ماذا يعني تحرك منظمة «العيون الخمس» السرية ضد الصين؟

يبدو أن ما تخشاه الصين يقترب من التحقق.. حرب دعائية عابرة للقارات تقودها الولايات المتحدة على خلفية الغموض الطبي بخصوص مصدر فيروس «كورونا»، الذي يجتاح العالم وكلف الاقتصاد العالمي تريليونات الدولارات وعشرات الآلاف من الوفيات.

لكن هل هناك ما هو أبعد من الحرب الدعائية؟ هذا ما تم رصده خلال شهر من التوتر، وانعكس أولاً في تقرير أمني صيني تم تقديمه للقيادة العليا في بكين، وثانياً في إجماع استخبارات «العيون الخمس»، التي تضم الدول الأنكلوساكسونية، بتلاعب الصين بمعلومات خاصة بفيروس «كورونا».

أوائل الشهر الماضي (أبريل)، قدمت وزارة أمن الدولة في الصين، تقريراً لزعماء كبار في بكين بينهم الرئيس شي جين بينغ، خلص إلى أن المشاعر العالمية المناهضة للصين وصلت أعلى مستوياتها منذ حملة ميدان تيانانمين عام 1989 حين قتل مئات المحتجين في مواجهات مع قوات الأمن الصينية.

وفي أعقاب أحداث ميدان تيانانمين، فرضت الولايات المتحدة وكثير من الحكومات الغربية عقوبات على الصين، تضمنت حظراً أو تقييداً لمبيعات الأسلحة ونقل التكنولوجيا.

ونقلت وكالة رويترز عن أشخاص مطلعين على محتوى التقرير أن بكين تواجه، نتيجة لذلك، «موجة مشاعر معادية تقودها الولايات المتحدة في أعقاب الوباء وتحتاج إلى أن تستعد لمواجهة مسلحة بين القوتين العالميتين في أسوأ سيناريو».

ولم تستطع رويترز تحديد إلى أي مدى يعكس التقييم الحاد الموصوف في التقرير المواقف التي يتخذها قادة الدولة في الصين، وإلى أي مدى سيؤثر على السياسة، إن كان سيكون له تأثير. لكن عرض التقرير يبين مدى الجدية التي تتعامل بها بكين مع التهديد برد فعل عنيف يمكن أن يهدد ما تعتبره الصين استثماراتها الاستراتيجية في الخارج ورؤيتها لمكانتها الأمنية.

ويُنظر على نطاق واسع للعلاقات بين الصين والولايات المتحدة بأنها في أسوأ مراحلها منذ عشرات السنين، مع تزايد انعدام الثقة ونقاط الاحتكاك جراء مزاعم الولايات المتحدة بعدم عدالة التجارة والممارسات التكنولوجية إلى النزاعات حول هونغ كونغ وتايوان والأراضي المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي.

وحذر التقرير من أن المشاعر المعادية للصين، التي أثارها فيروس «كورونا»، يمكن أن تغذي مقاومة لمشاريع الحزام والطريق الصينية الخاصة بالاستثمار في البنية التحتية، وأن واشنطن قد تكثف الدعم المالي والعسكري لحلفاء إقليميين مما يجعل الوضع الأمني في آسيا أكثر اضطراباً.

انقلاب الحملة الدعائية

وبينما بدت الصين مرتاحة قبل شهر، حين سيطرت على الوباء، ونالت إعجاب العالم، بدعم من حملة دعائية منظمة، فإنها تفقد نقاطاً هامة في المرحلة الحالية من التوتر. فالأسلوب الأمريكي يعتمد على التدرج في رفع نبرة الاتهامات، لإحداث التأثير المطلوب على مراحل.

ونددت هيئة التلفزيون والإذاعة الرسمية في الصين بما اعتبرته «تصريحات غير عقلانية ومعيبة» لوزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو حول المصدر المفترض لفيروس «كورونا».

وكان بومبيو قال الأحد إن هناك «عدداً هائلاً من الأدلة» على أن مصدر وباء «كوفيد-19»، هو مختبر في مدينة ووهان الصينية، مكرراً تصريحات سابقة نفتها مراراً منظمة الصحة العالمية ومختلف الخبراء في مجال العلوم.

وأما تزايد الضغوط، قد يتعين على الصين تقديم شيء ما غير خطابي لدحض ما تعتبره «أكاذيب أمريكية». وفي هذا الإطار، دعا وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، الصين إلى المشاركة بشكل شامل في توضيح منشأ الفيروس.

وخارج إطار أمريكا والصين، يكتسب النزاع اهتماماً متزايداً من الدول التي كانت تنأى بنفسها عن أي توتر صيني أمريكي. فقد كررت فرنسا على لسان كبار مسؤوليها على مدى الأسابيع الماضية، طلبها بأن تتحلى الصين بالشفافية وتكف عن استخدام التضليل الإعلامي والتأثير على ثقة الأوروبيين بمؤسساتهم.

العيون الخمس

ويبدو أن اعتماد الصين على أسلوب التقليل من شأن الاتهامات الأمريكية بخصوص فيروس «كورونا»، والسخرية من الدعاية الموجهة ضدها، بات على المحك مع اتساع التساؤلات العالمية بخصوص استجابة الصين لانتشار الفيروس في الأيام الأولى.

والسبت، كشفت صحيفة «ساترداي تليجراف» الأسترالية عن ملف بحثي لاستخبارات أمريكا وبريطانيا واستراليا وكندا ونيوزيلندا (ويُعْرَف اتحاد هذه الاستخبارات بالعيون الخمس)، وهو تحالف يوصف بأنه الأكثر سرية، تأسس في الحرب العالمية الثانية، وضم أعضاء لاحقاً خلال الحرب البادرة.

وقالت الصحيفة، نقلاً عن فحوى التقرير، إن الصين أخفت أو تخلصت عمداً من أدلة على انتشار فيروس «كورونا» في «اعتداء على الشفافية الدولية» تسبب في فقدان عشرات الآلاف من الأرواح.

ومن الشائع أنه حين تجتمع مجموعة «العيون الخمس» الاستخباراتية على قضية، فإنها إما أن تحصل على ما تريد أو تمنع الخصم من الحصول على ما يريد.

المصدر:البيان

زر الذهاب إلى الأعلى