عقب إدارة جمهورية مثيرة للجدل.. جو بايدن حقبة جديدة في تاريخ أمريكا
يقود الرئيس الأميركي المنتخب، جو بايدن، حقبة جديدة في تاريخ الولايات المتحدة، عقب إدارة جمهورية مثيرة للجدل محلياً وعالمياً.
ويحمل الرئيس الديمقراطي والنائب السابق للرئيس الأسبق باراك أوباما، خطة عمل متباينة في ملامحها مع خطوات الرئيس دونالد ترمب، خصوصاً في ما يتعلق بسياساته المتوقعة تجاه الشرق الأوسط والدول العربية.
إنهاء “الحرب الأبدية”
في خطته لإدارة السياسية الخارجية للولايات المتحدة، المنشورة على الموقع الرسمي لحملته الانتخابية تحت عنوان: “خطة بايدن لقيادة العالم الديمقراطي لمواجهة تحديات القرن الـ21″، تعهد بايدن بإنهاء “الحرب الأبدية” في الشرق الأوسط وأفغانستان، وإعادة الغالبية العظمى من القوات الأميركية إلى أرض الوطن، مع تحديد مهمة الولايات المتحدة في مواجهة تنظيمي “القاعدة” و”داعش” فقط.
لوهلة أولى، تبدو خطة بايدن متناقضة مع تصريحات أدلى بها في أكتوبر من عام 2019، عندما وصف قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالانسحاب من سوريا، بأنه “دليل على فشله التام في دوره كقائد أعلى للقوات المُسلحة”.
رؤية بايدن آنذاك، كانت لها أسبابها، فوفقاً لوكالة “أسوشيتد برس”، عزز المُرشح الرئاسي حينها وجهة نظره، باعتبار أن “تصرف ترمب يمثل تخلياً عن حلفاء الولايات المُتحدة في المنطقة من الأكراد، ما يعرضهم للبطش التركي”. ووصف تداعيات موقف ترمب قائلاً إنه “يدمّر السلطة الأخلاقية للولايات المُتحدة”.
الانسحاب العسكري من الشرق الأوسط
ووصف محللون سياسيون وعود بايدن بسحب القوات الأميركية من الشرق الأوسط بأنها امتداد لسياسة الرئيس الأسبق باراك أوباما.
وقال أستاذ العلوم السياسية في “جامعة القاهرة” أحمد يوسف إن “أوباما تبنى أولاً مخطط الانسحاب من الشرق الأوسط، إضافة إلى عدم مواجهة النفوذ الروسي في سوريا بشكل فعلي”.
وأضاف يوسف: “فكرة الانسحاب من الشرق الأوسط أميركية، وليست ترامبية، وأدت في النهاية إلى الوجود الرمزي للولايات المُتحدة في العراق وسوريا”.
بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في “جامعة قناة السويس” المصرية، جمال زهران، الرؤية ذاتها، مشيراً إلى أن “من المرجح بالتأكيد أن ينتهج بايدن سياسة الانسحاب العسكري في الشرق الأوسط”.
وأشار زهران إلى أن “الديمقراطيين يميلون في العموم إلى عدم استخدام القوة كأداة حاسمة في الأزمات، على عكس الجمهوريين”.
وتابع: “علينا هنا أن نذكر أن غزو العراق على سبيل المثال، تم أثناء ولاية جورج بوش الابن وإدارته الجمهورية”.
حلّ الدولتين
من المتوقع أن يتأثر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي كذلك بتحركات بايدن المرتقبة في المنطقة، خصوصاً أن مواقفه المُعلنة تدين بشكل مُباشر التوسع في تشييد المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية.
وفي الوقت ذاته، يؤكد الرئيس الديمقراطي من خلال برنامجه للسياسة الخارجية الحفاظ على التزامات الولايات المتحدة تجاه أمن إسرائيل بشكل صارم.
وبالنسبة إلى بايدن، فإن “حل الدولتين هو الطريق الوحيد لتحقيق أمن واستقرار طويل المدى لإسرائيل، إضافة إلى كونه ضامناً لكرامة الفلسطينيين، ومصلحتهم المشروعة في تقرير المصير”.
في سبتمبر الماضي، أثنى بايدن في بيان على خطوة تطبيع العلاقات بين دولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين وإسرائيل، التي تمت بإشراف خصمه الرئيس دونالد ترمب.
وأضاف البيان أن “إدارة بايدن وهاريس (نائبته) ستستأنف البناء على هذه الخطوة، وتستثمر هذه العلاقات المتنامية في إحراز تقدم بخصوص حل الدولتين، وجعل المنطقة أكثر سلاماً واستقراراً”.
أمن إسرائيل
أستاذ العلاقات الدولية الزائر في “جامعة دنفر” الأميركية، أحمد عبد ربه، قال إنه “لا يوجد أي تناقض بين موقف بايدن من وقف بناء المستوطنات، والحرص على أمن إسرائيل في الوقت ذاته”، بل يراه “متسقاً مع سياسة أي رئيس أميركي تجاه تل أبيب”.
وأكد عبد ربه أن “أياً من رؤساء الولايات المتحدة لن يعارض خطوة مثل التي أقدم عليها ترمب بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، بل من الممكن أن يعززها بحديث دبلوماسي حول انفتاح المدينة على كل الأديان”.
وتابع: “بايدن صرح بوضوح بأنه لن يقدم على سحب السفارة الأميركية من القدس، لكن سياساته تجاه القضية الفلسطينية قد تكون أكثر اعتدالاً من ترمب، الذي أيد الحلّ الأحادي لنتنياهو”. واعتبر عبد ربه أن “بايدن سيدفع في اتجاه وجود دولة فلسطينية”.
ورأى أستاذ العلوم السياسية في “جامعة القاهرة” أحمد يوسف أنه “على الرغم من أن الحزب الديمقراطي يمرّ بتغيرات من الداخل، خصوصاً في ما يخص جيل الشباب الأقل التصاقاً بإسرائيل، إلا أن سياسة بايدن تجاه القضية الفلسطينية لن تتبدل كثيراً عن ترمب، وربما تمر بتغييرات ثانوية، لكن سياسة تسليح إسرائيل على سبيل المثال ستظل كما هي”.