وول ستريت جورنال: إيران تعهدت بوقف الهجمات التي يشنها المتمردون الحوثيون ضد السعودية

تحدثت تقارير غربية عن ارتباط الاتفاق المفاجئ باستئناف العلاقات بين السعودية وإيران بالعديد من الملفات، أبرزها الصراع في اليمن، الذي تنخرط فيه طهران بشكل واسع، من خلال دعم وتسليح ميليشيا الحوثي التي شنت هجمات عدة على منشأة نفطية سعودية خلال السنوات الماضية وتراجعت مؤخرا مع تعدد جوالات المفاوضات بين إيران والمملكة في بغداد وتفاهمات هدنة لم تجدد في اليمن.

وأفادت صحيفة “وول ستريت جورنال” نقلا عن مسؤولين سعوديين وإيرانيين وأميركيين لم تكشف عن هويتهم، الجمعة، بأن إيران تعهدت بوقف الهجمات ضد السعودية كجزء من الاتفاق، بما في ذلك تلك التي يشنها المتمردون الحوثيون من اليمن، حسب ما نشره موقع قناة “الحرة”.

والجمعة، أعلنت السعودية وإيران، أنهما اتفاقا برعاية صينية، على استئناف العلاقات السياسية والدبلوماسية، وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما خلال مدة أقصاها شهران.

كما تضمن الإعلان “تأكيد الرياض وطهران على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية”.

ووصف تقرير لوكالة الاسوشيتد برس، الخطوة بـ”الاختراق الدبلوماسي الكبير” الذي تم التفاوض عليه مع الصين، معتبرة بأنه يقلل من فرص نشوب نزاع مسلح بين الخصمين في الشرق الأوسط – سواء بشكل مباشر أو في النزاعات بالوكالة حول المنطقة.

وبحسب التقرير، تمثل الصفقة، التي تم إبرامها في بكين هذا الأسبوع، انتصارًا دبلوماسيًا كبيرًا للصين حيث ترى دول الخليج العربية أن الولايات المتحدة تنسحب ببطء من الشرق الأوسط الأوسع، كما تأتي في الوقت الذي يحاول فيه الدبلوماسيون إنهاء حرب طويلة في اليمن، وهو الصراع الذي ترسخت فيه إيران والسعودية بعمق.

ولطالما كانت التوترات عالية بين إيران والمملكة العربية السعودية، حيث قطعت المملكة العلاقات مع إيران في عام 2016 بعد أن اجتاح محتجون بعثات السعودية الدبلوماسية هناك، وكانت السعودية قد أعدمت رجل دين شيعي بارز مع 46 آخرين قبل ذلك بأيام، مما أدى إلى اندلاع المظاهرات.

وذلك ليس السبب الوحيد لاستمرار تأزم العلاقة بين الرياض وطهران، إذ تصادم البلدان بقوة في الصراع الدائر في اليمن، وقد تم إلقاء اللوم دائما على إيران في سلسلة من الهجمات بما في ذلك هجوم استهدف قلب صناعة النفط في المملكة العربية السعودية في عام 2019، مما أدى إلى خفض إنتاج المملكة الخام إلى النصف مؤقتًا.

وعلى الرغم من أن جماعة الحوثي تبنت الهجوم في البداية، فإن الدول الغربية والخبراء ألقوا باللوم على طهران، ونفت إيران شن الهجوم ونفت أيضا قيامها باعتداءات أخرى نُسبت لاحقا إلى ايران.

وقال كريستيان كوتس أولريكسن الباحث في معهد بيكر بجامعة رايس والذي درس المنطقة منذ فترة طويلة إن توصل السعودية للاتفاق مع إيران جاء بعد أن توصلت الإمارات العربية المتحدة إلى تفاهم مماثل مع طهران.

وأضاف أن “هذا التراجع في التوترات وخفض التصعيد مستمر منذ ثلاث سنوات، وقد نشأ هذا عن اعتراف السعوديين بأنه بدون الدعم الأمريكي غير المشروط، لن يتمكنوا من إظهار قواتهم في مواجهة إيران وبقية المنطقة”.

وقال أولريكسن إن الأمير محمد بن سلمان، الذي يركز الآن على مشاريع البناء الضخمة في الداخل، يريد على الأرجح الانسحاب أخيرًا من حرب اليمن أيضًا. وتابع “عدم الاستقرار يمكن أن يلحق الكثير من الضرر لخططه”.

وانتهى وقف إطلاق النار استمر مدة ستة أشهر، وهو الأطول في الصراع اليمني، في أكتوبر / تشرين الأول على الرغم من الجهود الدبلوماسية، وكانت المفاوضات جارية مؤخرًا، بما في ذلك في عمان، المحاور منذ فترة طويلة بين إيران والولايات المتحدة، كان البعض يأمل في التوصل إلى اتفاق قبل شهر رمضان المبارك، الذي يبدأ في وقت لاحق هذ الشهر.

وأجرت إيران والسعودية محادثات متقطعة في السنوات الأخيرة، لكن لم يكن واضحًا ما إذا كان اليمن هو الدافع لهذا الوفاق الجديد.

ورجحت تقارير أن تكون للاتفاق تداعيات ملموسة فورية في اليمن، حيث تقود السعودية تحالفاً عسكريا داعم للشرعية في مواجهة المتردين الحوثيين المدعومين من إيران منذ عام 2015.

وانتهت الهدنة التي أُعلن عنها قبل نحو عام في أكتوبر 2023، لكن المحادثات السعودية-الحوثية في الأسابيع الأخيرة أثارت تكهنات بشأن صفقة قد تسمح للرياض بالانسحاب جزئيًا من القتال، وفقًا لدبلوماسيين تابعين للعملية.

ونقل تقرير لوكالة فرانس برس عن العديد من المحللين قولهم إن السعوديين ما كانوا ليوافقوا على تحسين العلاقات مع إيران دون أي تنازلات بشأن تورط طهران في اليمن.

وقال إبيش، باحث مقيم في معهد دول الخليج العربية بواشنطن (AGSIW) “من المحتمل جدًا أن تلتزم طهران بالضغط على حلفائها في اليمن ليكونوا أكثر استعدادًا لإنهاء الصراع في ذلك البلد، لكننا لا نعرف حتى الآن ما هي التفاهمات التي تم التوصل إليها من وراء الكواليس”.

وذكر التقرير بأنه من خلال إصلاح العلاقات مع إيران – وربما التراجع بخصوص اليمن – يمكن للمملكة العربية السعودية أن تواصل دفعها الدبلوماسي الواسع النطاق الذي شمل أيضًا التقارب الأخير مع قطر وتركيا.

من جهتها، تحدثت صحيفة “سولت واير” الكندية عن أن الاتفاق الإيراني السعودي يقدّم الكثير مما يثير اهتمام الولايات المتحدة، بما في ذلك مسار محتمل لكبح برنامج إيران النووي، وفرصة لتعزيز وقف إطلاق النار في اليمن، لكنّه يثير أيضاً قلق المسؤولين الأميركيين حول دور الصين كوسيط سلام في منطقة تتمتع فيها الولايات المتحدة بنفوذ طويل.

ونقل التقرير عن السفير الأميركي السابق لدى اليمن جيرالد فيرستاين، قوله إن الرياض لم تكن لتوافق على هذا من دون أن تحصل على شيء، سواء كان يمنياً أو أمراً آخر تصعب رؤيته.

زر الذهاب إلى الأعلى