الولايات المتحدة تعرض استراتيجيتها لإنهاء أزمة اليمن

أعادت الولايات المتحدة التأكيد على استراتيجيتها في التعامل مع الأزمة اليمنية، إذ رسمت أمامها طريقين من أجل إنهاء الصراع، يكون الأول بـ”الضغط” على جماعة الحوثيين، والثاني بدعم “الجهود الأممية”، والمبادرة الخاصة باليمن رقم 2216، مع الاستمرار في الدعوة إلى إنهاء الصراع الحربي، وإيصال المساعدات إلى المحتاجين في اليمن.

وبدا من الواضح التركيز الأميركي والتفاعل الدبلوماسي لحل الصراع في اليمن، في الوقت الذي تقترب فيه “المؤشرات” من الوصول إلى اتفاق بين الأميركيين والإيرانيين أثناء المناقشات الجارية في «المفاوضات النووية» بفيينا، للعودة إلى خطة العمل الشاملة، وهو ما دفع العديد من السياسيين والمراقبين في الولايات المتحدة، إلى المطالبة بـ«معاقبة جماعة الحوثي المتمردة المدعومة من إيران، وإعادة تصنيفها بقائمة المنظمات الإرهابية».

وفي بيان من البيت الأبيض، على لسان إيملي هورن متحدثة مجلس الأمن القومي، قالت إن بريت ماكغورك منسق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجلس الأمن القومي، ناقش خلال زيارته إلى السعودية والإمارات الحاجة الأميركية إلى الجمع بين الضغط على الحوثيين في اليمن، والجهود المنسقة التي تقودها الأمم المتحدة لإنهاء الحرب.

وقالت هورن إن ماكغورك أكد خلال زيارته الرياض وأبوظبي، ضمان قيام الولايات المتحدة بكل ما هو ممكن لدعم «الدفاع الإقليمي» لكلا البلدين ضد الصواريخ التي تدعمها إيران وهجمات الطائرات دون طيار، مؤكدة أن ماكغورك شدد مجدداً على التزام «الرئيس بايدن بدعم الدفاع عن شركاء الولايات المتحدة»، كما استعرض المسؤول الأميركي الجهود الجارية مع البعثات الدبلوماسية والعسكرية الأميركية في كلتا العاصمتين.

بدوره، أعرب أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأميركي، عن «قلقه العميق» إزاء تصاعد الخسائر في صفوف المدنيين في اليمن والمنطقة، مديناً الهجمات التي تؤدي إلى التصعيد في اليمن وإطالة أمد الصراع، وبحسب بيان وزارة الخارجية، فقد شدد الوزير بلينكن على «الحاجة الملحة» لوقف التصعيد، وقيام جميع الأطراف بالتقيد بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي.

كما أكد الوزير الأميركي دعم بلاده للجهود المستمرة التي يبذلها المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتطوير «إطار سياسي شامل» في اليمن، والتشديد مجدداً على أن «العدالة والمساءلة ستكونان مفتاحاً لتأمين سلام دائم في اليمن»، مرحباً بالتعاون مع الأمم المتحدة من أجل التوصل إلى «حل دائم ينهي الصراع في اليمن، ويحسن حياة اليمنيين، ويخلق مساحة لليمنيين لتقرير مستقبلهم بشكل جماعي»، مضيفاً: «إن حل الصراع في اليمن لا يزال يمثل أولوية قصوى في السياسة الخارجية للولايات المتحدة».

وفي سياق متصل، دعت ندوة سياسية مرئية، نظمها معهد «ويلسون» للدراسات والأبحاث في واشنطن، إلى تفعيل الدور الأميركي في حل الصراع اليمني، وذلك بالتشديد على إيران لرقف دعمها الجماعة الحوثية باليمن، وإنهاء حالة «العنف العسكري» التي مزقت البلاد، كما أوصت بدعم الدول الشريكة والحليفة للولايات المتحدة مثل السعودية والإمارات في وجه العدوان الحوثي.

ومن بين المتحدثين في الندوة براين هوك المبعوث الأميركي الخاص السابق لإيران، الذي اعتبر أن رفع الحوثيين من قائمة الجماعات الإرهابية الأجنبية يعتبر «خطأ استراتيجيا قامت به إدارة الرئيس بايدن»، كما يرى استحالة الحديث عن حل في اليمن دون «تقليص كبير للتدخل الإيراني»، وتابع بالقول إنه «من غير المرجح أن تحصل على أي مفاوضات بين السعوديين والحوثيين، طالما أن إيران تستفيد من الحرب».

وكرر هوك خلال الندوة نقطة مفادها أن «السعوديين على عكس إيران، يريدون أن يروا نهاية الحرب في اليمن»، مشيراً إلى أن إيران تستفيد من الصراع بشكل كبير، «لأنهم يقومون باختبار قوتهم من خلال توفير تقنيات متقدمة للحوثيين لتنفيذ ضربات على السعودية»، وخلص هوك إلى أنه يجب على الولايات المتحدة «القيام بعمل أفضل في كبح التدخل الإيراني في اليمن من خلال استخدام أدوات سياسية مختلفة».

وأضاف: «الحوثيون ليس لديهم حافز للانخراط في المفاوضات. لذلك، فإن التحدي الذي يواجه صانعي السياسات الأميركيين هو إيجاد طريقة لتغيير نهجهم، عن طريق الإجراءات الدبلوماسية اللازمة، والتي تشمل إعادة إدراج الحوثيين في قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، وتنفيذ حظر الأمم المتحدة على الأسلحة الإيرانية، وتعزيز يد المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن للضغط على الحوثيين للدخول في مفاوضات جادة».

كما اقترح برايان هوك، أن يقدر السعوديون موقف إدارة بايدن بشأن ربط الحوثيين علناً بإيران، وأضاف أنه نظراً للاهتمام الاستراتيجي للولايات المتحدة في الخليج، «فمن المهم التوقف عن إساءة المعاملة مع السعودية»، محذراً من «الانهزامية التي قد تطرأ على السياسة الأميركية – السعودية فيما يتعلق بالصراع الحالي»، وإعادة التفكير في سياسة أميركية جديدة بالمنطقة.

من جهتها، نادت فاطمة أبو الأسرار الباحثة اليمنية المقيمة في واشنطن، المجتمع الدولي بضرورة الاستماع لإرادة الشعب اليمني، وأوضحت خلال مشاركتها في الندوة، أن اليمنيين «عبارة عن مجموعات متنوعة للغاية»، ومع ذلك، فإن معظمهم يودون العودة إلى اليمن كما كان في الفترة الانتقالية بعد الربيع العربي، عندما كان هناك جهد لبناء دولة ومجتمع جنباً إلى جنب، على حد قولها.

ووفقاً لأبو الأسرار، فإنه منذ اندلاع الصراع في اليمن عام 2014، لم يتمكن اليمن من وقف التوغل العسكري من قبل الجهات الفاعلة غير الحكومية والميليشيات المسلحة، مشددة على أن «الأولوية الأولى هي إخراج العنف العسكري من الحياة المدنية»، وإعادة بناء الدولة اليمنية.

ورأت أبو الأسرار، أن محاولة الأمم المتحدة جمع «الفرقاء اليمنيين» مرة أخرى على طاولة واحدة، يعتبر أمراً معقداً، إذ تعتقد أن ذلك قد يتسبب في «مزيد من التوترات بينهم وبين الأطراف المعنية»، إلا أنها اقترحت الحل العسكري الشامل في وجه الحوثيين، قائلة: «إن التقدم في اليمن لا يمكن أن يتحقق إلا بدفع الحوثيين عسكرياً».

زر الذهاب إلى الأعلى