كورونا.. فرصة سلام ضائعة
ضيع فرقاء الصراع في ليبيا واليمن وسوريا الفرصة التي جاء بها فيروس كورونا لوقف القتال وفرض هدنة لمحاربة الوباء، ولِمَ لا البناء عليها من أجل إرساء سلام دائم.
وعلى العكس من ذلك اختار أطراف النزاع استغلال انشغال العالم بمحاربة الوباء لتعزيز مواقعهم وتوريد الأسلحة وجلب المزيد من المرتزقة، ومِنْ أبرزهم حكومة الوفاق الليبية التي أطلقت عملية عسكرية انتهت بسيطرتها على عدد من المدن غرب البلاد، رغم أنها كانت أول من وافق على الهدنة التي دعت إليها البعثة الأممية وعدة دول لمواجهة فايروس كورونا، منتصف مارس الماضي.
وشهدت الفترة الماضية تصعيدا غير مسبوق من قبل ميليشيات حكومة الوفاق، الواجهة المدنية لتيار الإسلام السياسي في ليبيا، والتي تتلقى دعما عسكريا من قبل تركيا في خرق واضح لقرار مجلس الأمن بحظر توريد الأسلحة إلى البلاد منذ 2011.
واستعادت حكومة الوفاق السيطرة على المجال الجوي بعد أن نجحت بدعم من تركيا في تثبيت منظومة دفاع جوي ونظام تشويش لشل حركة طيران الجيش، إضافة إلى وصول أسراب من الطيران التركي المسير.
وتتعرض مدينة ترهونة، أبرز المدن الداعمة للجيش غرب ليبيا، لحصار من قبل حكومة الوفاق حيث يتم استهداف أي شحنة مواد غذائية أو طبية قادمة إلى المدينة عن طريق الطائرات التركية المسيرة.
وفي الأثناء تحاول الأمم المتحدة فرض هدنة وسط توقعات ضئيلة باستجابة أطراف الصراع، لاسيما حكومة الوفاق وتركيا اللتين تسعيان إلى استغلال الفرصة لتحقيق انتصارات عسكرية تمكنهما من المشاركة في أي مفاوضات قد تحدث من موقع قوة.
وتجاهل الحوثيون في اليمن دعوات أممية ودولية إلى وقف إطلاق النار رغم إعلان تحالف دعم “الشرعية” بقيادة السعودية عن هدنة من طرف واحد قبل أكثر من أسبوعين وتم التمديد فيها الجمعة، لمدة شهر آخر.
وكان التحالف أعلن في 8 أبريل الحالي عن هدنة من جانب واحد لمدة أسبوعين لتركيز الجهود على محاربة الوباء، لكن المعارك استمرت خلال هذه الفترة بين المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران والحكومة المعترف بها دوليا.
وتعكس مبادرة التحالف موقفه الإيجابي من دعوات إرساء السلام في اليمن، وهو ما اتضح خاصة من خلال استئناف محادثات غير مباشرة مع الحوثيين الأسبوع الماضي.
وتزامن إعلان التحالف عن تمديد الهدنة مع دعوة أطلقها المبعوث الأممي مارتن غريفيث إلى وقف إطلاق النار بمناسبة حلول شهر رمضان، غير أن مراقبين يستبعدون أي استجابة من قبل الحوثيين ويتوقعون منهم تصعيدا خلال الأيام القادمة.
وكان دبلوماسي غربي مقيم في السعودية توقع الجمعة أن يقوم الحوثيون بشن هجوم على مدينة مأرب في وقت قريب إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق، معتبرا أنّ ذلك سيكون حلقة كارثية أخرى في الحرب الدائرة باليمن.
ومن جهة أخرى تسود حالة من الترقب بعد إعلان المجلس الانتقالي عن إقامة الإدارة الذاتية وفرض حالة الطوارئ في المناطق التي يسيطر عليها في جنوب البلاد، في خطوة جاءت ردا على تلكؤ الشرعية في تنفيذ اتفاق الرياض.
ويتخوف اليمنيون من تجدد المواجهات بين قوات الشرعية، وقوات المجلس الانتقالي الجنوبي، إذا استمر الأمر على ما هو عليه، لاسيما بعد تلويح الحكومة باستخدام القوة العسكرية.
وقالت الحكومة “إننا نؤكد على قدرة أبطال وقيادة جيشنا الوطني الباسل في الدفاع عن وحدة وسلامة وسيادة التراب الوطني وحمايته من أي مخططات تستهدف النيل منه وتمزيقه تحت عناوين وذرائع واهية”، وهو ما يعني عودة إلى الاقتتال إلى عدن.
وفي سوريا، واصلت تركيا إرسال تعزيزات إلى إدلب، حيث أرسلت مطلع الشهر الحالي معدات لوجستية وهندسية عبر معبر كفرلوسين، فيما نشرت سلاحًا ثقيلًا في جبهات ريف حلب الغربي، وعززت جبهات القتال عبر نشر صواريخ.
وفي المقابل استغلت قوات النظام انشغال العالم بمحاربة فايروس كورونا لخرق اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب وسط اتهامات من المعارضة بتشجيع إيران للنظام من أجل إفشال الاتفاق الروسي التركي.
وتسعى قوى دولية لتعزيز وجودها في مناطق شرق سوريا وخاصة روسيا والولايات والمتحدة. وسيّر الجيش الأميركي صباح الإثنين، دورية عسكرية شمال مدينة الحسكة، وهو ما يندرج في سياق الإجراءات التي تتخذها القوات الأميركية لحماية قواعدها والمنشآت النفطية في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (أكراد).
وجاءت تحركات الجيش الأميركي بعد ساعات من وصول تعزيزات عسكرية روسية إلى ريف الرقة الشمالي ووسط أنباء عن محاولات روسية لاستمالة شيوخ قبائل القامشلي، في مسعى لقطع الطريق على الولايات المتحدة.
المصدر: العرب