عالم جديد يتشكل

لم يعد العالم كما نعرفه، ولن يكون بعد اليوم كما عرفناه خلال عقود ماضية.. لقد تشكل عالم مختلف تماماً بفضل التطورات التي نراها وهي تدمر العلاقات بين الدول، وما نشهده اليوم من تداعيات كارثة «كورونا»، دليل على أننا ودعنا عالمنا الذي كان مبنياً على التعاون في بعض مجالاته، وعلى الوحدة، كما كان حال بعض التجمعات، مثل الاتحاد السوفييتي سابقاً والاتحاد الأوروبي حالياً، وعوضاً عن ذلك صارت العداوات والمصالح تتحكم بالعلاقات بين الدول وليس التعاون والتقارب.

في السنوات الأخيرة شهدت مناطق عدة تطورات دراماتيكية كبيرة تنذر بتغير كبير في تحالفات الأصدقاء والخصوم على السواء، بدا وكأن شكلاً جديداً يتخلق في العالم بخاصة مع التوترات التي بدأت تسود أماكن عدة منه، وبالذات في منطقة الشرق الأوسط ودخول لاعبين مؤثرين في إطار الحرب على الإرهاب، كما نلاحظ ذلك في دور روسيا، الذي من خلاله يريد الرئيس فلاديمير بوتين استعادة نفوذها السابق، والذي بدأت تحمله منذ انهيار الاتحاد السوفييتي في تسعينيات القرن الماضي؛ حيث تريد أن تؤكد قدرتها على البقاء لاعباً أساسياً في المنطقة.

مع ذلك فإن الصراع القائم اليوم ينبئ عن شكل جديد من العلاقات بين الدول، خاصة مع تزايد التهديدات والتهديدات المتبادلة بين قادة الدول وزعمائها، والتي تشير إلى أن مرحلة التعاون لصالح البشرية قد انتهت وإلى الأبد، وحل محلها التنافر والتباعد، وما نلاحظه اليوم من حروب كلامية بين رؤساء الدول العظمى دليل أكبر على أن الصراع سيأخذ مدى أبعد مما هوعليه اليوم.

لقد ضرب النموذج الصيني في التعاطي مع أزمة «كورونا» التحالف الغربي في مقتل، فبعد أن كانت الكثير من الدول التي أصيبت بالوباء، كإيطاليا على سبيل المثال، تأمل بدعم أوروبي وأمريكي لمواجهته، لم تجد سوى الصين وروسيا في المقدمة، حتى أننا وجدنا صورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ترفع في بلدات إيطالية، بينما رفرف العلم الصيني في سماء صربيا، مع موقف سياسي لافت للرئيس الصربي، الذي انتقد الموقف الأوروبي بالقول: «لا يوجد تضامن ولا تكاتف في أوروبا، أنا أثق في الصين فهي الدولة الوحيدة التي يمكن أن تساعدنا، أما بالنسبة للآخرين فنشكرهم على لا شيء».

تعامل الولايات المتحدة الأمريكية باستخفاف مع أزمة «كورونا» في البداية أثبت غياب أي استراتيجية للتصدي له، بل ذهبت إلى حد تسييس الوباء من خلال تكرار وصفه ب«الفيروس الصيني» اعتقاداً منها أن ذلك يشوّه صورة الصين، لكن الأمر عاد عليها بالكارثة، وهو ما تحاول الإدارة الأمريكية التعامل معه حالياً عبر «خلية الأزمة» برئاسة ترامب ، والتي تطل على مواطنيها يومياً لتشرح جهودها المكثفة في مواجهة الكارثة.

المصدر: الخليج

زر الذهاب إلى الأعلى