رمضان في ظل كورونا.. تحديات وحيل تواجه الحظر

قد يكون شهر رمضان لعام 1441 هجريا الموافق لسنة 2020 هو أغرب شهر صوم في تاريخ المسلمين ، فجائحة كورونا جعلت اجتماع الناس أكبر مناسبة للعدوى بالمرض وهذا يلقي بظلاله على طقوس العبادة الاسلامية التي تقوم على الجماعة.

حلّ رمضان هذا العام، في فصل الربيع، وهو أمر يناسب الصائمين ويخفف عنهم مشاق الصوم. ويتيح رمضان للمسلمين فرصة أكبر للعبادة وللتمسك بشعائر العبادة الجماعية والإسلام من الديانات التي تحبّذ العبادات الجماعية، بل تشترطها في حالات الحج وصلاة الجمعة، لكنّ جائحة كورونا فرضت على العالم كثيراً من المحاذير، وهكذا باتت الدول العربية والإسلامية تواجه تحديات هذه الجائحة وتزامنها مع حلول شهر رمضان.

وفي المملكة العربية السعودية التي تضم أهم الرموز الإسلامية في العالم، قررت السلطات إقامة صلاة التراويح بالحرمين مع استمرار تعليق حضور المصلين، وتخفيف قيود حظر التجوال المُقرر لمواجهة فيروس كورونا، خلال أيام شهر رمضان.

وكشف بيان صدر عن رئاسة شؤون الحرمين أنه قد تقرر “إقامة صلاة التراويح بالحرمين الشريفين وتخفيفها إلى خمس تسليمات (10 ركعات) مع استمرار تعليق حضور المصلين”.

كما نقلت وكالة الأنباء الرسمية، عن مصدر بوزارة الداخلية قرارًا بتعديل الأوقات التي يسمح خلالها بالتجوال خلال رمضان.

وتثير هذه التعديلات تساؤلات بعض المسلمين، وقد تحدث المفكر الاسلامي د. خضر مِحجز ل DW عربية من غزة ورد على التساؤلات بالقول” التراويح تسمى قيام رمضان وهي سُنة مؤكدة سواء أقيمت جماعة أو فرادى في المسجد أو في البيت.

وثوابها الآن في البيت في ظل الجائحة أفضل. أما الاعتكاف فلا يكون إلا في المسجد لكن من نوى الاعتكاف في المسجد وامتنع حفاظاً على صحة الناس فله أجران، أجر المعتكف وأجر الصابر”.

وفي العراق حددت اللجنة العليا لأزمة كورونا مواعيد فرض حظر التجول في البلاد خلال شهر رمضان، كما أعلنت اللجنة العليا أن فرض حظر التجول سيكون من الساعة السابعة مساء إلى السادسة صباحا، خلال الفترة الممتدة ما بين 21 أبريل و22 مايو المقبل، لكن اللجنة أشارت إلى أنه سيتم استثناء مناطق محددة من رفع حظر التجوال، خلال شهر رمضان.

ورغم تشديد الأجهزة الرسمية وحتى المرجعيات الدينية الشيعية في النجف وكربلاء على الالتزام بالعزلة إلا أن حلول مناسبة وفاة الأمام الكاظم في شهر آذار/ مارس المنصرم شهدت خرقاً للحظر، حيث سار مئات ألوف الزائرين وتجمعوا في مرقده ببغداد، ما أثار مخاوف كبرى من تفشي الفيروس بشكل كبير، وهي مخاوف لم تتأكد بحسب المعطيات المعلنة عن السلطات العراقية في الشهر الجاري. وشهد إقليم كردستان العراق مواقف متشددة رافضة لإلغاء صلاة الجامعة واغلاق المساجد طيلة مدة الأزمة.

في السياق نفسه، قررت السلطات الأردنية تخفيف فرض حظر تجوال شامل، من يومين إلى يوم واحد، مع اقتراب شهر رمضان. وأوضح متحدث الحكومة، أمجد العضايلة، بمؤتمر صحفي، أن “ساعات خروج المواطنين خلال شهر رمضان ستكون من الساعة العاشرة صباحاً وحتى السادسة مساءً، والجمعة المقبل سيكون حظراً شاملاً”.

واستمرت ردود الفعل متفاوتة على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد غرد عزوز:


الحكومة التونسية أعلنت موقفاً مشابهاً للموقف الأردني من خلال مقابلة لرئيس الوزراء إلياس الفخفاخ، مع التلفزيون الرسمي، قال فيها إن “الحكومة قررت تمديد الحجر الصحي الشامل حتى 3 مايو المقبل، وتقليص ساعات حظر التجوال الجزئي خلال رمضان من 12 إلى 10 ساعات”.

كما شهدت مواقع التواصل الاجتماعي في الكويت، نفس الجدل بين المؤيدين لفرض حظر شامل في رمضان والرافضين له، فغرد عمار بن سعود العجمي:


وفي مصر منعت وزارة الاوقاف فتح المساجد وبث القرآن فيها في رمضان للحفاظ على الحظر بسبب فيروس كورونا ومنع تجمع المسلمين بما يعرضهم للعدوى،.

في نفس السياق، تعالت دعوات تحت شعار “بيتك مسجدك” لإقامة صلاة التراويح والجمعة والجماعة فوق سطوح المنازل للالتفاف حول أوامر المنع الصادرة عن الأزهر وعن الحكومة، وقد حذرت دار الإفتاء في بيان من تنظيم تجمعات كبيرة خلال شهر رمضان من أجل صلاة التراويح، مشددة على ضرورة البقاء في المنازل، ونشرت تغريدة على حسابها بموقع تويتر جاء فيها:


إلا أنّ حلول شهر الصيام، وما يفرضه من مشاق على الإنسان ظهرت له أبعاد أخرى في زمن كورونا، فقد ارتفعت أصوات تقول إن الصيام يُنهك الجسد، وخاصة العشرة الأخيرة منه، وبذلك يحتمل أن يواجه الصائمون مخاطر العدوى بكورونا أكثر من غيرهم.

وعلى هذا رد المفكر الاسلامي د. خضر مِحجز متحدثاً ل DW عربية من غزة ” أن المسلمين يعلمون أنّ الصيام ينهك الجسد لكنهم يعلمون أن الله يقدرهم عليه ويحميهم بفضله فهم يفضلون الصيام إلا في حالات نادرة يصر فيها الطبيب على منعهم فيمتنعون عن الصوم متألمين وينالون من الله أجرين أجر صيام تم عند الله وإن لم يحدث في الواقع، وأجر ثباتهم على حكم الله. وعلى العموم الطب يقول إن الصيام يزيد في المناعة”.


وبحسب منظمة الصحة العالمية، لم تُجر دراسات حتى الآن لمعرفة ارتباط المرض بالصيام، لكنّها أكدت أن بإمكان الأشخاص الأصحاء الصوم، لكن يُنصح المرضى بكـوفيد-19 بأخذ رخصة شرعية للامتناع عن الصوم وذلك بالتشاور مع أطبائهم.

أخطر الدعوات لتحدي إجراءات الوقاية من فيروس كورونا صدرت في باكستان، التي سجلت أعلى محاولات التجمع لأداء الشعائر الإسلامية الجماعية في العالم الإسلامي.

وحسب وكالة الأنباء الفرنسية فقد طالب أطباء باكستانيون مرموقون الحكومة بعدم السماح بتجمّع أعداد كبيرة من المصلّين في المساجد خلال شهر رمضان لأنّ من شأن هذا الأمر أن يسرّع وتيرة تفشّي فيروس كورونا المستجدّ في بلد عجزت فيه السلطات عن حظر صلوات الجماعة، مطالبين بمنع صلوات الجماعة التي يزيد عدد المصلّين فيها عن خمسة أشخاص.

زر الذهاب إلى الأعلى