انتخاب ترامب على حافة السكين
تنذر مرارة المعركة، التي بلغت ذروتها مع قرار عزل الرئيس الأميركي دونالد ترامب بصراع أكثر دراماتيكية يحلّ على عملية إعادة الانتخاب. إنه سباق سيتّسم على الأرجح بتعبئة تاريخية لدى ائتلاف كل من الحزبين، وسيختبر مدى رقعة الرضا الممتدة حيال الاقتصاد مقابل التململ واسع النطاق إزاء سلوك ترامب وقيمه واحترامه لحكم القانون. في الواقع، قد تكون نتائج انتخابات 2020 معلقة على ما إذا كانت الرياح المعاكسة للرضا الاقتصادي تثبت بأنها أقوى من الرياح المؤاتية لمخاوف الناخبين من سلوك ترامب أو العكس.
وتتمثل الرسالة الأقوى التي يمكن أن نستشفها من صراع العزل بانقسام الأمريكيين في معسكرين معاديين، وأظهرت الاستطلاعات انقساماً متحزباً شبه تام حيال العزل، مع 90 في المئة أو أكثر من الديمقراطيين الداعمين له بمواجهة لفيف مطبق تقريباً من الجمهوريين المعارضين لحدوثه. ويكمل ذلك نمطاً من الوحدة غير مسبوق داخل الأحزاب، وانقساماً في ما بينهم، في مشهد سطّر مرحلة حكم ترامب بكل مفاصلها، وإن الهوّة القائمة بين معدلات القبول الرئاسي في أوساط الناخبين الديمقراطيين والجمهوريين لا تنفك تتسع منذ السبعينيات، لتصل ذروتها في عهد ترامب، فعلى امتداد سلسلة من الاستطلاعات، يتلقى ترامب روتينياً تصنيفات إيجابية من نحو 90 في المئة من الجمهوريين وأقل من 10 في المئة من الديمقراطيين.
في عدد من استطلاعات الرأي، شهدت تصنيفات قبول ترامب ارتفاعاً طفيفاً خلال مرحلة صراع العزل، علماً بأنها بقيت بمعدل 45 في المئة أو أقل في معظم الاستطلاعات. وقد تعكس تلك الأرقام عدم ارتياح حيال الفكرة غير المسبوقة بأن يزيح الكونغرس رئيساً من منصبه.
وتتمثل واحدة من الديناميات الأساسية لعهد ترامب بمواجهته مقاومة أكبر من ناخبين راضين عن الوضع الاقتصادي أكثر من أي من الرؤساء السابقين، ففي استطلاع أجرته شركة «كوينيبياك»، 56 في المئة ممن وصفوا الوضع الاقتصادي بـ«الممتاز» أو «الجيد»، أشاروا إلى رضاهم عن أداء ترامب العام كونه رئيساً للبلاد، في حين سجل 40 في المئة منهم عدم موافقته. بالمقابل، فإنه في العامين 2004 و2012، تسعة من أصل 10 ناخبين ممن قالوا الأمر نفسه حول الاقتصاد أدلوا بأصوات مؤيدة لإعادة انتخاب الرئيس الحاكم.
توضح مسألة العزل بعدد من الأوجه سؤالاً مركزياً يحوم حول العام 2020 ويقول، هل إن إعادة انتخاب ترامب تتمحور حول ما هو نموذجي في مدة رئاسته أو حول ما هو متفرّد بل وشاذ؟ نموذجياً، يمكن لرئيس في المنصب أن يتوقع الفوز بولاية ثانية في ظل اقتصاد قوي على هذا النحو، لذا فإن غالبية نماذج الأكاديميين المستطلعين للأمور الذين يستندون إلى العوامل الاقتصادية يرون ترامب فائزاً، إلا أنه لا يوجد رئيس آخر في العصر الحديث، سوى الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون ربما، الذي واجه مع اقتراب نهاية ولايته العديد من الشكوك المتعلقة بمدى الصدقية والأخلاقية والقيم، ولم يظهر أي رئيس آخر عازماً على استقطاب جمهور الناخبين.
ومع انتقال معركة العزل إلى مجلس الشيوخ، تبرز كل أصول ترامب إلى الواجهة، بدءاً من الحكم المطبق على الحزب، مروراً بمدى الشغف في أوساط المؤيدين، وصولاً إلى رفع مستوى الاقتصاد المتذبذب، لكن يتضح على نحو معادل عزمه الذي لا ينثني للقفز فوق القواعد السياسية والثقافية والقانونية وما تولّده من معارضة شرسة ضده، ذلك هو المزيج الذي يضع إعادة انتخاب ترامب على حافة السكين في العام 2020، بالرغم من الوضع الاقتصادي الذي قد يدفع بارتياح نحو رئيس أكثر ملاءمة للسنوات الأربع المقبلة.
* كبير الصحافيين في «ذا أتلانتيك»