اليمن.. غلاء الأضاحي ينحر فرحة العيد

لم يعد عيد الأضحى في اليمن مصدرا للبهجة كما هو كائن في جميع البلدان، بل ذكرى للأوضاع المعيشية والاقتصادية التي لا تزال في انهيار مستمر منذ 7 سنوات.

ويحل عيد الأضحى المبارك باليمن هذا العام، في ظل ظروف حياتية معقدة، إثر ارتفاع الأسعار، وانقطاع الرواتب، وتدهور قيمة العملة المحلية، ما أدى إلى غياب مظاهر العيد من ذبح الأضاحي وشراء ملابس جديدة والخروج إلى المتنزهات.

وغابت اللحوم والحلوى والكعك والعسب (مكسرات) عن موائد معظم اليمنيين في عيد الأضحى، فيما شهدت أسواق المواشي ركودا غير مسبوق بسبب الارتفاع الجنوني للأسعار، وفق تجار ومستهلكين.

تعز

يقول تجار مواشي في سوق “الأحد” بمنطقة الضباب في تعز (جنوب غرب)، إن معظم اليمنيين عزفوا عن شراء أضاحي العيد هذا العام مقارنة بالأعوام الماضية.

وعزا عمر عطية، تاجر مواشي في تعز، أسباب ارتفاع أسعار المواشي إلى شراء معظمها من خارج البلاد، خاصة من دول القرن الإفريقي بالدولار الأمريكي، ومن ثم فإن تدهور العملة المحلية أمام الدولار أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق، وفقًا لما أوردته وكالة الأناضول التركية.

وأوضح عطية: “الثور الذي كان يُشترى العام الماضي بنحو 700 دولار أمريكي (حوالي 420 ألف ريال)، ارتفع هذا العام إلى أكثر من 1500 دولار (حوالي 850 ألف ريال).

وأضاف: “المواشي المحلية التي يتم جلبها من المدن الساحلية ارتفع سعرها أيضا، بسبب ارتفاع تكاليف وصولها إلى تعز عبر طرق جبلية بسبب الحصار وغلاء أسعار المشتقات النفطية.

ويتراوح سعر الخروف أو الماعز المحلي (حجم متوسط) بين 120 ألف ريال و200 ألف ريال (حوالي 150 دولارا و200 دولار).

بدوره قال علي منصور الوتيري، موظف من تعز، إنه تجول في سوق المواشي حاملا النقود لشراء أضحية العيد، لكنه عاد إلى منزله خالي الوفاض بسبب ارتفاع الأسعار وعدم قدرته على شرائها.

وأضاف الوتيري: “سأضطر كما هو حال آلاف اليمنيين إلى شراء الدواجن الطازجة صبيحة العيد، واعتبارها أضحية”.

عدن

لم يختلف الحال كثيرا في العاصمة المؤقتة عدن، فقد غابت طقوس الاحتفال بعيد الأضحى عن معظم منازل اليمنيين بسبب حالة الخراب والظلام التي باتت تستوطن شوارعها.

وقالت صفاء الدبعي، محامية من عدن، “مئات آلاف اليمنيين يقفون عاجزين عن شراء ملابس العيد لأبنائهم بسبب انهيار العملة المحلية أمام الدولار وعجز الحكومة عن دفع رواتب الموظفين”.

وأضافت: “الأسواق باتت تتكدس بالملابس، بما فيها زهيدة الثمن، لعدم قدرة محدودي الدخل على شرائها”، وفقًا لما أوردته الوكالة ذاتها.

من جانبه أوضح أيمن حسن فضل، صاحب محل لبيع الملابس في عدن، أن معظم التجار يشترون الملابس بالعملة الأجنبية، وبالتالي يضطرون إلى رفع الأسعار بسبب تدهور قيمة العملة المحلية في اليمن.

ووفق مكتب الشؤون الإنسانية في اليمن، ارتفعت الأسعار في عموم البلاد بنسبة 200 بالمئة هذا العام، مقارنة بما كانت عليه في عام 2015.

وقالت سماح بادبيان، استاذة بجامعة عدن، إن العيد في اليمن بات مصدرا للألم والحزن بدلا من البهجة بسبب عجز الآباء على تلبية مطالب أبنائهم.

وأضافت بادبيا: “أسر كثيرة أرهقها الغلاء الفاحش، وأسر فقدت عائلها في جبهات الموت، لكن روحانية المناسبة الدينية أضفت على النفوس المتعبة نسمات هادئة”.

بدورها أوضحت حنين جمال الطيب، مذيعة بفضائية بلقيس اليمنية، أن معاناة سكان عدن في عيد الأضحى بلغت حد صعوبة التنزه في الشواطئ أو الحدائق العامة، نظرًا لارتفاع أسعار وقود السيارات، إذ بلغ سعر اللتر الواحد 600 ريال (حوالي 6 دولار).

وفي حي المنصورة بعدن يتواجد سوق المواشي الوحيد، والذي تكدست فيه رؤوس الأغنام بسبب الضعف الشديد في الإقبال على شرائها، إذ يصل سعر رأس الماشية 200 دولار في حين يتراوح راتب الموظف الحكومي في عدن بين 60 و70 دولارًا.

وقال عدنان الجعفري، أحد تجار المواشي، إن التجار والمستهلكين يعانون من ارتفاع الأسعار، في ظل عجز الحكومة عن تخفيف معاناة الشعب اليمني، فيما يقف على مقربة منه أثناء الحديث عبدالله صالح وأحد عيسى، يتأملون أسعار الماشية دون القدرة على شرائها.

صنعاء

ويشهد سوق “نقم” ثاني أكبر أسواق المواشي بالعاصمة صنعاء الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، ركودا غير مسبوق وتدني ملحوظ في الإقبال على الشراء، بسبب ارتفاع الأسعار وتدهور الأوضاع الاقتصادية.

من جانبه قال محمد الخالدي، أحد أهالي صنعاء، إن معظم اليمنيين باتوا يتجولون في أسواق المواشي هذا العام، كنزهة لأطفالهم حتى يشاهدوا الأضاحي ولكن دون شرائها.

وأضاف الخالدي: “أرخص خروف في سوق الماشية يتجاوز سعره 130 ألف ريال (حوالي 215 دولارا)، ما يعجز معظم اليمنيين عن شرائه”.

فيما أوضح مصلح السياغي، أحد تجار المواشي بسوق نقم، أن “الخراف المستوردة من دول إفريقيا يتجاوز سعر الواحد 100 ألف ريال (حوالي 200 دولار)، بعد أن كان لا يتجاوز سعرها من قبل 60 ألف ريال (حوالي 120 دولارا)”.

ومضى قائلا: “الوضع في غاية السوء فأسواق المواشي بعد أن كانت مكتظة بالمستهلكين خلال هذا التوقيت من كل عام، باتت لا ترى سوى 10 زبائن فحسب”.

وبدوره وصف محمد الناسي، أحد تجار المواشي، حال معظم اليمنيين قائلا: “ليس بإمكانهم سوى التضحية بدجاجة هذا العام، لأن الحرب والحصار دمروا مظاهر الأعياد في البلاد”.

ومؤخرا يشهد الريال اليمني تراجعا قياسيا للمرة الأولى في تاريخه؛ حيث تجاوز سعر الدولار ألف ريال، وسط موجة سخط في البلاد.

زر الذهاب إلى الأعلى