لبنان على صفيح ساخن.. تمدّد الاحتجاجات إلى مدن جديدة
امتدت الاحتجاجات ضد سوء الإدارة وتردي الأوضاع المعيشية إلى عدة مدن في لبنان، حيث نفذ محتجون في صيدا وقفة احتجاجية أمام مصرف لبنان تنديدا بالوضع الكارثي لاقتصاد البلاد، وسط مخاوف من انفجار شعبي شامل.
وجاء ذلك فيما تجدّدت المواجهات في مدينة طرابلس في شمال لبنان بين الجيش ومحتجّين على التضخّم المتفلّت والتراجع غير المسبوق في قيمة العملة الوطنية في بلد يسعى لاحتواء جائحة كوفيد-19.
واعتلى عدد من المحتجين في صيدا البوابة الحديدية للمصرف وسط هتافات تندد بالسياسات المالية والمصرفية، وقام عدد من المحتجين بإلقاء المفرقعات النارية وقنابل المولوتوف والحجارة تجاه المبنى، ووقع تدافع بينهم وبين القوى الأمنية .
وبعد هدوء لم يدم إلا بضع ساعات في طرابلس، عاد المتظاهرون إلى الشارع ما ينذر بتجدد المواجهات بين المتظاهرين وقات الأمن، حيث جرت احتجاجات في مناطق عدة من المدينة لا سيّما في حي الميناء حيث خرّب محتجون واجهة أحد المصارف.
ويرى مراقبون إن تمدد الاحتجاجات إلى مدن لبنانية جديدة كان متوقعا في ظل تواصل انهيار العملة اللبنانية وعجز حكومة حسان دياب المدعومة من حزب الله في إيجاد حلول لإنعاش الاقتصاد المنهك.
وحذرت المصادر ذاتها من انفجار شعبي شامل في لبنان قد يساهم في مزيد تأزم الوضع وانزلاق البلاد إلى الفوضى والعنف.
وفي بيروت، نظم العشرات وضع بعضهم كمامات طبية مسيرة في أرجاء المدينة بينما كانوا يرددون شعارات ضد النظام المصرفي ويدعون لبنانيين آخرين للانضمام إليهم.
وفي الوقت الذي تكافح فيه الحكومة اللبنانية للخروج من الأزمة الاقتصادية التي تعمّقت جراء تفشي فايروس كورونا، قال مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد شينكر إن على أن لبنان أن يثبت التزامه بالإصلاحات من أجل أن يحصل على مساعدات.
واندلعت الاشتباكات إثر تردي الأوضاع الاقتصادية، حيث تجاوزت قيمة العملة اللبنانية عتبة الأربعة آلاف مقابل الدولار الواحد في السوق غير الرسمية (السوداء)، مقارنة بسعر الصرف الرسمي البالغ نحو 1500 ليرة.
ويحتج المتظاهرون على الارتفاع الجنوني في أسعار المواد الاستهلاكية وخسارة قدرتهم الشرائية مع تدهور قيمة الليرة، ويشكو كثيرون من عدم قدرتهم على تأمين لقمة عيشهم خصوصاً خلال شهر رمضان.
وبحسب تقديرات رسمية، يرزح 45 في المئة من اللبنانيين حالياً تحت خط الفقر، وخسر عشرات الآلاف مورد رزقهم أو جزءاً من رواتبهم خلال الأشهر الستة الماضية. وأقفلت مجمعات تجارية وفنادق عريقة وشركات صغيرة ومتوسطة أبوابها.
ومنذ توليها مهامها مطلع العام، أعلنت الحكومة أنها ستنكبّ على وضع خطة إنقاذية للنهوض بالاقتصاد وإجراء إصلاحات ملحة، من دون أن تُقدم بعد على أي إجراء عملي وسط تفاعل أزمة السيولة وشح الدولار.
وفاقمت إجراءات الإغلاق التي اتخذتها الحكومة منذ منتصف مارس في إطار مكافحة فيروس كورونا الذي سجل 717 إصابة بينها 24 وفاة، الأعباء المعيشية الملقاة على عاتق المواطنين. ويعدّ لبنان من أكثر الدول مديونية في العالم، إذ تبلغ قيمة الديون 92 مليار دولار، أي ما يفوق 170 في المئة من ناتجه المحلّي.
ويرى خبراء في الاقتصاد إن الحكومة لم تفعل شيئاً باستثناء تعليق دفع سندات اليوروبوند، ولم تتخذ أي إجراء باتجاه الإصلاح.
وأضافت المصادر ذاتها أن الحكومة، التي هاجم رئيسها الجمعة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بشدة محملاً اياه مسؤولية التدهور السريع في سعر الصرف، “تطرح مقاربة غير متوازنة بتركيزها على الموضوع النقدي والمصرفي، وهو ضروري جداً، لكن من دون إغفال أو القفز فوق الإصلاحات في الكهرباء والقطاعات المنتجة والمرفأ”.