الحوثيون يحرقون وثائق لتسهيل مصادرة الممتلكات

تشهد العاصمة اليمنية صنعاء عمليات نهب من قِبل الميليشيات الحوثية لأراضٍ وعقارات ومبانٍ سكنية تابعة لوزارة الأوقاف، ضمن مسلسل النهب الذي تنتهجه وتتسابق عليه، مستغلين غياب مؤسسات الدولة وآليات الرقابة والمحاسبة منذ الانقلاب في عام 2014.

ومن موقع سيطرتها على مؤسسات الدولة تستغل قيادات حوثية مواقعها الوظيفية واستقوائها بالسلاح في نهب أراضي المواطنين بمزاعم عدة سواء كانت من ممتلكات المواطنين أو تابعة للدولة ووزارة الأوقاف.

وبسطت الميليشيات سيطرتها على مساحات واسعة من أراضي الدولة اليمنية منذ انقلابها على السلطة قبل قرابة 5 أعوام، ولجأت إلى إحراق الأرشيف الوطني التابع لوزارة الأوقاف في صنعاء، بهدف طمس جرائم نهب الأراضي والعقارات وتسهيل عملية النهب والسطو عليها، ونقل ملكيتها إلى قيادات ونافدين وموالين للجماعة

وترفض قيادات الميليشيا تطبيق النظام المحاسبي الموحد على إيرادات ومصروفات الأوقاف والوصايا والترب واستخدام دفاتر التحصيل القانونية، واستمرار قيامها بتحويل المبالغ المحصلة إلى حسابات وهمية تتبع المشرفين الحوثيين خصوصاً القادمين من صعدة.

ويستخدم التنظيم الإرهابي أجهزة الدولة لشرعنة عمليات النهب والسطو على الأراضي، مثل وزارتي الأوقاف والعدل، إضافة إلى سيطرتها على القضاء واجبارها القضاة على إصدار أحكام وتمليك أراضي تابعة للدولة ونقلها بأسماء مشرفين من الجماعة وتحرير وتزوير وثائق تشرعن هذا الأمر.

وعبر مافيا نهب الأراضي تعمل الجماعة على تضييق الخناق وتطفيش الملاك والتجار بهدف إجبارهم على بيع ممتلكاتهم لصالح سماسرة ومعاونين يتبعون قيادات حوثية بارزة.

مساكن الأوقاف
وفي مجال مساكن الأوقاف أخلت الميليشيات سكانا كثرا من منازلهم وتجارا من محالهم التي استأجروها من الأوقاف، وأمهلت المستفيدين من عقارات الأوقاف بأمانة العاصمة عشرة أيام لإخلاء المنازل والمحال التجارية التابعة للأوقاف، وما لم يحدث فسيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة والصارمة في حق المخالفين. وسبق للجماعة أن طردت عددا من المستفيدين من الأعيان المستأجرة، وقامت بتأجيرها لأشخاص يديرون أموال القيادات الحوثية من جهة، وبيعها لنافذين وشخصيات موالية لها من جهة ثانية.

وتنفذ فرق ميدانية حوثية حملات ميدانية لإجبار المستفيدين على إخلاء المباني والمنازل والمحال التجارية العائدة تبعيتها لوزارة الأوقاف وتسليمها لموالين لها للتصرف بها، حيث أغلقت أخيراً وعبر حملاتها المنظمة أكثر من 22 محالا تجارياً، وطردت قرابة 18 أسرة من منازلهم في صنعاء القديمة.

النهب يعم مناطق سيطرة الحوثيين

وصرفت جماعة الحوثي عشرات الأراضي المملوكة لمكاتب الأوقاف في العاصمة صنعاء وإب لصالح مشرفين تابعين لها، ونقلت ملكية عدد من قطع الأراضي التابعة للأوقاف في تلك المناطق لصالح المشرفين في المحافظة، كما صرفت عشرات الأراضي المملوكة لمكتب الأوقاف بالمحويت لصالح مشرفين حوثيين، وكذلك الحال في محافظة إب، حيث يؤكد مواطنون أن جماعة الحوثي توفر الغطاء اللازم لعصابة نهب أراضي المواطنين وبتواطؤ من السلطة المحلية بالمحافظة.

وفي ذمار أقدمت عناصر في جماعة الحوثي على نهب عشرات الأراضي التابعة للمواطنين، تحت ادعاء أنها تابعة للأوقاف، في محافظة ذمار، فيما يؤكد مواطنون أن الأراضي خاصة بهم ولا علاقة لها بالأوقاف وهناك وثائق تثبت ذلك.
وفي محافظة عمران تشهد أراضي الأوقاف، عمليات نهب واسعة من قبل قيادات في جماعة الحوثي، والتي قامت أخيرا بتمليك أراضي تقع في محيط اللواء 310، لصالح قيادات ومشرفي الجماعة.

تصرف قانوني
ويؤكد القيادي الحوثي محمد حمود سنان لـ”اندبندنت عربية”، “أن أي تصرف من قبل حكومته في أوقاف صنعاء قانوني، ويتم في إطار الصلاحيات المخولة لها لتنظيم شؤون الأوقاف، وتحسين موارد الدولة التي تعاني من حصار وشحة في الموارد”.

وأضاف، “تقوم وزارة الأوقاف في صنعاء بصلاحياتها القانونية ونظمت حملات لمراقبة عقود المنتفعين من الأعيان المؤجرة، كما أنها عملت على استعادة بعض الأراضي والعقارات التابعة للأوقاف التي كانت منهوبة من قبل المواطنين، إضافة إلى أنها قامت بمحاسبة بعض المخالفين حتى ولو كانوا محسوبين على الجماعة وثبت تورطهم في عمليات بسط أو نهب لأي من عقارات وأراضي الدولة والأوقاف”.

ونفى القيادي الحوثي إحراق أي وثائق تتعلق بعقارات وأراضي الأوقاف، مؤكدا أن الحريق التهم وثائق خاصة بقطاع الحج والعمرة التي كانت في أحد الغرف بالدور الأول في الوزارة، وتم توقيف ضابط أمن الوزارة والأفراد الموجودين في المبنى أثناء الحريق.

وثيقة من وزارة الأوقاف اليمنية تحظر التصرف بالأراضي والعقارات التابعة لها

الاعتداء على الوقف من الكبائر

بالمقابل يؤكد وزير الأوقاف والإرشاد في الحكومة الشرعية الدكتور أحمد عطية، “أن الأراضي تابعة لوزارة الأوقاف قانونا وفق عملية منظمة تضمن توزيعه بحسب المصلحة العامة وبأمر قضائي، وبالتالي فإن الاعتداء حتى ولو على جزء بسيط من هذا الوقف يعتبر جريمة قانونا، وكبيرة شرعا”.

واعتبر” تصرف جماعة الحوثي بالأوقاف الخاضعة لسيطرتها اعتداء كبير وجسيم لا يسقط بالتقادم، والحقيقة أن هذه المليشيات قد أوغلت في استغلال سلطتها القهرية بجلب الأموال لصالحها بكل الطرق غير المشروعة، وما الأوقاف إلا إحدى الوسائل لتضخيم ثروتها، مستغلة سلطتها القهرية، خاصة أن أكبر المدن التي تسيطر عليها في أجزاء كبيرة منها أوقاف ناهيك عن الأوقاف في الأرياف والمنقولات والعقارات”.

وأوضح عطية “أن مقر الوزارة مُحتل من قبل جماعة الحوثي، منذ أكثر من خمس سنوات بعد انقلابها على الدولة والسيطرة على مؤسساتها، وبالتالي فإن الأرشيف لا يزال في صنعاء لكل الأوقاف في اليمن بما فيها التي تخضع لسلطة الشرعية ولم نتمكن من الحصول على الوثائق في الأرشيف المركزي”.

وأفاد “أن وزارته ترصد كل الانتهاكات، وتعتبر كل ما تقوم به الجماعة الحوثية من تصرفات في الأوقاف باطلا باعتبارها سلطة مغتصبة، وغير شرعية، كما أن كل المعاملات باطلة”، ويؤكد “أن كل من ثبت تورطه باستغلال الأوقاف أو تعامل شراء وبيعا وما شابهه، سيتم إحالته للمحاكمة، فصنعاء ليست ملكا لهم ولا حصرا عليهم (الحوثيين)، والدولة الشرعية هي الباقية، وحتما ستعود كل مؤسسات الدولة إلى الدولة”.

وناشد المجتمع الدولي والمنظمات الدولية الفاعلة والمؤثرة، ممارسة الضغط على هذه الجماعة، وايقاف عبثها بأملاك الأوقاف واتلاف الأرشيف والعبث به، وحصلت “اندبندنت عربية” على وثيقة عبارة عن قرار صادر عن وزير الأوقاف والإرشاد منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي يحظر فيه التصرف بأموال وعقارات الأوقاف التي تقع تحت الولاية العامة بأي نوع من أنواع التصرف، سواء بالإيجار أو البيع والمناقلة إلا بقرار من الوزارة وفي التصرفات النافعة حفاظا على أموال الوقف. واعتبر القرار أي تصرف في أموال الأوقاف في جميع المحافظات الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي باطلا وفي حكم المعدوم”.

وفيما عدا التصرفات النافعة والمتمثلة في الدفاع عن أموال الأوقاف العامة، فقد أكد القرار على إحالة كل موظف عام قام بإجراء أي تصرف من التصرفات في أموال وعقارات الأوقاف العامة إلى نيابة الأموال العامة، كما اعتبرت من قام بوضع اليد على أموال وعقارات الأوقاف في جميع المحافظات اليمنية في حكم المغتصب ويحال إلى النيابة العامة وفقا للقانون.

المصدر: اندبيندنت عربية

زر الذهاب إلى الأعلى