هل الحوثيين مستعدين للسلام نتيجة الموقف الأمريكي الأخير؟
تناول تقرير صادر عن معهد كارنيغي، مدى قدرة الولايات المتحدة في دفع ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، للدخول في اتفاق سلام، والذي يمثل تحدياً رئيسياً يواجه مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن، مارتن غريفثس، وسيستمر في إعاقة جهود السلام.
وقال التقرير، إن أولوية الحوثيين هي تحقيق المزيد من المكاسب، وليس الانخراط في صفقات تقاسم السلطة، وأن رغبتهم المزعومة لصنع السلام ليست سوى خطوة تكتيكية.
وأوضح التقرير أن الحوثيين استفادوا من تغييرات السياسة الأميركية بثلاثة طرق: أولاً، يمثل ما يحدث انتصاراً للحوثيين من خلال تقويض مصالح خصومهم الرئيسيين. ثانيًا، سيستفيد الحوثيون من الدبلوماسية المرافقة للولايات المتحدة. ويتزامن هذا مع التراجع عن تصنيف الولايات المتحدة للحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية، لأن ذلك كان سيعيق مهمة المبعوث الأميركي الخاص.
وثالثًا، من المرجح أن يقوم الحوثيون بتسريع وتيرة الحرب للاستفادة من حقيقة تعليق الدعم الجوي الأميركي. وسيخلق هذا حافزًا للحوثيين للتوسع في الداخل اليمني، في المناطق المتاخمة، حيث تنتشر الجماعة الآن، وهذا يشمل الساحل الغربي لليمن ومأرب والجوف وشبوة، من بين مناطق أخرى.
وأشار التقرير إلى أنه بعد قرارات الولايات المتحدة، استأنف الحوثيون هجماتهم على محافظة مأرب، التي تستضيف أكثر من مليوني نازح داخليًا، حيث تتدهور حالة حقوق الإنسان. ومن المحتمل أن تواجه العديد من المناطق هجمات مماثلة للحوثيين في الأسابيع المقبلة.
ويضيف التقرير إن هناك العديد من التحديات الرئيسية أمام التوصل إلى اتفاق سلام:
أولاً، ليس لدى الحوثيين دافع للانضمام إلى العملية السياسية وتقاسم السلطة مع الأحزاب اليمنية الأخرى، بالنظر إلى أنهم يسيطرون اليوم على معظم المناطق في شمال اليمن. بناءً على رؤيتهم للحل، يحاول الحوثيون تقديم أنفسهم على أنهم الممثلون الوحيدون للبلاد، ولا يريدون الانخراط في عملية من شأنها أن تحرمهم من دور مهيمن في الشؤون اليمنية الداخلية.
ثانياً، الانقسام الذي يعاني منه خصومهم في اليمن، حيث يعملون في كثير من الأحيان لأهداف متعارضة. وقد أدى ذلك إلى إضعاف كبير للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، وبالتالي لم يكن لدى الحوثيين أي سبب لقبول الاتفاقيات التي وقعوا عليها في الماضي، مثل اتفاقية السلام والشراكة الوطنية في سبتمبر 2014.
وقد تعزز نهج الحوثيين من خلال القناعة الأيديولوجية بضرورة إعادة تأسيس الإمامة الزيدية التي تم استبدالها من قبل الجمهورية عام 1962، وهذا يمنحهم حق حكم اليمن.
التحدي الآخر هو القدرات العسكرية المتنامية للحوثيين، والتي تجعل الجماعة أقل عرضة لتبني الحلول الوسط التي قد تنطوي عليها التسوية.
وقد سمح استيلاء الحوثيين على مخزون الجيش اليمني في نهاية عام 2014 لهم بالانخراط في عمل عسكري واسع النطاق بخلاف أن إيران تزودهم بأسلحة متطورة بالتوازي مع قدرتهم على التجنيد على نطاق واسع في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم، وهي أمور عززت التصور بأن الجماعة ليس لديها حاجة حقيقية لتسليم أي شيء.
هناك أيضًا مشكلة هيكلية في حركة الحوثيين وهي أنهم يعتبرون أنفسهم كيانًا عسكريًا وليس حركة سياسية، لافتاً إلى أن الحوثيين مقتنعون بأن الأسلحة تحقق مكاسب أكبر من المفاوضات وقد يثبت توازن القوى أنهم على حق.
التحدي الأخير هو أن أولئك الذين يريدون دفع الحوثيين إلى محادثات السلام لديهم وسائل قليلة للضغط للقيام بذلك.
وبصفتهم كيانًا غير حكومي، فإن الحوثيين غير مبالين بالعقوبات أو الانتقادات الدولية. ويحاول المبعوث الأممي الخاص التحدث إلى المسؤولين الإيرانيين والاستفادة من نفوذهم مع الحوثيين. ومع ذلك، فإن تأثير طهران على الجماعة لا ينفصل عن مصالحها الأوسع في اليمن والمنطقة. لذلك، لا يمكن فصل ما هو مطلوب لإنهاء الصراع عن مسار المحادثات الأميركية الإيرانية إذا حدثت.
وبحسب التقرير، من المهم أيضًا التأكيد على أن الجناح الإيراني في حركة الحوثيين أصبح الجناح المهيمن بشكل متزايد في السنوات الثلاث الماضية. لذلك، من شبه المؤكد أن أي حل في اليمن سيكون مرتبطاً بأجندات إيران في المنطقة. وربما ليس من المستغرب أن مهمة إقناع الحوثيين بالتخلي عن مسارهم العسكري والتفاوض على حل سياسي تذكرنا إلى حد ما بالجهود المبذولة لإقناع إيران بالتخلي عن برنامجها النووي.