تفاؤل جريفيث

هل تفاؤل المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن جريفيث بقرب انتهاء الحرب، مرده ما يدعمه من وقائع على الأرض؟ أم أن الأمر لا يعدو كونه جزءاً من موجة توقعات للحرب في اليمن، وقرب وضع أوزارها، خاصة مع ظواهر عدة؛ تعطي مؤشرات بتراجع الكثير من المواجهات في مختلف جبهات القتال، أو على الأقل تجميدها؟

في المجمل ليس هذا أول تفاؤل من نوعه يبديه جريفيث بقرب حل الأزمة في اليمن، فمنذ توليه مهامه خلفاً لإسماعيل ولد الشيخ أحمد في فبراير/شباط من عام 2018، والرجل يتحدث عن «انفراج»، و«اختراق» في مسار الأزمة والحرب؛ لكن الوقائع على الأرض كانت تناقض ذلك، فقد ظلت جبهات القتال مشتعلة في أكثر من منطقة، وكانت الكلمة العليا للمدافع والصواريخ عوضاً عن لغة الحوار، وحتى مع توقيع اتفاق السويد في ديسمبر/كانون الأول من عام 2018، فإن الحرب لم تتراجع، والمنطقة التي شملها الاتفاق لا تزال أكثر الجبهات سخونة، إضافة إلى جبهة الضالع مريس؛ وهي النقطة الحدودية بين دولتي اليمن ما قبل الوحدة.

في إفادته أمام مجلس الأمن، يوم الخميس الماضي، قال جريفيث: إن اليمن يبدو في طريقه للخروج من أزمته، متوقعاً أن يتحقق السلام في هذا البلد خلال العام الحالي، مطالباً جميع الفرقاء اليمنيين بعدم التصعيد حتى لا تتعرض المفاوضات الجارية بين القوى الإقليمية والعالمية الكبرى لانتكاسة.

وعلى الرغم من أن اليمنيين لا يزالوا يعدون السلام بعيداً، خاصة في ظل تمسك كل طرف برؤيته للحل، وما يرونه على الأرض من ممارسات تتعارض ومبدأ الرغبة في تحقيق السلام المطلوب، إلا أن العديد من المراقبين والمحللين يعتقدون أن فرص تسوية الحرب قد بدأت تلوح في الأفق، وأن عجلة الحل تتحرك وإن ببطء، خاصة مع مشاورات مكثفة تجري في الداخل والخارج مع كافة الأطراف؛ تمهيداً للوصول إلى مقاربات تمكن اليمنيين من الجلوس إلى طاولة حوار يأخذ في عين الاعتبار الوضع الإقليمي المعقد، والصراعات التي باتت تهدد منطقة الشرق الأوسط بأكملها.

ومع بدء تنفيذ «اتفاق الرياض»، الموقع بين كل من الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي في وقت سابق من العام الماضي، فإن الرهانات تتزايد على إحداث اختراق جدي للأزمة في البلاد؛ ذلك أن الاتفاق يمهد لتسوية شاملة تمكن الشرعية من استعادة دورها، وفي نفس الوقت تتيح للقوى السياسية المشاركة في الحرب التي يخوضها التحالف العربي ضد قادة الانقلاب على الدولة ومؤسساتها الرسمية في شهر سبتمبر/أيلول من عام 2014، الإسهام في إعادة ترتيب أوضاعها؛ لتصبح جزءاً من الحل لا جزءاً من المشكلة.

المصدر : الخليج

زر الذهاب إلى الأعلى