«صحيفة عربية» تتسائل: هل سلطنة عمان وسيط محايد أم قريب من الحوثيين؟

قالت مصادر يمنية مطلعة إن زيارة الوفد العماني إلى صنعاء والتي تعد الثانية تأتي في سياق الجهود الأممية والدولية والإقليمية لتثبيت الهدنة التي أعلن عنها المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، ولقاء زعيم الجماعة الحوثية لمناقشة آلية تثبيت وقف إطلاق النار والبدء في مشاورات سياسية مع الحكومة اليمنية بعد إجازة عيد الفطر.

وأشارت المصادر إلى أن الوفد سيقدم ضمانات عمانية لعبدالملك الحوثي تم التوصل إليها بناء على اللقاءات التي تمت خلال الفترة الماضية في مسقط بمشاركة التحالف العربي والحوثيين.

ووفقا لوكالة الأنباء الرسمية التابعة للجماعة الحوثية فقد وصل الجمعة وفد عماني يرافقه رئيس وفد التفاوض الحوثي محمد عبدالسلام وعدد من الجرحى الحوثيين الذين تلقوا علاجهم في سلطنة عمان، فيما قالت قناة المسيرة الحوثية إن زيارة الوفد إلى صنعاء تأتي في إطار “متابعة الهدنة والنقاش مع رئيس المجلس السياسي الأعلى، كما تأتي في إطار استكمال الدور البارز للسلطنة في متابعة الهدنة والسعي لوقف الحرب والحصار”.

وتزامنت زيارة الوفد العماني الذي يضم ضباطا من المكتب السلطاني العماني إلى صنعاء مع كشف الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة المعترف بها في ميناء “شحن” على الحدود اليمنية – العمانية عن ضبط شحنة أسلحة متنوعة كانت في طريقها إلى الحوثيين، وكانت مخبأة في شاحنة وتضم أسلحة أوتوماتيكية وقناصات مفككة.

وتعد هذه الشحنة هي الثانية التي يتم الكشف عنها خلال شهر، بعد أن كشفت مصلحة الجمارك التابعة للحكومة اليمنية في منتصف مارس الماضي عن ضبط شحنة من الصواريخ المضادة للمدرعات في منفذ “شحن” تتكون من 52 صاروخا نوع “كورنيت” روسية الصنع كانت مخبأة في شاحنة لنقل البضائع كانت متجهة إلى صنعاء.

ويؤكد خبراء سياسيون أن الازدواج في الموقف العماني بين لعب دور الوسيط ودعم الحوثيين سياسيا وعسكريا يقلل من فاعلية الجهود العمانية ويشي بوجود تيارين في دوائر صنع القرار في مسقط حول الموقف من الأزمة اليمنية.

واعتبر الباحث السياسي اليمني محمود الطاهر في تصريح لـ”العرب” أن زيارة الوفد العماني في هذا التوقيت تفهم على أنها محاولة لإظهار الحوثيين كطرف سياسي منفتح على الجهود الأممية والدولية لإيقاف الحرب في اليمن، خصوصا مع إدراك مسقط من واقع تجربة سابقة أن الحوثيين على أرض الواقع لا يظهرون أيّ رغبة للحوار.

وسبق للعمانيين تقديم ضمانات للحوثيين بهدف دفعهم للقبول بالمفاوضات في شهر يونيو 2021، وذلك عندما طرح الحوثيون شروطًا، من ضمنها عودة الطيران المدني إلى صنعاء وتخفيف القيود على موانئ الحديدة، وتبديل مارتن غريفيث، والحوار المباشر مع السعودية، وإزالة القرار 2216، إضافة إلى ردهم بطرح مبادرة بعيدة عن تحركات العالم، وهي المعروفة بمبادرة مأرب.

وعن الاختلاف بين زيارة الوفد العماني هذه المرة عن المرة السابقة، أضاف الطاهر “ربما العمانيون يتسلحون هذه المرة بما تم عقب المشاورات اليمنية – اليمنية، والتي حدث فيها ما يمكن أن نصفه بأنه تنازل كبير من قبل المؤسسة الشرعية اليمنية، تمثل في الاستجابة لكل مطالب الحوثي، وهو ما سيتم طرحه على طاولة الحوثيين، وفقا للمعطيات الجديدة في الساحتين اليمنية والدولية”.

وأشار الطاهر إلى أن المقلق في التحركات العمانية، بحسب تعبيره، “هو استمرار توافد الخبراء اللبنانيين والإيرانيين إلى صنعاء، وعبر الطائرة العمانية التي أقلت فيها عددا من أهم خبراء الطيران المسير، والتي أعلن أنهم جرحى يمنيون عائدون إلى صنعاء، وهو ما يعني أن الحوثيين وإيران سوف يسلّمون الوفد العماني شروطًا، ومن ثم سيصعّدون عسكريًا بعد انتهاء الهدنة على السعودية وعلى الداخل اليمني بهدف الضغط استجابة لشروطهم”.

ويعتقد مراقبون أن مسقط لعبت خلال الفترة الأخيرة دورا بارزا في تخفيف الضغوط عن الحوثيين والحيلولة دون بلورة رؤية دولية جديدة للتعامل معهم كجماعة إرهابية في أعقاب تصعيدهم العسكري الكبير في مأرب واستهداف منشآت اقتصادية ومدنية في السعودية، وهو ما عبّر عنه وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي الذي صرح في فبراير الماضي بأن إعادة تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية سيقوض جهود إحضارهم إلى طاولة المفاوضات.

وشهد الملف اليمني تطورات متسارعة خلال الأيام الماضية بعد موافقة الحوثيين والتحالف العربي على مبادرة أممية أطلقها المبعوث الأممي إلى اليمن واشتملت على إعلان هدنة بين الحكومة اليمنية والحوثيين دخلت حيز التنفيذ مطلع أبريل الجاري، في إطار تفاهمات أولية لخفض مستوى التصعيد تضمنت كذلك إعادة تشغيل مطار صنعاء إلى وجهات محددة هي القاهرة وعمّان، والشروع في عملية واسعة لتبادل الأسرى بين الطرفين، والسماح لسفن المشتقات النفطية بدخول ميناء الحديدة، شريطة أن يلتزم الحوثي بدفع رواتب موظفي الدولية من إيرادات هذه المشتقات.

ويقلل مراقبون للشأن اليمني من جدية الحوثيين في الانخراط بعملية تسوية سياسية حقيقية، بالنظر إلى اختراقاتهم المتكررة للهدنة الأخيرة التي يرجح أن تكون نسخة مكرّرة من اتفاق السويد الذي مكن الحوثيين من الاحتفاظ بمدينة الحديدة وموانئها دون أي التزام حوثي ببنود اتفاق السويد الذي رعته الأمم المتحدة، وعمل المبعوث الأممي السابق مارتن غريفيث في العامين الأخيرين على محاولة استنساخه وتعميمه على كامل مناطق اليمن.

زر الذهاب إلى الأعلى