتطلب إعادة تقييم
يمثل ظهور العولقي الأول كزعيم للقاعدة في اليمن، في سياق التحالف الاستراتيجي مع الحوثيين، تطورًا خطيرًا يعيد تشكيل المشهد الأمني الإقليمي والدولي.
وتكتسب التهديدات المباشرة والمحددة ضد شخصيات أمريكية بارزة، مقترنة بالدعوة الصريحة للعنف، بُعدًا أكثر خطورة في ظل الدعم اللوجستي والتنسيقي الذي يمكن أن توفره غرفة العمليات المشتركة.
الكشف عن عمق التحالف بين الحوثيين و”القاعدة”، بما في ذلك إدماج قيادات التنظيم في الهياكل الحكومية الحوثية، يتطلب إعادة تقييم جذرية للاستراتيجيات الأمنية والسياسية المتعلقة باليمن، فالتعامل مع الحوثيين كطرف سياسي منفصل عن الإرهاب لم يعد مبررًا في ضوء هذه المعطيات.
الحل الآن يتطلب استراتيجية شاملة تتعامل مع التحالف الإرهابي ككتلة واحدة، مع التركيز على قطع خطوط الإمداد والتنسيق بين الطرفين، ومنع استمرار استغلال المعاناة الإنسانية في اليمن لتحقيق أهداف إرهابية تهدد الأمن الإقليمي والدولي.